ولد بمدينة القيروان سنة 160 هـ وتتلمذ لأكبر علمائها. رحل إلى المشرق طالبا للعلم سنة 188 هـ فزار مصر والشام والحجاز. عاد الإمام سحنون إلى القيروان سنة 191 هـ وعمل على نشر المذهب المالكي ليصبح بذلك المذهب الأكثر انتشارا في إفريقية والأندلس. تولّى القضاء سنة 234 هـ/848م حتى وفاته في رجب سنة 240 هـ، ودفن بالقيروان.
من أشهر مؤلفاته المدونة الكبرى التي جمع فيها مسائل الفقه على مذهب مالك بن أنس.وأصل «المدونة» أسئلة سألها أسد بن الفرات لابن القاسم, فلما ارتحل سحنون بها عرضها على ابن القاسم , فأصلح فيها كثيرا, وأسقط, ثم رتبها سحنون, وبوبها . واحتج لكثير من مسائلها بالآثار من مروياته وسمع رحمه الله من : سفيان بن عيينة , والوليد بن مسلم, وعبد الله بن وهب , وعبد الرحمن بن القاسم , ووكيع بن الجراح , وأشهب , وطائفة.
للإمام سحنون ضريح يقع بالقرب من مدينة القيروان. ويُعرف عن أهل القيروان تشبثهم بالعلم والعلماء وإتباعهم فهم ورثة الأنبياء من ذلك أنهم وإلى حد اليوم إذا مات أحد كلفوا مناديا يخرج في الشوارع لإعلام الناس بنبإ الوفاة وموعد الدفن. ومن حرسهم على الأجر أن الجملة التي يرددها «النبّاه» هي نفسها التي سنّها الإمام سحنون منذ قرون وهذا نصها:
«سبحان من لا ينقضي دوامه
سبحان من هذه أحكامه
سبحان من عنده مفاتح الغيب وهو علامه
يا ذوي العقول والألباب والفضل والآداب وخير أمة أنزل على نبيها الكتاب
من أراد منكم الأجر والثواب فليحضر الصلاة على (فلان) ابن المنعم المرحوم (فلان)
يصلي عليه عند (صلاة العصر مثلا)
الموت سبيل لا بد منه سبحان الحي الدائم الباقي بعد فناء خلقه
مقبور بحومة (كذا) قرب (المكان الفلاني)
الله يثيبكم الله يؤجركم الله يرحم الوالدين..»