بعد إعلان الولايات المتحدة الأمريكية على لسان رئيسها دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني يوم 8 ماي الجاري. ولعلّ الرفض الأوروبي للتوجّه الأمريكي تجاه هذا الاتّفاق المثير للجدل، قد خلق صداما مباشرا بين أمريكا وحلفائها الغربيين الذين يقودون إلى جانب طهران حراكا دبلوماسيّا واسعا لإنقاذ هذا الاتفاق الذي تمّ التوصّل إليه سنة 2015 بعد سنوات طويلة من الأخذ والردّ .
وتفرض أمريكا بموجب انسحابها من هذا الاتفاق عقوبات اقتصادية شرسة على
إيران وحلفائها في منطقة الشّرق الأوسط وفق ما أكّده الرئيس الأمريكي دونالد، إلاّ أنّ تنفيذ هذه العقوبات أو حتى الالتزام بتنفيذ هذه التهديدات يستوجب –وفق مراقبين- وقتا قبل البدء في تنفيذها .
وجاءت ردود الفعل حول انسحاب امريكا متضاربة بين تأييد ومعارضة الاولى عبرت عنها اغلب الدول الغربية من باريس وبرلين ولندن والتي اكدت «التزامها» المستمر بـ الاتفاق ، كما انتقدت موسكو حليفة ايران القرار الامريكي، بالإضافة الى تصريحات شديدة اللهجة من الاتحاد الاوروبي الذي قال ان ترامب لا يملك سلطة لإلغاء اتفاق ايران النووي .
على صعيد اخر قوبل قرار الرئيس الامريكي دونالد ترامب بترحيب خليجي من الامارات والمملكة السعودية بصفة خاصة وتأييد اسرائيلي واضح لما اعتبرته قرارات «صائبة» من البيت الابيض.
يشار الى أنّ ايران هدّدت بدورها بالانسحاب من الاتفاق والعودة الى استئناف نشاطها لتخصيب اليورانيوم، وهو ماعارضته الدول الأوروبية الأخرى باعتبارها طرفا في هذا الاتفاق ، وماجعلها أيضا تدخل في مشاورات ماراطونية مكثفة بهدف التوصل الى اتفاق مريح للجانبين.
اشتراطات ايرانية
وقدمت إيران 7 شروط للدول الأوروبية للاستمرار كطرف في الاتفاق النووي ، وتتمثل هذه الشروط التي اعلن عنها المرشد الاعلى الايراني علي خامنئي في مؤتمر صحفي الخميس اولا أن ‹›تحمي القوى الأوروبية مبيعات النفط الإيرانية في مواجهة الضغوط الأمريكية، وثانيا أن تواصل شراء النفط الخام الإيراني وأن تعد بألا تسعى لمفاوضات جديدة بشأن برنامج إيران للصواريخ الباليستية وأنشطتها بالشرق الأوسط››.
واشترطت ايران ايضا «أن تؤمن البنوك الأوروبية التجارة مع الجمهورية الإسلامية. لا نريد أن نبدأ نزاعا مع هذه الدول الثلاث (فرنسا وألمانيا وبريطانيا) لكننا لا نثق بها أيضا… ويجب أن تضمن أوروبا مبيعات النفط الإيرانية ضمانا تاما. وفي حال تمكن الأمريكيون من الإضرار بمبيعات ايران النفطية… يجب أن يعوض الأوروبيون هذا ويشتروا النفط الإيراني».
وأمهلت طهران كلا من الصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وهي الاطراف الاخرى في الاتفاق النووي مهلة تنتهي نهاية شهر ماي الجاري لتقديم مقترحات وبدائل من شأنها التخفيف من تداعيات الانسحاب الامريكي من الاتفاق النووي بين القوى العالمية وطهران او القبول بشروطها الـ7 التي قدمتها .
ويرى متابعون أن طهران ستسعى بكل جهدها الى الحصول على ضمانات اقتصادية وأخرى سياسية لمواجهة الضغوط التي ستفرضها عليها عقوبات الولايات المتحدة الامريكية .
توتر ..فعداء
يشار إلى انّ العلاقات الامريكية الايرانية شهدت تعقيدا متزايدا منذ قيام طهران بتجربة صاروخية ناجحة في فيفري 2017، وهو ما اثار غضب الولايات المتحدة الامريكية وخلق توتّرا متصاعدا وحربا كلامية شرسة بين البلدين.
لم يكن قرار ترامب بالانسحاب مفاجئا خاصة وأنّ التصادم بين ادارة ترامب وإيران بدأ منذ دخول الأخير الى البيت الأبيض وهو ما اعتبره متابعون مؤشّرا واضحا على المشهد المُعتم الذي خيم على منطقة الشرق الاوسط وعلى واقع العلاقة بين ادارة ترامب وحكومة روحاني ، اذ يرى متابعون للشأن الدولي ان هذا الجفاء الإيراني الأمريكي سيكون ذا فائدة لعدة أطراف إقليمية على رأسها المملكة العربية السعودية التي تعيش تقاربا غير مسبوق مع الإدارة الأمريكية الجديدة.