اليوم الثاني لملتقى «سينما الجنوب»: فيلم «بن قردان حارسة الحصن» لفتحي الناصري.. السينما ذاكرة الإنسان

«المغرب» - تطاوين: مفيدة خليل
السينما ذاكرة، السينما الوثائقية عنوان للإنسانية هي تأريخ ونقل لأحداث ستبقى

حية أبدا وإن مرت السنوات تظل مرجعا لحدث ما، في المركب الثقافي بتطاوين كان اللقاء مع حدث تاريخي مميز عاشته تونس وبالأحرى عاشه سكان مدينة بن قردان الحدودية، تلك المدينة المستبسلة الني اكد شعبها انهم اوفياء للراية الوطنية وإن همشتهم الحكومات المتعاقبة.
إلى بن قردان كانت الرحلة السينمائية لقاء مع «بن قردان حارس الحصن» فيلم تسجيلي لفتحي الناصري مصحوب بنص ممتع لعلي السياري هو توثيق لحظة تاريخية مميزة، توثيق لملحمة البطولة التي تماهت فيها القوات العسكرية والأمنية مع الشعب فقط لدحر الدواعش وتأكيد ان «بن قردان حرة والإرهاب على بره» و«وأولادي قبل أولادي».

بن قردان...مدينة الانتصار
هناك 500 كلم بعيدا عن العاصمة، في حي اسمه «العامرية» كان موعد ابناء المدينة الحدودية مع اصوات التكبير والدعوة الى مساندة «الدولة الإسلامية» و الخروج عن الدولة الطاغية، فجر 2مارس 2016 ترتفع أصوات الرصاص مدوية معلنة عن وجود إرهابيين داخل المدينة ظنوا أنه بقدرتهم السيطرة على مدينة تونسية كما حدث في العراق وسوريا ولكن صدموا بقوة الشعب ووطنيته فبن قردان ليست الموصل ولا الرقة ولن تكون، فبن قردان هي تونس مصغرة بن قردان حارس الحصن ومنقذه بن قردان شعب وطني يرفض «الخيانة» ويقول في سره وجهره «فلا عاش في تونس من خانها».

مع سويعات الفجر الأولى وصوت رصاص يصمّ الآذان وهتافات باسم تونس وتكبير تكون انطلاقة الفيلم التسجيلي «بن قردان حارس الحصن» لفتحي الناصري، فيلم تونسي الروح والانجاز بعيدا عن تقنيات السينما وأنواعها و حركة الكاميرا والإخراج يكون الفيلم تسجيل لملحمة هي الاكثر جرأة الكاميرا تلاحق صوت الرصاص تتبع العسكريين في كل تحركاتهم وتنقل هتافات الشعب باسم تونس وكيف يدلون الامنيين على مكان الارهابيين، الكاميرا كانت سلاحا متنقلا صاحبت البارودة او الرشاش و نقلت دوي الرصاص في ملحمة «الانتصار» ملحمة تؤكد ان على هذ الارض ما يستحق الحياة، ملحمة اكدت ان تونس عصية على الارهابيين وان كان شعبها ساخطا على الحكومات المتعاقبة تبقى «وطني قبل بطني» كما صرخ عم مبروك حين استشهدت صغيرته سارة.

بن قردان ارض الملحمة والشجاعة، بن قردان مدينة المقاومة التي دحرت الارهابيين وعاشت على وقع الرصاص والخوف من 2مارس الى 7مارس تاريخ المعركة الكبرى، بن قردان كتبت لنفسها فصلا للحياة و المقاومة في التاريخ و وجهت رسالة الى كل عشاق الموت ليهابوا تونس ويهابوا وطنية أبنائها.

أنا المرا... الأم... الأخت والشهيدة
هنّ الحياة، من رحمهنّ تولد كل مفاهيم المقاومة، هنّ ملح الارض وسحرها، هنّ الوطن المصغّر وهنّ قبس النور وعزيمة لا تفنى، المرأة البنقردانية لم تكن على الهامش، في مشهد جد مميز تنقل الكاميرا اجتماع النسوة في الشارع وهنّ يهتفن «تحيا تونس» و يرددن النشيد الوطني رافعات شارات النصر و نظرات استفهام لمحاولة معرفة ما يحصل، بلباسهنّ المختلف بتلك البساطة التي تسكن المرأة في المناطق الداخلية خرجن لمساندة الامنيين وخرجن ليعبرن عن رفضهن للفكر الداعشي وللفكر المتطرف ورفعن لافتات تهتف باسم تونس فهنّ نساء هذا الوطن هنّ كما الصحراء يلدن الخلود والحياة، هنّ الهاتفات باسم الحياة، هن الصادقات، هنّ امهات الشهداء اللواتي ودعن فلذات الأكباد بالزغاريد وهنّ الأخت التي ضحّت بروحها لحماية شقيقها الرضيع، هنّ جزء من روح الطفلة سارة بوقديمة اصغر شهيدات ملحمة بن قردان.

الاطفال ينبوع المستقبل
«بن قردان حارس الحصن»، فيلم يخاطب وجدان المتفرج قبل عقله، فيلم يذكر ان هذه الارض «ولادة» وتونس صعبة المراس وصعبة السقوط في فخ داعش، فيلم يذكر بملحمة بن قردان، يذكر بشجاعة عبد الباسط مرعي وعماد الماسوري وعبد العاطي عبد الكبير وغيرهم من شهداء تونس يذكر بشهامتهم ومواجهتهم للخطر الإراهابي في قلب المدينة، يوثق لاحداث نقلها الصحفيون على عين المكان دون وجل، يذكر ان السينما ذاكرة للانسان وان مرت الاعوام سيبقى وثيقة تشهد على احداث ملحمة بن قردان.
فيلم مررمشاهد واقعية حصرية وهو ما جعل المشاهدين في قاعة المركب الثقافي بتطاوين يستعيدون تلك اللحظة التاريخية بداية من يوم 2 مارس 2016، وهو تاريخ تحصن مجموعة إرهابية بمنزل في العامرية، إلى يوم 7 مارس تاريخ الهجوم الإرهابي الغادر، وصولا إلى يوم 20 مارس نهاية ملاحقة العناصر الإرهابية بالمنطقة ومطاردتهم ، جميعها لحظات وثقتها كاميرا المخرج فتحي الناصري.

أول لقطات الفيلم كانت تسليط الكاميرا على شجاعة احد العسكريين ورباطة جأشه بتلك اللحفة الجنوبية وكيف يحبو على الارض محاولا حماية المواطنين واخر الصور تكون للطفلة رنيم اذ عبّر الشاعر مبروك السياري عن المشهد بكلمات شاعرية بقوله إنّ «الحياة أشبه بسباق التناوب في الأولمبياد، أجيال الخير تتناقل وتتوارث مشعل الحياة، وزهرات وأزهار هم تيجان على جبين تونس في حاضرها وغدها» رسالة امل وجهها المخرج للتاكيد على صلابة ذلك الشعب ووطنيته.
عامان مرا على ذكرى ملحمة بن قردان، عامان مرا على تاريخ ملحة انتصار المدينة الحصن، فما الذي تغير في المدينة؟ هل استجابت الحكومة لبعض مطالب الشعب ؟..

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115