أيام قرطاج لفن العرائس: العرائسية جيهان اللجمي، تونسية مبدعة ومتمسكة بهويتها

ساحر هو اللقاء مع العروسة، ممتعة هي الألوان والأشكال المختلفة، الدمية تناديك لتراقبها

عن قرب تحاول لمسها واكتشاف مما صنعت وربما تبحث حولها في الوانها وشكلها، الدمى العملاقة تطلب منك مزيد الوقوف حذوها ربما ستستمد منها قوة وأنفة فهي شامخة دوما.
أما العرائس صغيرة الحجم فستشعرك بشحنة عجيبة من الحب تجاهها شحنة من حب طفل صغير يسكنك ابدا، لأسبوع والعرائس بكل احجامها تزين بهو المركز الوطني لفن العرائس وقاعة الاوبرا و ساحة المسارح و قاعة المبدعين الشبان، عرائس متباينة ربما أجملها تلك التي ذات المسحة التونسية البارزة وهي للمبدعة جيهان اللجمي.

الدمية عنوان للهوية أيضا
هنا بهو ساحة المسارح بمدينة الثقافة، دمى عملاقة تشد انتباهك ايها الزائر، دمى اختلفت شخصياتها بين رجالية ونسائية، فهذا عجوز بالجبة التونسية والشاشية الحمراء اللون على محياه ابتسامة كما ابتسامة الشيوخ الحكماء هو الشيخ كلوف، قبالتهم دمية لامرأة مسنّة تلبس الحرام وتضع على رأسها «الفولارة» التقليدية و «الحزام» بألوانه الزاهية يزين خصرها، صانعتها تركز جيدا على التفاصيل فالوشم يزن الذقن ومكتوب حرف التاء الامازيغي الذي يرمز الى الانوثة، قرط الاذن في شكل «خرس» الذي تلبسه الجدات، مريول «فضيلة» بلونه الازرق والابيض مع الحرام البرتقالي والتخليلة.

ثالثة لشابة جميلة بلباس تقليدي عصري تحديدا «الفرملة والكدرون»، رابعة لعازف الطبلة بلباسه الابيض الطويل والشاشية الحمراء، خامسة لبوب مارلي بالفرملة التونسية مع شعار الامازيغ، خامسة لانشتاين يلبس الجبة التونسية، وهذا البوسعدية بكل ألوانه يتماهى مع بقية العرائس ليخبرك عن حكايا الزنوج في هذه الارض، البوسعدية مبتسم وكانه متيقن انه سيجد ابنته في قلب كل محبي الحق، اما خالتي حليمة فتلبس الملية السوداء اللون وتزين صدرها بالتخليلة والخمســـة التونســية شخصيات بعضها من الواقع واخرى من الخيال مثل امي السيسي وحفار القبور جميعها تلبس التونسي.

تونسيـــــة اللباس والصناعة، اينما شاهدت الدمية ستعلم أنها امازيغية الروح بربرية الهوى تونسية الانتماء فالدمية ليست شكلا وإنّما تنطق برسالة. الدمية عندي عنوان للهوية والدمية مرسال ليعرف الاخر تراثنا وحضاراتنا، «اكسو الدمية بالاكسسوارات التونسية ليعرف الآخر أنها تونسية ويكتشف ما يميز اللباس التونسي عن غيره» كما قالت جيهان اللّجمي صانعة الدمى فالدمى المعروضة باسم «الكاهنة» جميعها تخبر الزائر ان تاريخ هذه الارض قديم جدا، يخبرك ان هذه الارض امازيغية الروح وقبل الفتح الاسلامي هناك حضارات اخرى مرت من هنا وتركت بصمتها، تخبرك ان المرأة التونسية شامخة ابدا كما تلك الماسكوت (الدمية التي يدخل داخلها شخص ما لتحريكها)بلباسها التقليدي التونسي الجميل الموشى بكلّ الوان الحياة.

تونسية حدّ النخاع والدمية «لقشة» من الروح
تنهمك في اقتطاع الورق وإرشاد المتفرج الى كيفية تركيب الشكل الخارجي للدمية، تشير بيديها احيانا ليقلدها ومرات تكتفي بتوجيهه عن بعد، اطفال يحاولون تقليدها وصناعة عروسة تمثلهم بأشكال والوان يختارونها، في مدينة الثقافة تحديدا في بهو قاعة الاوبرا، جلست خلف الطاولة وأمامها اكوام من الاوراق والألوان جميعها تحيل الى الزي التقليدي التونسي وبعد ساعات من النقاش والتقطيع وإلصاق الاوراق والخيطان تكون النتيجة دمى تونسية الروح بعضها من الحكايا الشعبية واخرى من المخيال الجماعي دمى حكاياها مختلفة اختلاف ألوانها ولكنها تشترك في جلب انتباه المتفرج ليتجول ويلامس جمالها وبقلبها يعايش سعادتها «فالعروسة كما الطفل الصغير تأخذ الكثير من روح صانعها لذلك تشعرك انها حقيقية ومليئة بالحياة» كما تقول جيهان اللجمي.

جيهان اللجمي صانعة الدمى تونسية الروح والانتماء، بدماها تعبر عن هذا الوطن وتاريخه خرّيجة فنون جميلة بصفاقس تحديدا حرف وفنون، مغرمة بالعمل على التعريف بالموروث التونسي في اللباس والاكسسوار وحكايتها مع الدمى كما تقول انطلقت منذ الطفولة لأنها كانت تخيط ملابس دماها ثم بدأت تصنعها ولانها تعشق بسمة الاطفال بدأت في صناعة الدمى التي تشعر الطفل بالفرح لانها تعمل بشعار «فرحتهم تسرنا وضحكتهم تدفئ قلوبنا» ومعاهم تعيش وتكبر الطفولة الي فينا على حدّ قولها.
جيهان اللجمي مبدعة بدميتها تحمل رسائل عن الهوية والتاريخ «اختارت إسم الكاهنة لأنه يعبّر عنّا يعبّر عن تاريخ هذه الارض ويجمعنا، إسم يحيل الى الشجاعة والشموخ والتمسك بالارض» وعن سبب الاهتمم باللباس التونسي تقول « تلك هويتنا، اللباس التقليدي التونسي محفور في ذاكرتي ومن واجبي الدفاع عنه بالدمية التي اصنعها واكسوها، الخمسة والتخليلة جزء منّا ومن موروثنا».

جيهان اللجمي كطفلة صغيرة تلاعب الدمى وتلاعب الاطفال في الورشة، يسمونها «باعثة السعادة» وتجيب «انني ابحث عن السعادة في العيون الصغيرة و الوجوه البريئة» اللجمي مبدعة تعشق الحرفة وبالدمية تحدثك عن تاريخ هذا الوطن فالدمية «لقشة مني» كما تصفها، تونسية ومدافعة شرسة عن هويتها وتراثها تونسية حدّ النخاع تؤمن ان «تونس ولاّدة».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115