تحقيق العبودية مع قول الله عز وجل «نَبِّئْ عِبَادِي»

فإن تحقيق العبودية لله عز وجل وحده، بكل وجه، ومن كل وجه، وبكل درجة وتكميلها،

مما يزيد العبد رفعةً وفخرًا، وعلوًّا وعزًّا، وكيف لا يكون الأمر على هذا، وتحقيق العبودية هي الدين الحق الذي بُعث به الرسُل عليهم الصلاة والسلام، وأُنزلَت من أجله الكتب، وخلَق الله - عز وجل - لها الخَلق؟! كما أن في تحقيقِها تحصيلاً لأحد أهمِّ الأسس التي تكون بها السعادة في الدارَين
وباستقراء هذه الآية نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ الحجر: 49، 50...نتبين الرحمات الكبرى بتحقق العبودية

فكل مَن اعترف بالعبودية ظهر في حقه كون الله - عز وجل - غفورًا رحيمًا، ومن أنكر ذلك كان مستوجبًا للعقاب الأليم».
وفي هذه الآية لطائف؛ ..

أحدها: أنه أضاف العباد إلى نفسه بقوله: «عِبَادِي»، وهذا تشريف عظيم؛ ألا ترى أنه لما أراد أن يشرِّف سيدنا محمدً صلى الله عليه وآله وسلم ليلة المعراج لم يزد على قوله - «عز وجل» 
 سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ الإسراء: 1.

وثانيها: أنه لما ذكر الرحمة والمغفرة، بالغ في التأكيد بألفاظ ثلاثة؛
أولها: قوله - عز وجل -:


أَنِّي
وثانيها: قوله - عز وجل -:


أَنَا،

وثالثها: إدخال حرف الألف واللام على قوله - عز وجل -:


الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

وثالثها: أنه أمر رسوله صلى الله عليه وآله وسلم أن يبلِّغ إليهم هذا المعنى؛ فكأنه أشهد رسوله صلى الله عليه وآله وسلم على نفسه في التزام المغفرة والرحمة.

ورابعها: أنه لما قال - عز وجل -:


نَبِّئْ عِبَادِي
كأن معناه: نبِّئ كل مَن كان معترفًا بعبوديتي، وهذا كما يدخل فيه المؤمن المطيع، فكذلك يدخل فيه المؤمن العاصي، وكل ذلك يدلُّ على تغليب جانب الرحمة من الله تعالى.
وعن قتادة - رحمه الله - قال:

بلَغنا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال «لو يعلم العبد قدر عفو الله تعالى، ما تورَّع من حرام، ولو علم قدر عقابه، لبخَع نفسه».

وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه مرَّ بنفر من أصحابه وهم يضحكون، فقال:

«أتضحكون والنار بين أيديكم؟»، فنزل قوله:  نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيم.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115