المهرجان الدولي لمسرح الطفل بأم العرايس: صامدون و مناضلون من أجل ضحكة صادقة...

تعيش المدينة المنجمية ام العرايس على وقع عرس طفولتها السنوي، شحذت الهمم والعزائم لانجاز الدورة السادسة عشرة وطنيا و الرابعة محليا، للمهرجان الدولي للطفولة بام العرايس، فهذه المدينة المنجمية تحتفي بالطفولة و الامل و تقدم للصغار موعدا سنويا مع العديد من الأعمال الموجهة للطفل وهو ما يجعل الصغار ينتشون قليلا.

أم العرائس إحدى المعتمديات الاربع في الحوض المنجمي صحبة الرديف و المتلوي والمظيلة، وتقع المدينة غرب ولاية قفصة من الجنوب الغربي التونسي، شمال غرب مدينة المتلوي وشمال غرب مدينة الرديف وجنوب غرب مدينة ماجل بلعباس وشمال غرب مدينة قفصة الرديف وجنوب غرب مدينة ماجل بلعباس وشمال غرب مدينة قفصة أم العرايس تعيش عرس الطفولة السنوي و تنثر بذور امل عند الصغار .

انجزت التظاهرة وان غاب الفضاء
«صامدون، صامدون، في وجه كل اعداء الوطن» اغنية الجيش التونسي اصبح يغنيها الصغار و يتفاعلون معها من مدخل المدينة يسمع الزوار أغنية صامدون عاليا و يتنشون بمعاني الصمود و المثابرة و التضحية التي تنشرها كلمات الأغنية، كذلك هم أطفال ام العرايس صامدون في وجه التصحر الثقافي و صامدون أمام محاولات تجفيف الينابيع الثقافية التي قد تكون بلسما للروح والشخصية.

دمى عملاقة في كل مكان، النشيد الوطني التونسي كان وسيلة الترحيب بضيوف ام العرائس، شباب جاء من كامل المدينة ليشاهد «اش جابولنا معاهم» و اولياء اصطحبوا صغارهم ليشاهدوا معرض صور يحكي تاريخ جمعية الصمود تلك التي حولت غبار الجبال إلى أزهار مسرح وجمال.

انطلقت فعاليات المهرجان وسط حضور جماهيري كبيري في المنتزه العائلي بالمدينة ثم كانت العروض المسرحية في دار الشباب2 بام العرائس بسبب عدم جود فضاء اخر نظرا للاشغال التي تعيشها دار الثقافة اليتيمة في المدينة.

قاعة دار الشباب 2 قاعة رياضة أصبحت فضاء للثقافة فضاء ليتنفس الطفل المسرح ويستمتع بالموسيقى و يداعب الكلون وينبهر بجمال الألوان، خرجت القاعة من صمتها وأصبحت أجمل بالفنون، قاعة غير مخصصة للعروض الثقافية ولكن القائمين على التظاهرة حاولوا التأقلم معها وكذلك ضيوف المهرجان من مصر وليبيا والجزائر لم تقلقهم الظروف الصعبة وقدموا مسرحياتهم واكتفوا بالموجود دون تذمر.

العوائق والمطبات أمام العمل والإنتاج الثقافي، لم تقف حاجزا امام نخبة ممن امنوا بضرورة مواصلة الإبداع والانتاج الثقافي لمقاومة مظاهر التطرف الفكري والديني، والتصحر والاغتراب الثقافي، ومختلف المحاولات اليائسة لتجفيف ينابيع الثقافة وتحويل حقولها، إلى مزارع لثقافات دخيلة وهجينة لطمس الهوية. واجهاض مختلف محاولات الإبداع الهادفة إلى تنشئة الجيل الجديد على قيم الحياة، ومهرجان الطفل بام العرايس عنوان للمقاومة.

صراع الخير والشر
الافتتاح كان مع جمعية الصمود، جمعية تناضل لنشر قيم الثقافة في ام العرايس تعمل للطفل و مع الطفل و تصنع من العدم أعمالا مسرحية ذات عبر و مواعظ تقدمها لصغار المدينة علها تنقذهم من فراغ وتصحر كبيرين.
جمعية مسرح الصمود بام العرائس ما فتأت تكسر حواجز قلة الدعم المادي، وغياب فضاءات العروض وتنتج اعمالا مسرحية متعددة ومتنوعة موجهة للاطفال بدرجة اولى ثم للكهول. والتي حصدت عديد الجوائز من خلال مشاركاتها المتعددة ضمن فعاليات المهرجانات والتظاهرات الوطنية والدولية، ليكون الافتتاح مع مسرحية «الذئب الماكر» تأليف حسين براهمي الذي تولى الاخراج ايضا بمعية زينب عيساوي، تمثيل عمار عيساوي في دور «الاسد» وجمال قرين في دور «الذئب» وفدوى المنجي في دور «الارنب» والهام هلال في دور «النمر» وصابرين عيساوي في دور «الغزال» ومحمد بكري في دور «الصبي».

