الصالون الادبي بفضاء «كارمن»: تجتمع الكلمة و الموسيقى لبناء وطن «لا تعرج فيه ضحكات الاطفال»

تؤمن بأهمية الكلمة وقدرتها على التغيير، تسعى الى لمّ شمل الشعراء و الكتاب والرسامين

وكل الفنانين في فضاء ثقافي للنقاش بخصوص الكلمة و الكتابة، تعود بالذاكرة الى الصالونات الادبية والنقاشات التي تقوي قدرة الناقد على النقد و تقرّب المواطن من المثقفين، هي الاعلامية سماح قصد الله التي تقدم الصالون الادبي بفضاء «كارمن».
في موعده الثاني كان اللقاء شعريا موسيقيا، لقاء الكلمات الثائرة والموسيقات الممتعة، لقاء جمع الشاعر كمال بوعجيلة مع مجموعة موريسكاس لسامي دربز بحضور ثلة من اوفياء الصالون من الشعراء على غرار فاطمة بن فضيلة والثريا رمضان وعواطف الرياحي و احمد شاكر بن ضية وأحمد ومجموعة من عشاق الكلمة تجمعهم سماح قصد الله مساء كل جمعة في المقهى الثقافي لفضاء كارمن.
موريسكاس موسيقى الموريسكيين وصوت الحق
جميلة هي النوتات الموسيقية لذيذة لذة غرناطة وساحرة سحر قصورها ومبانيها، ممتعة متعة جلساتها الموسيقية وقصائدها واغانيها، بهية بهاء ولادة بنت المستكفي و مشوّقة كما حكاياها وتاريخها المخفيّ خلف ابوابها الساحرة، الرحلة الموسيقية تكون إلى غرناطة، إلى شارع الحمراء الى حكايا المضطهدين و المظلومين ممن شرّدوا لاختلافهم اللغوي و الديني الى من ماتوا لاجل الكلمة لاجل الوطن و الارض يغنّون اجمل القصائد باللغتين العربية والاسبانية.
صوت العود الرنان يحوك أجمل النوتات وارقّها، الفنان سامي دربز يعلن ان لا حدود للموسيقى،، يغوص في التاريخ ينفض الغبار عن ذاكرة الموريسكيين المنسية يترجم قصائدهم وحكاياهم ليغنيها باللهجة التونسية ولحن اسباني ممتع تتماهى الكلمة مع اللحن حدّ الشعور انك تتجول في شوارع غرناطة الساحرة.
اما الكمان فينطق باسم المفقرين المشرّدين، موسيقاه عنوان للوعة فراق الأرض هي انين عايشة وفاطمة وموريان اللواتي خيّرن البقاء في غرناطة والتمسك بالأرض فسرق حقهن في الحياة كما تقول الاغنية التي افتتحت بها مجموعة «موريسكاس» جلسة الصالون الادبي الذي تقدمه الاعلامية سماح قصد الله في فضاء كارمن.
موريسكاس مجموعة موسيقية يشرف عليها الفنان سامي دربز، في الصالون كانوا يلبسون الاسود مع الحزام الاحمر كما مصارعي الثيران في اسبانيا، الاسود لون لوجع وفراق الارض اما الاحمر فلون الدماء التي اريقت، دماء الموريسكيين الذين رفضوا مغادرة وطنهم فقتلوا فقط لأنهم تمسكوا بأرضهم، لهم يقدم سامي دربز والمجموعة الموسيقية مجموعة من أغانيهم نبش في التراث عن قصائد لحنها وغناها مع اصوات متميزة مثل سلسبيل و ايمان وملكة.
«في الصالون الادبي امتعوا الحضور بحكايا الموريسكيين وقصصهم، قدموا الحان موسيقى الفلامنكو ونغمات تونسية، قصائد باللهجة التونسية مترجمة عن الاسبانية واخرى حافظوا فيها على الكلمة الاصلية لان الموسيقى قادرة على تجاوز الحدود اللغوية، غنوا حلموا ورافقهم الجمهور في اجمل النغمات بالرقص و الانتشاء بسحر العود ومتعة الكاخون والآلات الايقاعية الاسبانية وسحر صوت سلسبيل الذي انساب انسياب مياه انهار الحدائق الاندلسية الغنّاء.
و «موريسكيات» هو مشروع فني غنائي جديد للفنان سامي دربز يحمل في طياته أسرار تاريخية من خلال نصوص و أعمال موسيقية نادرة من عمق الموروث الموريسكي الاندلسي مرورا بحقبات تاريخية معاصرة مرتبطة بالجيل الحالي فكريا وفنيا . وقام بتنفيذ هذا المشروع ثلة من خيرة شباب وادي الليل الذين آمنوا بالبحث الموسيقي والانفراد وفي لقائهم مع الجمهور اثبتوا انّ الموسيقى صوت الصادقين هي صوت الحق الصارخ بالحرية والارض.
كمال بوعجيلة الانسان والساحر بالكلمة
الشاعر الانسان، شاعر ملتزم بقضايا الشعر و الإنسانية يكتب ليدافع عن الكلمة، عن الشعر عن حقوق الانسان وعن وطنه، جنوبيّ الهوى، ابن تطاوين الجميلة فيها تعلّم حبّ الكلمات ولازال الى اليوم «بيقرى الشعر» لازال ينطق «الباء» قبل كلامه محافظا بذلك على لهجته المحلية رغم عيشه لسنوات طويلة في فرنسا.
كمال بوعجيلة الشاعر الرافض للانتهازيين، الشاعر الذي كلّما كتب قصيدة الاّ وأنساك ما سبق، مثقّف عضوي ومدافع شرس عن الانسان في قضاياه، يكتب لخلود الشعر و يخبرك أنّ الشعراء خالدون عكس السياسيين فيقول:

