لحد أن أصبح دينه الفن الرابع وديدنه ادوار مختلفة لكل منها بصمة خاصة، من «طرق عساليج» الى النسور» و «ارض الفراشات» و «فلو» و «برلمان النساء» و اليوم يقدم لجمهور الكاف مونودرام «تجرأ.TN» نص لنور الدين الهمامي واخراج لزهر فرحاني وتمثيل ريان القيرواني وثلاثتهم من ركائز الفعل المسرحي في الكاف اختلفت تجاربهم وجمعهم الحلم ان يكون المسرح عنوانا للمقاومة وأما انجاز الملابس فهو للمبدعة المميزة إيمان الصامت.
موندرام يكون فيه ريان القيرواني صوت «عمار» الذي تجرّأ على الحب و خاض طريق الامل دون خوف وغامر صوب الحياة و الاهم انّه تجرّأ على السؤال ومن خلال هذا العمل «تجرأ. tn» أردنا ان يكون الضحك سلاح الانسان الاول للتغلب على الوجه العابس للحياة و بذلك ذهبنا الى الكوميديا الساخرة ليقتنص المتفرج كل فرصة مناسبة ليضحك فيها فالضحك نافذة واسعة نطل منها على الحياة ببهجتها و زينتها و جمالها على حد تعبير مخرج العمل لزهر فرحاني.
الكوميديا الساخرة فن نبيل وليست تهريجا
السخرية موجعة اكثر من التراجيديا أحيانا كثيرا ما يحتاج المتفرج لضحكة يعقبها السؤال عن وضع البلاد وحال العباد، نافذة نور الدين الهمامي ولزهر فرحاني وريان القيرواني كانت الضحك للنقد وطرح الكثير من الاسئلة المتشابكة، والممثل ريان القيرواني له طابعه الخاص في الكوميديا ففي كل الاعمال التي شارك بها كان لحضوره «المضحك» طابع خاص وخلف «الضحكة والسخرية» شخصية ممثل ممسك بزمام الدور والشخصية.
اليوم وجد جمهور الكاف ريان القيرواني في شخصية عمار يقرر الترشّح لرئاسة الجمهورية لتتحول حياته الي كابوس جراء العراقيل التي يتعرض لها والتي تحاول منعه او ردعه عن المواصلة، فهل من المعقول ان يتجرأ على الترشح لرئاسة الجمهورية؟ وهل يعقل لاحلامه ان تتجاوز الحدود الموضوعة سابقا؟ اسئلة تجيب عنها الشخصية بمواقف ساخرة ، الا أن اصراره وحلمه بمدينة مثالية وفاضلة يجعلانه يقارع حتي النهاية رغم وفاة امه وحبييته يبقي التجرؤ على الحلم وعلى الحياة مراده، «عمار» شخصية حالمة وقوية، شخصية ربما تمثل الكثير من الشباب التونسي الذي لازال يؤمن بقيمة الحلم ولازال ممسكا بحقه في الحلم وحقه في تحقيق ما تصبو إليه نفسه.
«تجرأ.tn» مسرحية معتمدة على تقنية الممثل الواحد تتوق حضور الجسد الاخر الهوية الاخرى او الذات الاخرى، هي صراع الواقع و الفن صراع الواقع والحلم صراع الحب و الحياة انطلقنا فيها من الفن التشكيلي من خلال تكسير الحدود المعروفة للحبكة السردية التقليدية مستخدمين اسلوب المنظور المركب و هذا المنظور نشأ من الخلط بين المشاهد المسرحية وكأنها الواقع والاحداث وكأنها مجرد مشاهد تمثيلية على حد تعبير الممثل ريان القيرواني.
وفي الملف الفني للعمل أشار المخرج لزهر فرحاني أنهم ركزوا في «تجرأ.tn» على بناء الحوار اللغوي وتشكيله وأهمية الحركة وكان الهدف خلق شاعرية مسرحية يتقاطع فيها المستوى الصوتي مع المستوى المرئي في تناغم شاعري منسجم.
وأضاف الممثل ريان القيرواني «اردنا في «تجرأ. tn» تأسيس علاقة «هارمونية» بين الصورة الصوتية وبين الصورة الحركية ليتحول العرض الى فرجة مشحونة بالديناميكية وبالحركية حتى لا يبقى المتلقي ساكنا في فرجة كونية تكرارية في مزيج من التراجيديا والكوميديا (التراجيكوميديا)..
في كوميديا ساخرة أردنا أن نتكلم عنها كفن نبيل وليس كفن رخيص وتهريجي كما يحدث اليوم وتفقد رسالتها السامية.
الممثل الاوحد والشخصيات المتعددة ضحكة خلفها جدّ
ممثل واحد على الركح، يقدم 12 شخصية مختلفة، ينقل للجمهور معاناة عمار الشخصية الرئيسية والشخوص الاخرى، يحادث جمهوره باسماء عديدة، لكل شخصية سرها وطريقتها في الحكي والقص نجح ريان القيرواني في تجسيدها وتقمصها، تجربة يقول عنها القيرواني اشتغلت في هذه المسرحية على 12 شخصية وكل شخصية لها تركيبتها الخاصة وحتي طريقة لعبها الخاص وهذا ما فاجأ الجمهور الذي استحسن كثيرا هذا العمل وطريقة اللعب التي ظهرت له على حد تعبيره كانت جديدة.
تجرا موندرام الممثل الواحد تجربة صعبة المراس يقول عنها ريان القيرواني العمل كممثل في مونودرام هو حقيقة عمل مضني وممتع في الآن نفسه معا حاولنا التركيز على الاداء التمثيلي الكوميدي المستند الى مرجعيات عالمية مسرحية كـ«البورلاسك» و«الغروتاسك» و«السخرية» و«فن المهرج» و«الفودفيل» في بعض الوضعيات كما لم اتغافل كممثل عن الاستلهام من مرجعيات سينمائية غربية كافلام جيم كاري وتركيزه علي الجسد الكوميدي الانفعالي الغرائبي فكل هذه المرجعيات أفادتني في تقمص شخوص المونودرام ليكون الاضحاك اضحاكا هادفا بناء تحكمه ضوابط ومرجعيات كوميدية قائمة علي النقد و التعرية قصد التغيير بعيدة عن السطحي المبتذل لتكون الضحكة ممزوجة بنوع من الألم والجدية.
في موندرام جرأة لجمالية الرؤية الاخراجية وروابط تتعلق اساسا بابداعات الممثل التي تتضح لنا من خلال العلامات التي تتنشأ في الفضاء كوحدة منسجمة تلك العلامات التي تفصله عن الفضاء اليومي ليصبح الركح هو المحمل و الممثل هو الفرشاة الملطخة بالالوان و اللطخات و الشطحات التي تحدد معالم هذا الفضاء وتشكله و فقا لرؤية جمالية حاملة لايقاعات متناغمة من تشكيلات اللون والضوء والملابس والماكياج كلها عناصر تشكيلية قائمة اساسا على التدرجات اللونية ليمتلئ هذا الفراغ الذي ينشد التنظيم و عدم ترك الخواء و النتوء كما كتب مخرج العمل.
«تجرأ. tn» موندرام من تمثيل ريان القيرواني، عمل يجمع الكوميديا والتراجيديا، مسرحية تطرح السؤال بطريقة مضحكة بعيدا عن الكليشيات مونودرام يؤكد ان السخرية فن نبيل له خصوصياته وليس مجرد تهريج وإضحاك فخلف الضحكة الكثير من الاسئلة التي حاول الممثل الاجابة عنها.