وتطرح المسرحية، موضوع الخير وانتصاره على الشر من خلال قيم الصدق والتعاون وحب الآخر، والتواضع والتعايش السلمي، باسلوب كوميدي مشوق يتماهى وخصائص المرحلة العمرية للاطفال. والمسرحية تقدم حكاية صبي تاه وسط الغابة، ولم يعرف طريق العودة، إلى مكان سكناه حتى وصل عرين الأسد، وموطن الحيوانات التي اعتادت العيش في سلم وامن وطمأنينة، وبقدوم الصبي اصيبت بالذعر والخوف في بادئ الامر... لكنها اطمأنت له في ما بعد، ولمكافأتها رغب في بناء جسر على النهر لمساعدة الحيوانات على العبور إلى الضفة الاخرى. لكن الذئب كان له بالمرصاد، ودبر عديد المكائد التي كشفها الغزال. لتتم تبرئة الصبي وصديقه الارنب.
تبدو الحكاية بسيطة ومألوفة ولكن الطريقة الكوميدية في تجسيد الاحداث ونقلها تماهى معها جمهور المهرجان من الأطفال وتأثروا بالأرنب الصادق وبرزت عداوتهم للذئب الماكر، رسائل تربوية وجهت للطفل وأثرت فيه.

الكرة الارضية تعاني فهل من منقذ
تعد مشكلة التلوث من ابرز المشاكل التي يعاني منها الأطفال في كوكب الارض التلوث الهوائي في ام العرايس مقلق و تسبب في العديد من الأمراض و كذلك هناك تلوث مائي و طبيعي في كل الدول العربية و من تلوث الأرض و محاولة انقاذها انطلقت حكاية مسرحية «قطرة رنا» لفرقة المسرح بمركز شباب شبراخيت من مصر تأليف عبد الله النشار و اخراج فارس عبد الشافي و شق النكلاوي ، حكاية بدأت مع جولة الطفلة رنا «رنا فارس» «اسلام فارس» و «منى فارس» في مكان ملوث تحاول البحث عن حل وتجدها امام كائنات فضائية من كوكب مجاور تدعي انها تملك وصفة سحرية لتنظيف الارض، ولكن ارادة العمل الجماعي عند الطفلة جعلتها تطلب المساعدة من كل طفل يريد الارض نظيفة و تستغني بذلك عن مساعدة الغرباء فلا وجود لغريب يريد الخير لآل الدار كما قال الصغار، قطرة رنا قامت على التفاعل المباشر بين الصغار والممثلين وجزء من الحضور صعد على الركح لتأثيث بقية اللعبة الدرامية. تفاعل بين الممثلين والاطفال قرب المسرحية من صغار أم العرايس وإن اختلفت اللهجات وتلك رسالة الفن تقريب الشعوب وكسر كل الحواجز.

«حكاوينا» من بنغازي هناك أمل مادام هناك فن
للمهرج قدرة على شد انتباه الاطفال ولحركاته المضحكة جاذبية غريبة في نفوس الصغار، وسط قاعة جد مكتظة و اصوات ووشوشات وضجيج ومحاولة البعض ازعاج الحضور قدمت فرقة البهجة للفنون المسرحية ببنغازي مسرحية حكاوينا من تمثيل الصادق الشاعري والكاسح بشير ومحمد الجويلي واعداد محمد الفاخري ومروان في دور المهرج، «حكاوينا» قصة تفاعلية بين المهرج و الممثلين والحكاية فالجمهور جزء من الحكاية وهو من يقترح بعض الحكايات على المهرج، وميزتها الموسيقية والمؤثرات الصوتية هي التي شدت انتباه الجمهور.

من بنغازي حيث الحرب و رغبة عشاق الموت في تحطيم مدينة بنغازي هناك شباب مبدع، مؤمن بالفن عاشق للكلمة الجميلة ورسالة الامل، جاؤوا لام العرايس لمشاركة اطفال المدينة بهجتهم، اسم الجمعية «بهجة للفنون» وحضورهم وعملهم كان بهجة لصغار ام العرايس، واكد اشرف العريبي رئيس الوفد الليبي ان في بنغازي هناك مسرح وفنون وهناك مهرجانات واطفال يواكبون العروض المسرحية و الموسيقية وهناك تظاهرات تنجز للصغار والكبار كما يوجد «في مدينتنا أمل في الحياة و ليست كل حياتنا رصاص حرب» على حد تعبيره.

تتواصل فعاليات مهرجان الطفل بأم العرايس، يتواصل الحلم وتفاعل الصغار مع العروض، لازال في المدينة اناس عاشقون للإبداع يحاربون الجفاف الفكري الفني ويحاولون نشر قيم الجمال علّ أطفال الغد يكونون أفضل من جيل اليوم.

هوامش:
• رئيس البلدية في حفل الافتتاح تحدث كثيرا عن دعمهم للفنون و الثقافة و التظاهرات و لكن الفضاء الخارجي لدار الشباب2 حاضنة المهرجان دون كهرباء، فهل بالكلام وحده تدعمون التظاهرات الفنية؟.
• أحد الأطفال من رواد دار الشباب عبر عن سعادته بوجود المهرجان في فضاء دار الشباب و السبب « فرحوا بالضيوف وركبولنا سبالة في دار الشباب على الاقل هناك ماء»؟؟.
• فقط في دار الشباب ام العرايس كل الكراسي مشدودة بحبل بلاسيتيكي الى بعضها كي لا تكسر او تسرق ولكن شغب الصغار دفعهم لحل الخيوط وبعضهم كان اكبر تحدي أمامه هو قضم البلاستيك و تحويل الكرسي من مكانه لا غير.
• «لم لا تواكبون الفعاليات الثقافية وتكتفون بالمشاكل، هل أشعل عجلات مطاطية لتتحولوا إلى ام العرايس؟» سؤال احد المواطنين الى وسائل الاعلام؟.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115