المستقبل رمز الحلم والإيمان بتونس و بقدرة اطفال هذا الوطن على النبش في غبار الظلام و نحت حلم جميل يعايشونه، كونوا رمز الصمود وقاوموا التصحر الثقافي وافتكوا حقكم في الابداع، بهذه الكلمات توجه احد المعلمين الى صغاره يحثهم على حب الثقافة والحلم في اختتام الدورة الرابعة للمهرجان الدولي لمسرح الطفل بام العرائس.
هنا باقون، هنا على صدوركم باقون كالجدار، وفي حلوقكم، كقطعة الزجاج كالصبار، وفي عيونكم زوبعة من نار، هنا على صدوركم باقون كالجدار، نجوع نعرى نتحدى، ننشد الاشعار» ولكل المسؤولين قال ابناء جمعية الصمود نحن هنا باقون لافتكاك حق ابنائنا في الفن.
ثقافة دون فضاءات؟
اختتمت الدورة الرابعة دوليا للمهرجان الدولي لمسرح الطفل بأم العرائس، مهرجان تنظمه ككل عام جمعية الصمود بالمدينة، ابناؤها صامدون ينثرون بذور الامل وسط الجبال المحتاجة الى الثقافة.
اختتمت التظاهرة الفريدة التي تعيش على وقعها المدينة كل عام دون فضاء يأويها فأشغال دار الثقافة لا تزال متواصلة و ربما قد تطول الاشغال ومعها انتظار اهل الثقافة في الجهة، قاعة دار الشباب 2 ونادي الاطفال كانوا فضاء هذه الدورة ولكنها فضاءات يفتقر روادها للإبداع ولم يتعودوا احترام ضيوف الثقافة فكان الشغب وسعي عدة شباب لإفساد العروض و التدخين داخل القاعة والعربدة وغيرها من التصرفات التي اقلقت الضيوف وأشار عدد من ابناء ام العرايس انهم لم يتعودوا بهذه الحركات في دار الثقافة لان جمهورها يحترم الركح والعروض، فما الذي تقدمه دور الشباب للشباب؟
وتبقى المدرسة متنفس الصغار الأول
انفتح مهرجان الطفل بام العرائس على العديد من المؤسسات التربوية منها المدرسة الابتدائية سيدي بوبكر على الحدود الجزائرية وتبعد عن ام العرائس 35كلم او اكثر و مدرسة ابن زيدون الموجودة على احواز مدينة ام العرائس.
الزمان السبت 17 أفريل الساعة الرابعة بعد الظهر، المكان المدرسة الابتدائية ابن زيدون اجتمع اكثر من 300 طفل في بهو المدرسة ولم تثنهم الشمس الحارة عن المجيء صحبة اوليائهم لمشاهدة المسرحية الجزائرية «سليلوان .
صغار متنفسهم الوحيد مدرستهم فهنا «نلعب و نغني ولا نخاف» كما قالت الطفلة الصغيرة أمل للأطفال قدم المنشط بلال يعقوبي العديد من الفقرات التنشيطية في انتظار حضور الديكور، منشط يحبه صغار الجهة وينادونه «سيدي بلال» لانه «صديقنا جميعا» على حد قول الصغار.
المدرسة بعيدة عن مركز المدينة لذلك هي متنفس الأطفال الصغار فهل سيكون للمدارس الريفية حظّها من الثقافة في اطار شراكة تجمع وزارة التربية بوزارة الثقافة و الشباب؟ و هل للمدارس الريفية حظها من انشطة ثقافية سبق وان تحدث عنها وزير التربية في لقاءات تلفزية اشار فيها الى ضرورة تمتع كل المؤسسات التربوية بنواد ثقافية للصغار.
في مدرسة ابن زيدون كان الموعد مع مسرحية جزائرية ، مسرحية عرائسية انطلقت من حكاية قبائلية قديمة، حكاية عن طفلة شديدة الجمال تدعى “سليلوان” ممنوعة من الخروج و اللعب مع الصغار وفي الحكاية يتم الاعلان عن مسابقة اجمل طفلة فيأتي العصفور ويخبرها انها ستكون الاجمل ويطلب منها ان تصحبه الى المسابقة وفي الحقيقة اراد ارسالها للغول، حكاية من الموروث الشعبي قال المخرج انهم ارادوا توجيه رسائل للاطفال كي لا يصاحبوا غريبا لا يعرفونه وينتبهوا الى نصائح اوليائهم.
«سليلوان» ميزتها موسيقاها والأغاني الجميلة التي امتعت الصغار وتماهوا مع الالحان وان لم يفهموا ما تقوله الاغاني لأنها ناطقة بلغة امازيغية، سليلوان الجزائرية امتعت الصغار ودفعتهم للبقاء اكثر ورفض العودة بعد انتهاء العرض بالقول «وقتاش ترجعولنا مرة أخرى» طلب طفولي يكشف تعطش صغار الجهات للفعل الثقافي.
