بجهة القصرين والإحاطة بالمبدعين في هذا المجال، وتشجيعهم على مزيد الابتكار، والإنتاج، رغم الإمكانيات المادية المحدودة أنتج مركز الفنون الدرامية والركحية بإدارة الأستاذ حاتم الدلالي، باكورة أعماله المسرحية بعنوان «كنترا» نص واخراج الطيب الملايكي، تمثيل: أيمن الرابحي، ورياض ميساوي، ووليد خضراوي، وكريم روافي، والجمعي لعماري، وشيماء فرشيشي، وسامي عمري.
رغم أن الانتاج المسرحي، وفي غياب الدعم المادي بالخصوص يعد مغامرة لا أحد يمكن أن يتكهن بنتائجها، إلا أن مجموعة الطيب الملايكي المسرحية، أمنت بقدراتها، وأصرت على خوض هذه التجربة دون دعم من أي جهة رسمية، باعتبار وأن المركز لا يزال في بداياته، من جهة، وعدم تجاوب وزارة الشؤون الثقافية مع مطالب المسرحيين من جهة ثانية، فكان الإصرار ورفع التحدي الرافد الوحيد لإنتاج هذا العمل المسرحي الذي يتناول بجرأة أحد الملفات الساخنة والمتعلق بموضوع التهريب أو ما يعرف باللغة العامية «الكنترا» هذه الآفة التي تعاني منها بلادنا وبصفة فاضحة بعد ثورة الرابع عشر من جانفي، حيث كان الولوج إلى سراديب هذا العالم الإجرامي الذي ينخر اقتصاد بلادنا، واتخذ منه البعض مورد رزق في ظل تفاقم أزمة البطالة، كما اتخذ البعض الأخر من «الكنترا» مصدرا للثراء الفاحش، رغم ما يلحقه التهريب من أضرار فادحة بالاقتصاد الوطني، حيث ازدهرت الأسواق الموازية، التي اكتسحتها البضائع المهربة وأيضا بالمنظومة الأمنية، إذ تجاوزت عمليات التهريب البضائع التقليدية إلى نقل وبيع الأسلحة، ودعم الإرهاب، والمنظومة الاجتماعية والصحية، بتهريب وترويج المخدرات كما يكشف هذا العمل المسرحي تعدد القنوات والشبكات المختصة في التهريب، والتي تنشط تحت عديد المسميات والأغطية وبدعم من أطراف نافذة كل في مجاله، من أجل تحقيق منافع ذاتية على حساب امن وسلامة الوطن والمواطن.
ومن مقتطفات النص المسرحي «مع هبة ريح الخريف، السماء مظلمة، والأرض يابسة، تبدء الحكاية في البلاد المنسية.... يدان في الظلام للظلام ممدودتان، والعينين هايمة في كل بر وثنية دارت المكينة، سي الشريف عنكبوت صياد، في شبكتو طاح الواحد ورا الواحد والغلط ممنوع/ المدام اختصاص قانون عام، عقد صفقات، سي النقابي يحمي ويسلك، سي اسكندر بنكاجي محاسبي، وبوالعز دينو «كنترا» خوه المروزي خديم متخبي، الغصة وراء الغصة وايمين البكوش في صدرو، وتتضارب المصالح وتكثر المشاكل، وتتعطل الماكينة ويغيب سي الشريف، وتبقى «الكنترا» التي اصبحت اليوم شبه عصية على ايجاد الحلول للقضاء عليها، وايقاف هذه المكينة التي حصدت عشرات الارواح البشرية، وتطورت لتصبح في شكل مافيا تحمي انشطتها بالسلاح، وتتصدى للحملات الامنية والعسكرية في وضح النهار. وتضعنا هذه المسرحية التي يشرف توفيق قسومي على ادارتها الفنية ويتركب فريقها التقني من سامي عمري «مساعد مخرج»، وسينوغرافيا منذر سميعي وكوريغرافيا وليد خضراوي، وهندسة صوت هيام تليلي وتصميم اضاءة شاكر فاهري، وقرافيك بلال خربوط، وملابس ومكياج اصيل صولي، توضيب ركحي محمد نصراوي، وتوظيب اضاءة معز خليفي. امام خيار وحيد وهو الحد من نزيف «الكنترا» والتصدي لهذه الظواهر التي بلغت مرحلة الاجرام وتهديد امن وسلامة الوطن والمواطن....