شربنا
مثلما الله يريد
وتسكعنا طويلا مثل كل الانبياء
غير أنا
حين لم نلق صديقا واحدا
يحفظ آياتنا
التحفنا صرد الليل
ونمنا صامتين...
من قديم
لم يكن للشعر أهل... ولا سكن...
و لا نديم ... ولا كأس ... ولا وطن
فأحتمي باللغة العذراء
من بطش السنين
سيموت الرؤساء
والملوك
والسلاطين جميعا
ويظل الشعر حيا
في حكايا العاشقين

كمال بوعجيلة لا يكتفي بالدفاع عن الشعر والشعراء، هو نصير المرأة ونصير الحب، يكتب بكل صدق ولكلماته وقع السحر على القلوب المستمعة، يدافع عن الحب ويدعو جميع الرجال ليكونوا صادقين ويعاملوا المرأة بكلّ حب ويقول « إذا لم تجد ما تقول:

لامرأة افرغت قلبك
من هوس صادق..دائم..
لذيذ..ومبتكر..بالنساء...
قل:دفع الحب ما كان اعظم
وإن للحب وإن إليه راجعون...
كما تعود الطير لاوكارها
والفصول لعاداتها
واعتذر للنساء

شاعر متمرّد كلماته ثائرة رافضة للموجود، يكتب بلغة موجعة احيانا امام الوطن لا يهاب الاحزاب ولا صراعاتهم، للوطن كتب اجمل الكلمات، وفي الصالون الأدبي قال عن الوطن الذي مزقته افكار الأحزاب وتجذباتهم السياسة:

نهضةٌ ساقطة
نداء بلا مئذنة 
جبهةٌ تهدِم أسوارها
بمحض إرادتها 
حراكٌ بلا حراكٍ
تيارات بلا بوصلة
والبلاد تائهة في غبار المذلة والمحرقة
وضاع صوت بلادي

جمع من محبي الشعر اجتمعوا ليستمتعوا بسحر كلمات الشاعر كمال بوعجيلة، ذاك الشاعر الثائر والمثابر لأجل الكلمة، استمعوا بانتباه لسؤال الشاعر وهو يقول: لماذا في وطني يعلو الاذان؟

لمّا تتسع القصور
ويموت الناس من برد وجوع وتعب
ومتى طال الرّدى
رفعوا الايدي الى الله
طلبا للمعجزة؟.
في الصالون قرأ بوعجيلة من أجمل الكلمات، تماهى مع الموسيقى وصاحب مجموعة «موريسكاس» ليقدموا للحضور اجمل المشاهد، مشهدية اتحدت فيها الوسيقى الاسبانية مع كلمات تعبر عن الرفض والثورة والتمرد.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115