علمني سيدي...اطفال المدرسة الحدودية سيدي بوبكر يبكون الجميع
ان تكون «معلم» فهي وظيفة تتقاضى مقابلها راتبا اما ان تكون «مربي» فهي رسالة مليئة بقيم الحب والجمال فمال اجمل ان يكون المعلم قدوة الصغير وما اجمل ان يكون المربي نبراس امل عند الطفل كذلك السيدة نهلة حمدي مربية بالمدرسة الابتدائية سيدي بوبكر بام العرائس، هناك بين الجبال المتعطشة للثقافة الجبال التي انهكها الفوسفاط والدخان فاحرقت اشجارها وأصفر ترابها اطفال عطشى للإبداع حاولت المربية نهلة و مدير المدرسة ارواء الاطفال موسيقى ومسرح وكونت المربية ناد للمسرح داخل المدرسة.
مدرسة حدودية اطفالها مبدعون ابكوا جمهور المهرجان الدولي لمسرح الطفل حين قدموا عملا مسرحيا عن تونس كما يرونها، أطفال صغار اكبرهم عمره 10 سنوات ابدعوا في حفظ نص عن تونس، قدموا مسرحيتهم فابهروا الجمهور عشقوا الوطن فكانت كل كلمة يقولونها عن تونس هي جزء من روحهم حفظوها بدموع العين، تونس الدغباجي، تونس الحامي تونس حشاد و البراهمي تونس قفصة وسيدي بوزيد وبنزرت وسوسة والكاف، تونس الجبل والصحراء و للوطن قالوا « اعلم يا وطني ان تاريخك يصنعه رجال ليسوا ككل الرجال”، المسرحية وكانها درس تاريخ تسال المعلمة الصغار عن تونس فتختلف الاجابات و كلها تصب في خانة ان الوطن للجميع للموظف والعامل والطالب والجندي وكلنا مدعوين لفدائه بأرواحنا كذاك الجندي الذي سقط في ساحة القتال.
باسم ولؤي واية وعزيز و جهاد ومنتصـــــر وحسين ورحــاب وفيــــروز وهندة جميعهم غنوا «صامدون» وربما أكثر المشاهد تاثيرا مشهد استشهاد جندي وصراخ امه فيقول «اماه اختارني وطني لاكون شهيده فعلمي البقية حب الوطن وعن المسرحية قالت الصغيرة فيروز «اردنا تكريم الامنيين والعسكريين عن جهودهم فنحن نسكن منطقة حدودية ونعرف انهم مرهقون وابي عسكري ويغيب عنا لفترات طويلة لحماية تونس».
صغار غنوا ورقصوا وهم يحملون العلم الوطني وتعبيرا عن اعجابه بما قدموه وعدهم رئيس بلدية ام العرائس بإهدائهم اعلاما جديدة عوض القديمة التي التحفوا بها.
اطفال المدرسة الحدودية سيدي بوبكر كانوا كطائر الفينيق الذي ينتفض من رماده وكانوا كزهرة شذية العطر تحملت قساوة الجبال الشحيحة وازهرت وأينعت بأجمل العطر هم كتلك اليمامة التي قال عنها امل دنقل :
ها هى اليمامة تنشد العدل:
ولا أطلب المستحيل، ولكنه العدل
هل يرث الأرض إلا بنوها؟
وهل تتناسى البساتين من سكنوها؟
وهل تتنكر أغصانها للجذور..
الثقافة تعلم الطفل ابجديات النقاش طفل اليوم سيصبح شابا في الغد وان تعلم ابجديات النقاش وافتكاك الكلمة لن تستطيع الانظمة قمعه أو اسكاته وذلك ما يقلق السلطة عادة، كذلك كان اطفال المدرسة ا لحدودية سيدي بوبكر نصال مشحوذة لتمزيق كل عدو لهذه الارض.
اختتمت الدورة الرابعة من المهرجان الدولي للطفل بام العرائس مهرجان يقاوم التصحر الثقافي وينحت في صخر العطش للإبداع، جمعية الصمود وعدد من الجمعيات الاخرى حاولت ان تقدم مهرجان يقدم افضل العروض لابناء ام العرائس، مهرجان قادت قافلته امرأة امنت بضرورة نشر الفنون وافتكاك الحق في الثقافة، دورة ناهضت التشتت وناهضت فقر الجهات ثقافيا ودعت الكل للتمسك بالحق في الحياة .
