الجامع الكبير في تستور.. أندلسيات ونفحات

ويعتبر الجامع الكبير بتستور من أهم المعالم المعمارية التي شيدها الأندلسيون في المدينة.

في حي الرحيبة سنة 1609 للميلاد و قد شُرع في بنائه سنة 1630 على يد محمد تغرينو، وكانت البداية ببيت الصلاة ثم الصومعة، ثم جاء الدور على الصحن الكبير، حيث توجد المزولة التي صنعها أحمد الحرار سنة 1760 للميلاد، ثم أضيفت بعد ذلك الأروقة والمحراب الخارجي المشابه لجامع ابن طولون بالقاهرة. أما بالنسبة إلى الصحن الصغير المفتوح على بطحاء السوق ببوابتيه ورواقه وكذلك الميضأة، فقد أضيفت إلى الجامع سنة 1730 للميلاد، أي بعد قرن من بداية تشييد الجامع.

وقد وظفت في الجامع الكبير بتستور الأعمدة والتيجان التي تم جلبها من المواقع الأثرية الرومانية، وعددها كما يذكر أحمد الحمروني 68، ثم تم اقتناء سبعة أعمدة وتيجان جديدة من الطراز الحسيني من تونس العاصمة لإضافة الصحن الصغير. وتتضح تأثيرات الأراقونيين والعمارة في طليطلة في بناء وزخرفة هذا الجامع، فعمارته تجسم النهضة المعمارية التي عرفتها إيطاليا وإسبانيا خلال تلك الفترة، فقد تم تزويق المحراب بالآجر البارز،

ومن غرائب العمارة الموجودة في الجامع الكبير بتستور يمكن أن نذكر النجمة السداسية الموجودة في أعلى الصومعة وفي أكثر من موقع ببيت الصلاة، وهي المعروفة بخاتم سليمان، والمشهورة بنجمة داوود (عليهما السلام). وقد فسرها البعض على أساس التسامح الديني بين المسلمين وغيرهم من أصحاب الكتاب، فالتعايش بين الشكل المثلث والشكل المسدس في جامع يؤمه المسلمون قلما وُجد، والتزاوج بين النجمة ذات الأضلاع الخمسة وقبتي المحراب والوسط كما في جامعي القيروان وقرطبة، وبما خُط عليهما من آيات من سورة الرحمن وأدعية، لا يمكن تفسيره إلا كدليل رمزي على التسامح بين الأديان والحوار بين الحضارات. وقد تدل صور مفاتيح العقود المتدلية من قباب بيت الصلاة المكونة للسقف الداخلي على مختلف الأطراف المساهمة في بناء الجامع، ومع كل ما حمله الجامع الكبير بتستور من دلائل على حسن توظيف المواد المحلية في البناء، فإنه يبقى من بين أهم شواهد العمارة الإسلامية المتفردة بزينتها ومعالمها وأقسامها المختلفة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115