في المنستير: افتتاح الصالون الدولي للصورة الفوتوغرافية

دعنا دائماً نقابل بعضنا البعض بابتسامة، الابتسامة هي بداية الحب هكذا قالت «الأم تاريزا»

مرة ما وهنا في روسبينا يستقبلونك ايها الزائر بابتسامة حب، هنا يكون اللقاء طيلة 3ايام مع الصورة الفوتوغرافية وسحرها حكاياها، لقاء في دورة تحمل اسم المصور الحبيب عصمان للتعريف به وللحديث بالكاميرا عن الصورة وقدرتها على التغلغل في النفس البشرية وقراءة ما يخفيه اللسان ونقل نبضات الروح وشغف القلب».
روسبينا تنادي عشاق الكاميرا ليحجوا اليها ككل عام تناديهم ليتماهوا مع سحر بحرها وهدوء ازقتها و جمال بناياتها، روسبينا تدعوا محبي التصوير لينتشروا في كامل ربوعها ليصوروا وتلتقط عدسات الكاميرا اجمل الصور، روسبينا دعت محبيها ليكونوا ضيوف الصورة و في ساحة الفنون قبالة المدينة العتيقة والسور القديم كان اللقاء مع أعمال تسعين مصورا عشق الصورة واتخذها دينه وديدنه.


الطبيعة ساحرة اينما كان
نسمة بحرية تهب على المكان، المدينة العتيقة تعج بالمارة والزوار، السور القديم تزين بلوحات وصور فوتوغرافية فاصبح معرضا مفتوحا لعموم المارة، البعض يقف ويسال عن المناسبة واخرون يتلقطون صور «سيلفي» مع لوحات تشد انتباههم وبعضهم يقترح على الضيوف قهوة او شايا، الفنان كريم الزين قبيل سويعات من الافتتاح انهمك في تعليق اللوحات على حائط الصور صحبة كمال الوسلاتي لتكون لكل صورة مكانتها حسب الموضوع، الطقس في روسبينا ربيعي تفتحت ازهاره وزادته الصور الفوتوغرافية جمالا.

الطقس ربيعي ممتع والسماء صافية وبضعة غيمات تزين اعلى السور، نسمة بحرية جميلة يجدها الزائر في الصور الفوتوغرافية المعروضة بعضها يتغزل بالبحر وجماله وبعضها يقدم صورا للرياحين تتفتح في فصل الربيع فصل البدايات.
تامل اللوحات التي تتغنى بالطبيعة، تماهى مع الصحراء ذهبية اللون و راكبي الجمال يغازلون شمسها الذهبية، لك ان ترحل مع البحر وتستمع الى صوت موجه وتتامل عبابه الابيض، يمكنك ان تتوقف قليلا امام شجيرة تريد ان تظهر براعمها الخضراء وترنو الى السماء لتعانق الحرية.

تامل اللوحات وستعرف انه لو كان للأشجار لسانٌ لنطقت، وتغنّت بفصل الرّبيع وجماله، ففيه تتبدّل الأغصانُ اليابسة بالبَراعم الخضراء وأزرار الورد الصّغيرة، وفيه ينتثر النّدى على بتلات الورد ليغفو في أحضانه، وينشر عطره في كلّ مكان، وكم من قصيدةٍ رائعة الجمال تغنّت بهذا الفصل الرائع، وكم من قصصٍ جميلةٍ روتها الجدّات عن جمال فصل الرّبيع، كيف لا، وهو فصل الفراشات المُلوّنة، وفصل الحُبّ، وبداية الأشياء الجميلة.

وفي افتتاح الصالون الدولي للصورة الفوتوغرافية كان اللقاء مع زمن البدايات والصورة نقلت للزوار لحظات عشق لا تتكرر ، عشق كابتسامة محب يقول على لسان مايا انجلو «إذا كنت تمتلك ابتسامة واحدة فقط، امنحها للأشخاص الذين تحبهم، ولا تكن عابساً طوال الوقت. أخرج إلى الشارع وابدأ بإلقاء تحية الصباح إلى بعض الغرباء».

االشيخوخة قصة عناد وانتصار للحياة
مهلك ايتها الحياة، رويدك ايها الزمن لازال لنا الكثير لنحكيه، لازال هناك العديد من اسرار الحياة سننقلها الى الشباب لعلهم يعرفون كنهها وشبقها» هكذا تقول العديد من اللوحات، بورتريه لشيوخ تنبض أرواحهم حياة وحبورا، تجاعيد على الوجه، مسن تونسي يتكئ على عكازه ينظر إلى الكاميرا دون خجل الشاشية التونسية تزين رأسه الأبيض ينظر والتجاعيد وحدها تحكي قصة السنوات وأثرها فيه في روحه صور تؤكد المثل الفرنسي القائل: «للشباب وجه جميل، وللشيخوخة روح جميلة».