نهلة حمدي: مربية بمدرسة سيدي بوبكر
صغارنا في الريف... المدرسة هي متنفسهم الوحيد
عن التجربة التي قدمها تلامذة مدرسة سيدي بوبكر الحدودية تحدثت المربية نهلة حمدي منشطة نادي المسرح لـ«المغرب» وقالت مدرستنا ريفية وانا انشط في نادي المسرح في المدرسة مع تلامذة كل المستويات وفي عام نشارك في المهرجان.
وعن البدايات قالت محدثتنا «البداية كانت مع مسرحة نص سردي ضمن البرنامج المدرسي، حينها قمنا بتحويل السرد الى حوار تجاوب معه الصغار ثم اعجبت برغبة الاطفال وإقبالهم على مسرحة النصوص فخرجت عن البرنامج المدرسي وأصبحت اكتب بعض النصوص لتلامذة النادي نصوص تمس الشعب.
وأشارت نهلة حمدي أنه في هذه الدورة اختار التلاميذ تكريم شهداء الوطن فكان النص الذي قدموه، اردت ان ازرع في صغاري حب الوطن وروح المواطنة والمبادرة لحماية الوطن.
واكدت نهلة حمدي لن منذ البداية كان للصغار اقبال كبير على نادي المسرح، اولئك الصغار بعضهم يخاف وبعضهم الاخر خجول ولكن المسرح أعطاهم الثقة في النفس وأصبحوا اكثر جرأة وصغارنا في الريف المدرسة متنفسهم الوحيد لذا اردت ان اكون جزء من حلمهم بالأفضل.
وختمت تصريحها بالقول ارجو ان يقوم كل المعلمين بهذه التجربة وارجو أن يكون كل معلم هو سند التلميذ وأمله.
الحبيب لخضر مندوب الجهوي للشباب بقفصة
قريبا راديو واب في دار الشباب بقفصة
تحدث الحبيب لخضر المندوب الجهوي للشباب بقفصة واكد ان هناك شراكة بين وزارة الشباب ووزارة الثقافة «ونحن كمندوبين جهويين أردنا أن ننطلق بشباب المنطقة الى الافضل في الإبداعات الثقافية مسرحية كانت او موسيقية .
ونحن ندعم اتجاه مندوبية الثقافة في الاشعاع على الجهات»،
واضاف الحبيب لخضر ان هناك استراتجية واتفاقية مبرمة بين وزارات الشباب و الثقافة والتربية من اجل الاقلاع بالمستوى الدراسي للطفل والمستوى الشبابي الثقافي للشاب التونسي، و»أقول كفانا حديثا عن تهميش ام العرائس لانها حظيت بدعم خاص من وزارة الشباب والرياضة بالاحداثات الجديدة، فدار الشباب جهزت بأحدث التجهيزات وفي اخر المطاف دعمناها بتركيز راديو «واب» في صلب المؤسسة حتى نعطي اشعاعا أكثر للمنطقة وأم العرائس كبقية المناطق المنجمية تعنى بعناية خاصة ونسعى لتقديم الاضافة لنخرج شباب المنطقة من بؤر الانحراف ونقدم لهم الفرصة للتأقلم مع المؤسسة ونحن في دار شباب2 اعطيت الاذن للسيدة المديرة لاحداث مقهى شبابي داخل المؤسسة لحماية الشباب من خطر الشارع.
وختم بالقول نعول على الاعلام في ربوع مدينة ام العرائس لإعطاء الاهمية لهذا الحدث ولهذه المدينة».
بلقاسم القطاري مؤسس مهرجان الطفل بأم العرائس
الطفل صفحة بيضاء يلامسه الفعل الصادق
المهرجان كان حلما ترعرع فينا الى ان ولد كنت مديرا لدار الثقافة ام العرائس وككل دور الثقافة ننظم عروض في العطل للاطفال ولكن هناك هاجس يدعوني لتظاهرة اخرى غير الانشطة غير المنتظمة فقررنا انجاز تظاهرة قارة وهي تاسيس مهرجان مسرح الطفل نظرا لوجود جمعية مسرح الصمود الناشطة في مجال العمل للاطفال ، اسسنا المهرجان عام 2000 وكان نقلة نوعية على مستوى النشاط الثقافي الموجه للأطفال من خلال الدمى العملاقة وتنشيط الشوارع.
الطفل صفحة بيضاء يلامسه أي فعل ثقافي صادق وسعيد جدا لان المهرجان كبر وتواصلت الدورات وأصبح دوليا رغم الظروف الصعبة التي تعمل فيها الجمعية.
ونبارك التعاون بين جمعية الصمود ودار الشباب2 بقفصة وليس مهما اسم الهيكل مادمنا نخدم طفولة هذا الوطن العزيز.