في هذا المكان لازال للبدو وجودهم، لازال لحياتهم البدوية حضور، هنا لازال للخيمة مكانتها ولازالت مسكنا وموطنا، هنا في عمق الصحراء وفي الخط الحدودي مع وادي سوف الجزائرية يكون للثقافة بهرجها وبريقها المميز.
هنا حَزوة «بفتحة على الحاء» من ولاية توزر الجميع يستعد لانجاز الدورة الرابعة والعشرين والثانية دوليا لمهرجان الخيام الصحراوية بحزوة، هنا سيحتفون ايام 23 و24 و25 مارس الجاري بحياة البدو وتاريخ رجال غريب 9 هنا سيسلطون الضوء على السياحة الصحراوية والايكولوجية في بوابة الصحراء.
الفن تأريخ وذاكرة لا تموت
الفن ذاكرة، الموسيقى أداة لاستحضار امجاد الماضي والأغاني وسيلة للحديث عمن سقوا الأرض بدمائهم وربما تسجل الذاكرة الشفوية أسماء من نسيهم التاريخ الرسمي، صوت الطبول عنوان لذاكرة متقدة تتغنى بالون وبدور من سكنوا حزوة في الدفاع عنها من المستعمر، الرقصة مهما اختلف اسمها حركة للتعبير عن الرفض وربما إيصال ما عاناه الجسد أثناء الاستعمار، الفن تاريخ والثقافة تأريخ وتذكير بان هذه الارض شامخة كما نخيلها ولابنائها دور عبر الزمان في حماية الشريط الحدودي، هكذا سيكون اللقاء الاول لضيوف حزوة وضيوف مهرجانها، لقاء مع الذاكرة والتاريخ يقدمه أكثر من 150 فنانا، جميعهم سيحملون الحضور الى تاريخ «اولاد غريب» بالفن سنتعرف على ملامح تلك القبيلة ومساهمتها في حركة النضال الوطني، بالاغاني سيعرف الحضور من هم رجال غريب؟ ما هو دورهم في مقاومة المستعمر؟ أي المعارك شاركوا فيها؟ وما دورهم في حركة تحرير الجزائر؟ واسئلة اخرى سيعرفها الحضور يوم الجمعة 23مارس في عرض ملحمي هو الاول في المهرجان عرض من اخراج منذر بن ابراهيم، عرض بدوي زينته الخيام وديكوره الابل والخيول وقوامه ممثلين يؤمنون ان الفن ذاكرة وتاريخ وبادائهم سيسافرون بالمتفرج الى مائة عام خلت، مائة عام يقدمون فيها تاريخ رجال اولاد غريب، عاداتهم وتقاليدهم حكاياتهم التي نجدها في الاهازيج الشعبية.
الثقافة والسياحة وجهان لعملة واحدة
تعيش حزوة على وقع مهرجانها، عرس يجمع ابناء المدينة وأبناء الجنوب ليقدموا للحضور ما يميز بوابة الصحراء عن غيرها، حزوة المدينة الايكولوجية هي المنتج الاول للتمور البيولوجية وطنيا، وتقع حزوة، في ولاية توزر قرب الشريط الحدودي مع الجزائر على بعد 55 كلم إلى الغرب من مدينة توزر عاصمة الولاية. تقع في جوارها قرى صغيرة مثل بير أشلين، بير الخيم، بير الحمري، بير مويلش، بير العوابد، وبير الكوش وبير ثابت أبيار.
في حزوة تكون الثقافة وسيلة للتعريف بالمدينة وتاريخها وخصوصياتها، بالثقافة سيقدمون بعض الخصوصيات التي تجعل منها قبلة للسياحة الايكولوجية في لقاء علمي اول يقدمه مجموعة من الدكاترة والاساتذة عن «أمراض الابل والانتاج الحيواني» وثاني بعنوان « تراث غريب سند للسياحة الايكولوجية» وثالث حول كيفية استثمار الاتفاقيات التونسية الجزائرية في مجال الثقافة والسياحة واستضافة أفواج سياحية والتسويق لتونس كوجهة للسياحة الايكولوجية كما صرح لـ«المغرب» السيد علي السعيدي مدير المهرجان.