تتواصل الجولة تتواصل قصص الكبار وحكاياهم المنقولة بالكاميرا، شيخ آخر مهيب بلباسه الأبيض يتكئ على باب من اللوح القديم بنصف ابتسامة ينظر الى المصور وكأنه يخبره الكثير، في امتزاج بياض البرنس واللون البني للباب حكاية تمسك بالارض لون الحب التراب و التماهي معه هكذا تقول اللوحة.
شيخ ثالث لازال يتمسك بعله رغم تقدمه في السن، صانع الاجر المصري، اشيب زادته السنون قوة وبهاءا كلما نظرت الى الصورة ستجد الكثير من الحيوية والطاقة التي تبعث في الروح التفاءل.

النساء لا يكبرن وكلما ازداد العمر ازددن حلاوة وجمالا، عجوز تشدك اليها كلما حاولت المرور الا وجذبتك نظرتها واسرار عيناها، كتبت التجاعيد الكثير من الحكايا ولعينيها بريقها الخاص اما ابتسامتها فسلاح مازالت تتحلى به، لثغرها سحره وكانها فتاة العشرين.
هي طويلة الرقبة، تزين جيدها بقلادة بربرية الصنع، تلبس اللباس التقليدي القبايلي بكل الوانه، صورة تبعث في الروح الاشراق والجمال لشدة اسرارها وسحرها.

امرأة اخرى لها كل التحايا تلك السيدة صانعة الخبز في تكرونة، اعلى القرية الجبلية هناك سيدة لازالت تصنع خبز الطابونة وتبيعه لزوار المكان والسياح، مازالت تلبس اللباس التقليدي لجهة النفيضة ومازالت متمسكة بمهنة الوالدة، في الصورة نجدها شامخة معتدة بنفسها وذاتها وبعمهلها، تلبس الأزرق المتماهي مع زرقة السماء خاصة وان تكرونة قرية جبلية أعلى الجبل فتكون المرأة تعانق السماء تماما كقريتها، سيدة تونسية رفضت النزول الى المدينة الحديثة وحافظت على سكناها بقريتها البسيطة مؤمنة ان حياة القرية اجمل وأكثر هدوءا صورة تنقل سحر تكرونة ومعها سحر المرأة القوية وإيمانها باهمية العمل امرأة تنطبق عليها المقولة «المرأة بعاطفتها إنسان يفوق الانسان».
تتواصل الرحلة مع الصور سيدة أخرى لها قصة مع العمل، بوشم يزين الجبين والذقن وتجاعيد تحت العينين وفي اليدين تحمل الغربال وتصنع «الكسكسي» التقليدي امرأة تلبس «الحرام» القفصي كما يبدو من الصورة بلونه البنفسجي الجميل صورة عن عمل المرأة المنزلي وحفاظها على صنعة تكاد تندثر وموروث شعبي له تقاليده خاصة في الغناء لو حادثتها ربما تقدم لك النصائح عن الحياة وكيفية التعامل معها «فنصائح الشيخوخة تضيء دون ان تحرق مثل شمس الشتاء».

الطفولة في الوطن العربي؟
ساحرة هي ضحكة الاطفال وممتع حضورهم، يحولون السواد بياضا ومن اللاشيء يخلقون الحياة، لحضورهم وقع رذاذ المطر على الزهرة العطشى،الكل يقول «لله ما احلى الطفولة» ولكن هل الطفولة حلوة حقا في الوطن العربي؟ ربما لا وربما الطفولة قاسية ومرهقة للاطفال اكثر من الكبار كما تقول الصور في المعرض المعلق على سور المنستير.
لوحة اولى تبدو مؤلمة طفل في نظرته الكثير من الحزن والالم شعره اسود لكن مقدمة شعره بيضاء كانه شيخ في الثمانين او بعد، نظراته تائهة من التعب قد يكون سوريا انهكه اللجوء او تونسي اتعبه البعد عن المدينة او جزائري لازال يدفع ثمن أخطاء الآخرين او ليبي انهكه البعد والشتات او موريتاني لا يعرف كيف يتجاوز مشاكل داخلية مزقت الارض والعباد.
لوحة اخرى لاطفال سوريين في المخيم باقدام حافية يلعبون ويتسابقون في برك الماء الراكدة بسبب الأمطار من الوجيعة خلقوا املا وضحكة يشاهدها كل من يقف للحظات امام اللوحة.

اكثر من تسعين مشاركا جميعهم حملوا رسائل اوطانهم وافكارهم من خلال الصورة الفوتوغرافية كل وضع وجعه في صورة وثقت لحدث او ملامح ما، من سوريا والجزائر والمغرب وايطاليا وتونس وليبيا جاؤوا الى المنستير ليقاسموا اهلها قصصهم ورغبتهم في اكتشاف حكايا الاخر في دورة الفنان الحبيب عصمان.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115