بورتريه: «مغرب» الشباب: كوريغراف سهيل عبد الجليل الرقص دين الأقوياء وسلاح الصادقين فارقصوا

هنا بني خداش،هنا الجبل يحيط بالمنازل ويذكّر الزوار ان هذه الارض الصلدة سكنها من عشقوا الحرية،

فالجبل ذاك غير البعيد كان معقل الفلاقة، هنا خططوا ونفذوا وحاربوا ومن عزيمتهم ولدت رغبة الاحفاد الابدية في التحرر وصنع تقاسيم الجبال، بين هذه الجبال المترامية ولد حب سهيل عبد الجليل للرقص وكما تتمسك شجرة الزيتون بالتراب تمسك هو بحبه للرقص وللغة الجسد.

في هذه الربوع ولدت قصة عشق للكوريغرافيا، هنا بعيدا جدا عن المركز زرع في ضيف «المغرب» رغبة خفية في النجاح وسكنه حب للجسد وللرقصة ورغبة في التميز لا تنطفئ، ارادة كتلك التي قال عنها شاعر الانسانية ابو القاسم الشابي «لا يطفئ اللهب المؤجج في دمي موج الاسى وعواصف الارزاء .. فاهدم فؤادي ما استطعت فانه سيكون مثل الصخرة الصماء .. لا يعرف الشكوى الذليلة ولا البكا وضراعة الأطفال والضعفاء .. ويعيش جبارا يحدق دائما بالفجر الجميل النائي .. ساظل امشي رغم ذلك عازفا قيثارتي مترنما بغنائي».

الرقص كما حبات اللؤلؤ يبهر البصر والبصيرة
صامت وضحوك، كل الملتقيات الثقافية يكون عنصرا فاعلا، كلما استنجد به صديق او مدير فضاء يلبي النداء، من قابس إلى مدنين الى جربة الى العاصمة ، من القنطرة الى حوش الفن الى المسرح البلدي تدرجت رحلته مع الرقص، انطلق من اللاشيء ليصنع لنفسه عالما خاصا به، عالما يضجّ حركة وألوانا، (سهيل عبد الجليل من بني خداش ولاية مدنين، «عمري 20 ربيعا وأعمل في الرقص العصري والتعبير الجسماني والمسرح، ، انطلقت في الرقص في العام 2014 وقد خيّرته عن غيره من الفنون لان الرقص عندي اداة للتحرر والتصعيد بمجرد ان انطلق في الرقص اشعر ان سهيل الذي أخفيه في داخلي قد خرج وتحرر هو الاخر من كل القيود، بمجرد ان ارقص اراه امامي يرقص ويناشد الحرية كما بروميثيوس اشاهد حركاته واسمع ضحكاته الصادقة لذلك خيرت الرقص) هكذا يقدم نفسه، مضيفا ارقص كما يقول الشابي « ارقصْ على الوَرِد والأشواكِ متَّئِداً .. غنَّتْ لكَ الطَّيرُ، أو غنَّت لكَ الرُّجُمُ. «.
، في بني خداش ولد الحلم الاول، سهيل عبد الجليل ليس بخريج للمدارس في الرقص او المسرح، انما تعلم ابجديات الفن في الشارع، تحت الفنطرة اولا انطلقت قصة عشق شاب تونسي للجسد ولغته، سهيل اختار الرقص لان (هناك احساس يسكنني بقدرتي على النجاح وترك بصمة خاصة بي في هذا المجال «المحضور» في قريتي البعيدة) كما يجيب كلما سئل عن سبب اختياره للرقص.

عن الرقص يتحدث سهيل ويقول (ربما الرقص فن كغيره من الفنون يشترك معها في مسحة الجمال والحلم لكن الرقص الى القلب اقرب الرقص «سبيسيال» فليس من السهل ان تعبّر عن الفرحة او الوجع او الواقع بحركات الجسد، ليس من السهل ان توصل مشاعرك الى المتفرج دون كلام ولكن الحركة و المشاعر في الرقص تكون أصدق «برشة» فهناك (صدق في الحركة، برشة صدق في الاحساس بالحركة هذا يوصل ميساج انو الرقص عالم استثنائي) ، الرقص ان اجعلك تشاركني وجيعتي وتشاركني المي وأنت في قمة النشوة والبهجة، هكذا يرقص سهيل لكل حركة ميزتها اما نظرته اثناء الرقص فجد موجعة وكأنها تخفي وراءها الكثير من الاسئلة التي يجيب عنها دوما بالرقص.

