في افتتاح الدورة 50 من المهرجان الدولي للصحراء بدوز: عندما تتحول بوابة الصحراء إلى عاصمة الثقافة الصحراوية

ها هي مدينة دوز او بوابة الصحراء ، تفتح ذراعيها بعد ان ارتدت لباس عرسها مجدداً ، مرحبة بزوارها من كل حدب وصوب لتكون مقصد المهتمين

بالثقافة الصحراوية والعاشقين لسحر المكان النابض بالحياة رغم الهدوء والسكون وتاريخ مدينة ، يشهد بان الحراك الثقافي فيها موغل منذ القدم وفي مقدمته المهرجان الدولي للصحراء.

مدينة عاشت طيلة الاسابيع الاخيرة مع فعاليات سبقت الافتتاح الرسمي للتظاهرة وراوحت بين السينما و السباقات المتنوعة والتنشيط الموجه لمختلف الفئات العمرية ..لتبلُغ ذروتها يوم الاربعاء المنقضي من خلال ماراطون التسامح للعدو والدراجات العادية بالشراكة مع جمعية الألعاب الفردية بدوز والعرض الليبي للدراجات العادية بساحة حنيش، كما أقيم مساء بساحة الفنون بسوق الصناعات التقليدية،احتفال بخمسينية المهرجان وعروض فلكلورية وفرجوية تخللها تكريم أعضاء الهيئة التأسيسية وعديد الشخصيات الفاعلة في مختلف القطاعات في دورات سابقة للمهرجان، كذلك تكريم شعراء وفنانين تميزوا بعطائهم..هذا بالاضافة لليلة المهرجان «دوز المضيئة»، ليكون الموعد في السهرة بدار الثقافة محمد المرزوقي ،مع الشعر العربي الفصيح صحبة الشاعر الكبير جمال الصليعي وأصوات شعرية متميزة على غرار شهاب بن عمر،محمد الخامس باللطيف، ماهر بن علي و بلقاسم بن جابر الذي قدم نبذة عن تجربة الصليعي الشعرية التي اثرت المشهد الشعري المحلي والعربي ..سهرة تابعها جمهور واسع وزاوجت بين الشعر العمودي وشعر التفعيلة وقصيدة النثر حيث فاضت قرائح الشعراء بعبير الكلمات ، التي انسابت إلى أفئدة الحضور و تفاعلت إيجابيا معها..

متابعة مكثفة للعكاظية الشعرية
الافتتاح الرسمي كان صباح امس اﻻول الخميس و انطلق باستعراض الخمسينية من محيط ساحة الشهداء في اتجاه ساحة الفنون بســوق الصناعات التقليدية، مشكــلا خاصة من عدد من الفرسان والمهاري وفـــــرق الفنون الفلكلورية والشعبية من تونس والجزائـــر وليبيا وفلسطيــــن...كذلك افتتـــاح المعارض الثقافيـــة بـــدار الثقافـة وشمــــل معـــرض أرشيف المهرجان،معرض مؤلفي الكتب الصادر ﻻبناء الجهة خلال سنة 2017، معرض الاعشاب الطبية ومعرض أنواع التمور بنفزاوة، فضلا عن افتتاح معرض الاكلات الشعبية التراثية والصناعات التقليدية بالفضاء الخارجي لمتحف الصحراء بدوز..من الفقرات الجاذبة لهذه التظاهرة العكاظية الشعرية ، حيث انطلقت فعالياتها بدار الثقافة التي تجملت بديكور يتماهى وخصوصية الجهة التراثية ، كما سجلت حضور مختلف الفئات العمرية كذلك المرأة متابعة وشاعرة أيضا..أصبوحة شعرية أدارها الشاعر رضا عبد اللطيف وكانت البداية مع اعضاء لجنة التحكيم حيث أكد الأستاذ بلقاسم بن جابر ان جهة دوز منبت وارض الشعر في حين القى الباحث في التراث الليبي جمعة الفاخري شعرا بالفصحى والعامية ، أما الشاعر الباحث شهاب بن عمر فشدد على ان في معبد الشعر ﻻيقال اﻻ الشعر ..وفي اطار المسابقة المهتمة بموضوع «اﻻيام»، استمتع الجمهور بالعديد من المداخلات حضرت فيها خاصة الصور الشعرية وحسن الالقاء ..نذكر منها للشعراء ابن الجهة على بالناجي الذي جمع بين صور شعرية رائعة وحضور أصغر شاعر والبالغ من العمر 19 سنة وهو الليبي حمزة محمد اﻻصبعي والشاعر فوزي بوقطف ..
حضور مفاجئ لوزير الثقافة و«ملحمة خضراء» في حاجة للمراجعة ..

المحطة الرئيسية الثانية كانت العروض الفرجوية بساحة حنيش، حيث تحول عشرات اﻻﻻف لمتابعتها..والبداية مع الكرنفال وعروض فلكلورية وشعبية لعديد الفرق،لوحات نهلت من الموروث التراثي على غرار الجحفة والصيد بالسلوقي وسباق المهاري بالاضافة لألعاب الفروسية وسباق المهاري وقد تفاعل معها الحضور كثيرا خاصة مع شبه غياب لفوضى تعودنا ملاحظتها في الساحة،ليكون الموعد مع عرض لملحمة «خضراء» من تأليف حاتم الغرياني ، إعداد و تلحين موسيقي رضا بن منصور وإخراج حافظ خليفة وجمع وجوه درامية تونسية.. «ملحمة» عن السيرة الهلالية و«تكريم» لمحمد الرزوقي، لكن أين تكريم المرزوقي وقد جُعل في ساحة بطربوش وكأنه حكواتي؟، أما عن جنس العمل فكان غامضا فهو ليس من السيرة و لا ملحمة ولا فنطازيا تاريخية وهو عمل مجزء والوحدة العضوية غير موجودة، أما عن توظيف التراث «التلهيم و «المرحول» فكان مسقطا ،كذلك خليط من اللهجات فضلا عن تحريف اللهجة الجنوبية في النطق،بالاضافة لتوظيف بعض الأشعار المنسوبة للجازية في غير محلها من العمل دون أن ننسى اسقاطات لاحداث ومواقف تتناقض مع المسار التاريخي والبعد الرمزي مع تشويش في مستوى قراءة الغزوة الهلالية كتشبيهها بالفتح أو بالصراع الاثني وجعل المرأة مغذية للقيم السلبية على غرار الثأر واحتقار الاخر مما قلص من رمزية الجازية باعتبارها امراة حكيمة وصاحبة راي وتدبير ..ختاما هو عمل يشكو من ضعف النص الدرامي بسبب ربما ترقيع النص الاصلي وتداخل المعارف التاريخية والتباسها، وهو عمل في حاجة لا فقط إلى لجنة مشاهدة بل للجنة قراءة ومراجعة.. تجدر الاشارة إلى أن حفل الافتتاح تابع نهايته وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين الذي أصر على الحضور- بعد تخلي وزيرة السياحة لاسباب غير مقنعة - رغم المجلس الوزاري وللظروف الطبيعية وصعوبة التحول بالطائرة ،علما وان زيارة الوزير الى دوز كانت مبرمجة في الاختتام.. أما عن السهرة الفنية الاولى فقد أقيمت بالمنطقة السياحية وأثثها عرض الزيارة وغوص وتجديد حقيقي في الموروث الصوفي مع انفتاح على الموسيقات العالمية مما زاد من تفاعل الجمهور المتابع..

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115