في حزوة وفي الخيام المنتشرة في ساحة المهرجان يكون اللقاء مختلفا بعيدا عن الجدران والحيطان المغلقة تكون الخيمة فضاء العرض والاجتماع الخيمة بكل زينتها ستكون مقام الضيوف وفضاء اجتماعهم وحديثهم عن الجهة ومميزاتها على حد قول السيد علي السعيدي.
للتراث سحره، للعادات حضورها للوشم في ظاهر اليد قصة وللشعر الشعبي حكايات واسرار عشق للمكان وللوطن، للحرفة اليدوية حكاية حنين وتمسك بالهوية جميع هذه التفاصيل ستكون حاضرة في المهرجان.
وينطلق المهرجان الدولي للخيام في يومه الأوّل بالعرس التقليدي وهو قافلة من الجمال والفرسان تجوب المدينة صحبة الهودج والفرق المشاركة ويليه تدشين لمعارض البراعات اليدوية والحيوانات والزواحف الصحراوية والصناعات التقليدية والأعشاب الصحراوية جميعها تؤثث للفرح وتخطّ بعض تفاصيله وتدعو الزوار لاكتشاف خبايا المكان واسرار من مروا من هناك.
للمحفل جماليته، للجبة والبرنوس والتخليلة والشاشية والملية والحرام روح تونسية وهوية فاللباس التقليدي عنوان لعشق متجدد وتمسك بالأصل والاصل عند البدو هو «المحفل» و «العكاظيات الشعرية» في حزوة وفي خيمة كبيرة سيكون اللقاء سهرة السبت 24مارس مع «المحفل» وتنافس للشعراء كل منهم سيقول اجمل ما عنده يتغزلون بالمرأة يتحدثون عن الحب عن الجمال عن «ام الغثيث الحمالي» عن سحر المرأة وقوتها عن المرأة الوطن سيقولون اجمل القوافي، رضا عبد اللطيف وضو حداد وجمال بن عيسى وعبد الله بلعيد ومصباح الجرادي وبلقاسم جميعهم سيغازلون الأنثى وطنا كانت أم صحراء أم خيمة وترافقهم ريم حمدي لتكون رمزا للمرأة الجميلة والشاعرة المتمكنة من القوافي ونظمها وبصوتها المميز تخاطب المرأة وتتحدث عن دورها واهميتها في المجتمع البدوي.
كما يقدم المهرجان لضيوفه جولة في ربوع الصحراء لاكتشاف جمالها والتعرف على حياة البدو ومميزاتها، في حزوة يكون العرس التقليدي من الفقرات الاساسية للمهرجان العرس التقليدي بكل تلويناته الموسيقية التقليدية تلوينات الفرح والحياة تقدم لضيوف المهرجان من تونس وخارجها.
وتشارك في هذه الدورة مجموعة من الفرق التقليدية الجزائرية خاصة من وادي سوف في اطار تطبيق اتفاقية شراكة بين ولاية توزر التونسية ولاية وادي سوف الجزائرية، الفرق التونسية والجزائرية سيقدمون عرض مشتركة لابراز وحدة التاريخ والذاكرة التي تجمعها.
بالاضافة الى فرق من ليبيا ومصر جميعها ستقدم بعض خصوصيات بلدانها فرق تشترك في انتمائها للصحراء، العالم الاكبر والاكثر سحرا، الصحراء التي يتماهى فيها الانسان مع انسانيته وفي عمقها يتصالح مع كل كائناتها الصحراء جنة ابراهيم الكوني تكون فضاء للابداع فضاء لبناء تعاليم الحلم وتقديم دروس عن الصبر والتمسك بالهوية رغم قساوة البيئة والمحيط.