عرض «تنقمة» لرياض الزاوش: في مهرجان ليالي العبدلية: السطمبالي... صرخات الحرية التي لن تخفت ...

موسيقى الحياة موسيقى التمرد موسيقى الصراخ ضد كل اشكال الظلم والعبودية، السطمبالي او صرخة المستضعفين وشجن الاصفاد و حديث الاغلال

موسيقى ملونة كما تلوينات المجتمع التونسي هي جزء من هوية هذه الارض جزء من موروث موسيقي جماعي لازال يقاوم الاندثار ولانه جزء منّا من هويتنا الموسيقية وذاكرتنا الجماعية راهن عليه رياض الزاوش وابدع في تقديم هذه الموسيقى.
في فضاء العبدلية الكبرى انتشى الحضور برائحة البخور و موسيقى السطمبالي في عرض «تنقمة» للفنان رياض الزاوش صحبة مجموعة موسيقية تميزت بعشقها للسطمبالي وابداعها في تقديمه في التظاهرات والمهرجانات.

السطمبالي... موسيقى التمرّد
ألوانهم تبعث في الروح التفاؤل، أزرق وأخضر وأحمر وبنفسجي وكل الالوان الجميلة، الطابع التونسي تقريبا يبدو في ملابس كل العازفين، النساء بمريول فضيلة و التقريطة بالوانها الزاهية، الركح زيّن بالكليم و المرقوم والمفروشات تونسية الروح والانتماء، قناديل صغيرة «فنارة» زادت الركح بهاء، شموع تضيء المكان وموسيقى تنبعث في كل الفضاء.

صـوت الشقاشــق يعلن عن انطلاق الرحلة الموسيقية، صوت اصفاد السلاسل والاغلال هو ميزة موسيقى السطمبالي موسيقى العبيد الذين كتبوا من عذابات العبودية وآلامها نوتات حرة ومتمردة فالسطمبالي هو صوت صرخات العبيد المحمّلين قسرا من افريقيا الى اسواق النخاسة في أوروبا وأمريكا أغلالهم تكتب نونات موسيقية وعذاباتهم حوّلت الى اصوات جد ممتعة موسيقى تبعث فيك السؤال و الصراخ لأجل الحياة.

الشقاشق يصاحبها صوت الطبلة القوي وكأنه صرخة الحياة الأبدية وصرخة التمرد المستديم، الى جانبهم تلك الالة الهادئة صاحبة النغمات الحزينة القمبري الة وكانها صوت للقلب في نبضه وخوفه من الغد المجهول والقمبري من اساسيات موسيقى السطمبالي.

السطمبالي في تونس جزء من الهوية الموسيقية المختلفة للبلاد، فنّ له رواده وجمهوره فنّ لا يدرس في معاهد الموسيقى وانما يتم توارثه، فن يري البعض انه مقدم على الاندثار لتراجع الفرق المهتمة به وفي ليالي العبدلية اثبت الزاوش انه حارس لهذه الموسيقى يحميها من الضياع من الذاكرة والموروث.

وفي الدراسات الانتروبولوجية عن موسيقى السطمبالي تقول الباحثة هاجر الزحزاح، وهي باحثة في التاريخ والأنتروبولوجيا بجامعة «9 أفريل»، تقول في بحث لها نشر أخيراً تحت عنوان «الثقافة الزنجية في تونس: دراسة حالة السطمبالي» إن «موسيقى السطمبالي تبدأ مع ولي صالح اسمه سيدي سعد، يعود أصله إلى مدينة بورنو شمال شرق نيجيريا، وقد جـاء إلى تـونس في القرن الـ 13 عبر أثرياء وإقطاعيين أتراك يبحثون عن تطوير تجارتهم مع الدولة الحفصية حديثة العهد بتونس آنذاك، ويوجد مقام سيدي سعد جنوب العاصمة التونسية تونس».

وتضيف في بحثها إن ملحمة الشجاعة جعلت من سيدي سعد ولياً صالحاً، وتدور الحكاية حول تضحية هذا الولي بحياته من أجل أصدقائه القادمين معه (سيدي فرج وسيدي حلاب وسيدي بوسعيد)، وذلك خلال صده لعنف أحد الإقطاعيين المسلط على أصحابه.. تحولت هذه الحكاية إلى رمز للتحرر لدى الزنوج القادمين إلى تونس سواء عبر ملاكهم الأتراك أو الأوربيين أو عبر الهجرات العابرة للصحراء جنوبا نحو الشمال.

السطمبالي وموسيقى الاختلاف صرخات للحياة تأبى القيود كظمها، موسيقى عنوانها التمرد وفي ليالي العبدلية راهنت عليها ادارة المهرجان لانها جزء اساسي في الهوية الموسيقية التونسية، موسيقى تمتع الاذن و الروح وتدفعها للتفاؤل والتمرد.

رقصة البوسعدية.. حين يحاكي الجسد التاريخ
بخور هنا و اصوات ضحكات هناك، رقص على الركح و الجمهور متفاعل مع الموسيقى، صوت القمبري الهادئ يرتفع تدريجيا ليصل النشوة الموسيقية، موسيقى الشقاشق تدعو الجميع ليرقص، وسط تلك الهالة الموسيقية يظهر بوسعدية يرقص ويرقص حد التعب و الجنون، البوسعديـــة بقناعـه الاسود على وججه وملابسه المصنوعة من جلد الحيوانات والوانه المختلفة التي يضعها فوقه هو عنوان لتاريخ الرقص المكتوب بالجسد.

وتقول الاسطورة ان «بوسعدية» هو ملك افريقي اختطفت ابنته سعدية لتباع في سوق العبيد فتنكر في ذاك الزي وانطلق في رحلة البحث عن ابنته المفقودة، رحلة بحث جاب فيها القرى والمدن وكلما دخل قرية رقص لذلك سميت الرقصة باسمه.

في رقصة البوسعدية يكون الجسد عنوانا للذات، عنوانا لتحرر داخلي وثورة تسكن النفس يعبر عنها الجسد بحركاته فيرقص، البوسعدية رقصة النشوة و التخمّر في الحضرة و الموسيقى الصوفية والسطمبالي فبعد الغاء العبودية في تونس اصبح للسود حرية التعبير عن اغانيهم ورقصاتهم في الاعراس والمناسبات الاجتماعية ثم اصبحت موسيقى السطمبالي جزءا من الموروث والذاكرة الموسيقية، موسيقى تحتاج الكثير من الاهتمام الاكاديمي والفني لحمايتها من الاندثار لانها جزء من هوية هذا البلد جزء من ذاكرة جماعية عبرت عن وجود الزنوج وثورتهم ورفضهم العبودية والاستغلال.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115