مسرحية «ماما غاليا» من الكويت ضمن أيام قرطاج لفن العرائس بدار الثقافة ابن رشيق: المسرح تأريخ ومصالحة مع التراث

ممتعة هي حكايات الدمية، ساحرة حركاتها وكيفية اقناعها للمتلقي من الأطفال نصف ساعة

من الحلم نصف ساعة من اللقاء مع اللهجة الكويتية نصف ساعة حدثتنا فيها الدمى عن الكويت عن تراثها عن الغوص في التراث الكويتي وعن الفرق بين الاجيال وحوار بين الماضي والحاضر.
نصف ساعة قدمت فيها مجموعة مسرحية «ماما غاليا» نبذة عن مهنة الغوص وتاريخها وهي من اشهر المهن التي ميزت الكويت فالبحث عن اللؤلؤ كان ميزة غواصي الكويت مهنة بدأت في الاندثار تدريجيا وبالدمى حدّثوا الاطفال عنها وعن تفاصيلها.

المسرح للتاريخ والتذكير
موسيقى تقليدية مستوحاة من التراث الكويتي تتغنى بالبحر والبحارة وحكاياهم، صوت الموج يبدو وكأنه حقيقي يتلاطم ربما يعبر عن الغضب ربما يهيئ الطفل المتفرج ليغوص في خبايا الحكايا، اغان تتغنى بالبحر باليد التي لا تصفق لوحدها تطلب الحماية وتنقل الحضور الى ظهر السفينة وكلمات (مول مول خير يا الله على التالي والأول)، و(لا إله إلا الله رزق اليوم أخذناه ورزق باجر (غداً) على الله وهي العبارات التي يرددها الغواصة حين يخرجون من الماء.

يصمت صوت الموج، تضاء القاعة تدريجيا، طفلان صغيران يتناقشان بخصوص معلومة تلقياها في المدرسة عن الابحار والغوص يكون مرة او اثنتين في العام، ببراءة الاطفال تتناقش الدميتان حول المعلومة تختلفان ليكون المنقذ الجدة «ماما غاليا» التي ستكون دليلهم ودليل الطفل المتفرج ليعرف خبايا الغوص والبحث عن اللؤلؤ وتاريخه في الكويت.
تجلس ماما غاليا وتطلب من الطفلين الجلوس وتخبرهم ان الكوييتيين ارتبطوا بالبحر منذ القدم لأنه كان مصدرا اساسيا لكسب الرزق للتجارة و البحث عن اللؤلؤ، وهي مهنة تميز الاجداد وكان البحر متجههم قبل اكتشاف النفط.

يسألها الصغير عن موسم الغوص مرة او اثنتين فتجيبه مع ضوء خافت وكأنها تسترجع حكايات الماضي موسم الغوص للبحث عن اللؤلؤ يبدأ منذ شهر ماي إلى سيبتمبر من كل عام، وتبلغ مدة الغوص الكبير أربعة أشهر. وينتهي هذا الموسم في 22 سيبتمبر، حيث يتساوى الليل والنهار ويكون البحر بارداً، وتسمى نهاية الغوص «القفال».
في حكايا «ماما غاليا» نعرف أن للكويتيين علاقة مميزة مع البحر وان رحلات الغوص كانت في كل «ديرة» و الرحلة تسمى «الدشّة» ويوجد في الكويت عدد كبير من تجار اللؤلؤ ويسمون «طواش» يبيعون اللؤلؤ في الهند ليعودوا محملين بالتوابل في اطار التبادل التجاري فالبحر كان مصدرهم الاساسي للحياة والرزق.

المسرح مطية للتعليم
ساحرة هي الموسيقى وممتعة كلمات الاغاني رغم صعوبة اللهجة الكويتية ولكنها كانت ممتعة، يختلف الديكور، ترتفع اصوات الموج وتتلاطم فالجدة تستحضر حكاية «العزّال» لانها ستدخل في تفاصيل عملية الغوص وهي تقدم الحكاية للاطفال، تصبح الموسيقى حزينة تفتت الروح حزن ارملة فقدت زوجها في غياهب البحر.
تتحدث الجدة عن رحالات الغوص وتخبر الطفلين ان الرحلة تتكون عادة من ثلاثة مراحل وهي:

الخانجية «بنطق الجيم شين» وهي المرحلة الأولى لبداية الغوص وتبدأ في نهاية فصل الربيع في 4 أبريل ، حيث تبدأ السفن الصغيرة في الخروج والغوص بالقرب من السواحل ، وتعود حصيلة الغوص للغواصين.
اما المرحلة الثانية فهي الغوص اي تغوص السفن الكبيرة في المياه العميقة، اما المرحلة الثالثة فاسمها «الردة» اي العودة مرة اخرى و تبدأ بعد انتهاء موسم الغوص الكبير في اواخر شهر سيبتمبر وبداية اكتوبر عندما تنخفض درجات الحرارة .باستعمال عدد اقل من السفن الكبرى لتكون المرحلة الاخيرة هي «ارديدة» وتكون في نوفمبر وعادة ما يكون عدد السفن قليلا جدا ويكتفي الغواصة بالبحث عن المحار في السواحل القريبة.

وسط ذهول الطفلين اللذين يصفان الجدة انها اكثر علما من «ناشيونال جيوغرافيك» تضيف ماما غاليا مع موسيقى هادئة ان اللؤلؤ في الكويت يسمى «إقماش» واللؤلؤة الواحدة تسمى «إقماشة» حينها تتحرك الدمية الى الخلف ومن خلال تقنية خيال الظل يظهر على الشاشة رجل وامرأة يحدثانها عن رحلة الدشّة وكيف سيأتيانها بإقماشة كاملة.
تتغير الموسيقى، يتغير لون الضوء فلمسرح العرائس تقنيات مميزة وللسينوغرافيا دورها في الابهار أيضا والموسيقى والضوء جزء لا يتجزأ من العملية الابداعية العرائسية، وسط موسيقى حزينة تسأل الطفلة عن معنى «العزّال» حينها تحزن العجوز وتعود الى ذاكرتها عبر تقنية خيال الظل اخر لقاءاتها بزوجها الذي اخبرها أنه يذهب هذه المرة عزّال بمعنى اخر

مرة يذهب الى الغوص.

لتنتهي الحكاية وسط ذهول الاطفال من جهة وسؤال الجدة عن سبب اهتمام صغار الحاضر بحكايا الماضي، وبذلك تكون مسرحية ماما غاليا الكويتية درسا في «الغوص» درس في تراث الكويت ومحاولة لتقديم معلومات تاريخية عن ثقافة دولتهم وحكايا اجدادهم بطريقة سلسة ومبسطة يقبل عليها الطفل ففي المسرحية تماهت الدمية مع السينوغرافيا وتقنية خيال الظل لتقنع الطفل بالحكايا لان مسرح العرائس قناة اخلاقية وتربوية وللدمية القدرة على اقناع لطفل وتوجيهه.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115