هنا في مدنين نحلم ونسعى لنبدع
هناك بعيدا جدا، في قرية جبلية ولد سهيل، هناك تعلم ابجديات الحياة واخذ من قريته الصمود والشموخ ومن جبالها العزّة والانفة فنان عاشق لكل الفنون فلا مشكلة عنده مع الفنون ايا كان اسمها كما يصرّح دائما ، ولكنه فضّل الرقص ولا زال هاجسه الأول يقول: «وشخصيا اشعر بالفرح كلما شاهدت شابا او صغيرا يمارس الفن، ربما اتذكر اني رُفضتُ اول مرة حينما رقصت، وسالني كثر، ما الذي تفعله؟ «وين باش توصل ؟ و مجموعاتنا مغلقة لا تريد المزيد؟ وما الذي ستحققه؟ وغيرها من الاسئلة المحبطة كانت زادي لأنجح واثبت ان الارادة سلاح النجاح والحب ايضا زادنا لنبدع « وقد اجاب سهيل عن تلك الاسئلة بالرقص وترك لجسده حرية الاجابة حد ان اصبح الرقص جزءا من حياتي ويومي ولا يمكنني تمضية اليوم دون ان ارقص».

من مدنين انطلق الحب
سهيل عبد الجليل، «تلميذ مميز وفنان جد ذكي، شعرت منذ المرة الاولى انه مختلف له طاقة غريبة يوصلها اليك كلما رقص، لذلك كان عنصرا أساسيا في «بنت الحوش» واقنع الجميع» بهذه العبارات يحدثنا خالد اللملومي عن سهيل عبد الجليل.
سهيل عبد الجليل كوريغراف في بيئة ترفض الرقص ولازالت تراه عيبا، لكنه استطاع ان يفرض نفسه ويصنع لنفسه اسما في سنوات قليلة واضعا امامه مقولة « أرقص وإن لم تزل جراحك مفتوحة... ارقص وأنت حر تماماً.

انطلقت بداياته مع الفنان خالد اللملومي «إللي عندو عليا فضل كبير» كما يقول سهيل عبد الجليل عن معلّمه الأول، ثم شارك في مهرجان الرقص بتونس مع راقصين فرنسيي الجنسية، ثم تربص في الرقص العصري مع البحري بن يحمد بالاضافة الى تربصات في «البريك دونس» مع 4راقصين من سويسرا وتربص مع حمدي الطرابلسي وراقصين من تايلندا والجزائر ولكل تربص ميزة، لكل راقص طريقته الخاصة وقد «تعملمت منهم ان اكون انا ويكوزن لحركتي جزء من روحي فحين تكون انت حينها يمكنك النجاح» على حد تعبيره.

الرقص ارادة، والنجاح يطلب الكثير من التضحية وارادة قوية وبكل قوة وتمسك بحثه في النجاح يواجه سهيل عبد الجيل مشاكل اليومي والكم الهائل من المحبطات فقط ليثبت للكل انه قادر على صنع نفسه والرقص اختياره الذي لن يحيد عنه، بكثير من العزيمة استطاع ان يكون احد المشاركين في تربصات مع كبار الكوريغرافيا في تونس على غرار حافظ زليط ونسرين شعبوني وكريم توايمة ونجيب خلف الله، وبعزيمة اكبر شارك في تربصات «البالي الوطني» ضمن برنامج مدينة الثقافة تربص فتح له الباب ليكون من عناصر حفل اختتام ايام قرطاج المسرحية مع زهيبر قوجة.

واكد عبد الجليل ان التربص دام 12 يوما «البداية كانت مع olga الالمانية ثم كان له تربص ثان مع كريم توايمة فثالث مع «انا» الصينية وآخر التربصات كان مع خالد بن غربية من المغرب وبعد فرز افضل المشاركين تم اختيار سهيل عبد الجليل ضمن الفريق الذي سيكون جزءا من بالي مدينة الثقافة المسمى ب nouveau ballet national tunisien.

سهيل عبد الجليل اختار الرقص ليصنع لنفسه مسارا مختلفا، من العدم انطلقت قصة شاب تونسي ينظر الى الغد بكثير من التفاؤل، عن واقع الفن يقول «غدوة خير اكيد» ويضيف: «الرقص تنقصه الفضاءات، في تونس نحتاج إلى فضاءات ثقافية لنبدع، في مدنين تنقصنا الفضاءات الثقافية الخاصة وما اغلاق بعضها إلا عنوانا لوجيعة لا نريدها، دار الثقافة والشباب غير كافية لاحتضان العديد من المواهب التي لم تر النور الا بعد ان فتح «فضاء الحوش» أبوابه و اليوم فضاء مسرح الصغير « مشيرا ان الفضاءات الخاصة لها دورها في تأطير الشباب خاصة في الجهات لان الفضاءات الثقافية لخاصة هي رمز للأمل ونبراس لمبدعين كانوا يمارسون الفن خلسة تحت القنطرة ولمجموعة الخنقة التي انطلق معها سهيل عبد الجليل حكاية مع القنطرة وممارسة الفن خلسة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115