«ريكاب» سنة من الثقافة: 2017 تميّز الشباب و معهم الوزير بقراراته المرتجلة

انتهى العام 2017، حاملا معه أحداثا ثقافية و محطات اضاءت المشهد المعتم في وطني، مشهد ثقافي تأثر بالعديد من الأحداث في العام 2017

ولدت تظاهرات وقبرت أخرى ولدت احلام وتجسدت في مشاريع فنية وإبداعية وضاعت احلام اخرى بسبب قلة الدعم وعدم وجود فضاءات تحتضن هذه الافكار، في العام «2017» واصل «الكبارات» سيطرتهم على المشهد الابداعي عموما بينما لازال «الصغار» ينحتون مسيرتهم المثقلة بالأشواك محملين بطاقة عجيبة ليتميزوا.

انتهى 2017 وحمل معه تظاهرات عاشت على وقعها كامل أنحاء الجمهورية بعضها نجح وبعضها فشل ولكنه قيد في «شهادة عرض» انتهى العام 2017 ولكن لم تنته سياسة تهميش الثقافة مقارنة ببقية المجالات، انتهى 2017 ليدخل 2018 وميزانية وزارة الشؤون الثقافية لازالت «صفر فاصل»، انتهى 2017 ومعه تقليص ميزانية مهرجان الحمامات ب 65بالمائة، انتهى 2017 وضاعت معه مشاريع كانت تنتظر لجنة الدعم علها تؤشر بالموافقة على المشروع، انتهى 2017 ولازال الكثير يستغلون «صندوق الدعم» لانجاز اعمال لو شاهدتها ستتساءل «ما هذا؟» انتهى العام ووعود الوزير مازالت تنتظر التحقيق؟، انتهى 2017 فما الذي بقي في الذاكرة؟

جنون المسرح عنوان إبداع
عام انتهى تساقطت ايامه ويستعد المشهد الثقافي لاستقبال عام جديد، طيلة 2017 كان المسرح سيد الفنون و أميرها في كامل ربوع هذا الوطن كان الفن الرابع عنوان قوة، لولا جنون المسرحيين وعشقهم للمغامرة لما تحدثنا عن حركة مسرحية محترمة.

في مدنين كان الموعد مع اعمال مسرحية مميزة انطلاقا من «الرايونو سيتي» اخراج علي اليحياوي، العمل الذي سلط الضوء على سكان حارة الرايونو، عمل لفت الانتباه الى الهامش و صرخ فيه الممثلون في الدولة ان انظري الى ابنائك الذين يأكلهم الصمت.

فمسرحية «اولا تكون» للمبدعين انور الشعافي و بوكثير دومة وان اجتمعا مجنونان سيكون العمل مجنونا بامتياز، في «أولا تكون» جمع اكثر من نص لشكسبير في مسرحية تونسية بتقنيات جديدة تميز في ادائها ابناء مدنين واثبتوا أن بعيدا عن المركز يعملون في صمت ويبدعون.

في مدنين ايضا انتج حوش الفن عمل «بنت الحوش» و «مقدس» كلاهما من اخراج ابن مدنين خالد اللملومي، الذي رفع شعار «نعم للحلم والارادة، هنا نبدع ومن حقنا ان نحمل مشعل الابداع».

من مدنين الى قفصة، هناك افتتح العام مع عمل «حديث الجبال» اخراج الهادي عباس، عمل جمع ثلة من اجمل ممثلي قفصة، ايمان مماش ومحمد السعيدي ولسعد حمدة اجتمعوا ليحلموا ويكتبوا الياذة الحب على الركح، عمل تحدث عن سكان الهامش عمن يدفعون حياتهم مقابل كرامة الوطن، كرموا سكان الجبل.

واختتم العام بسؤال عن النخبة في مسرحية «انتلجنسيا» اخراج نزار السعيدي، عمل يغوص في الذات البشرية ويحاول تحليل الفكرة والكشف عن البون الشاسع بين النظرية والتطبيق، في «انتلجنسيا» حديث عن الفكرة وكيفية تجسيدها، عمل تقدي بامتياز ينقد النخبة ويكشف خواء افكارها ونظرياتها.

اخر اعمال العام 2017، كانت مسرحية «بلوك74» للمخرج وليد الخضراوي، عمل جمع ممثلين من قفصة والقصرين، هو رهان اخر ان المسرح ممكن في الجهات، وان قست ظروف الانتاج ولكن ارادة الحياة عندهم اقوى، «بلوك 74» عملت تميزت فيه الممثلة زينة مساهلي وعباب الاطلس الحنديري وصالح الظاهري الذين تشبعوا بروح المغامرة من القصرين.

في القيروان وطيلة العام كانت «صابرات» حمادي الوهايبي عنوان للجدل والنقاش، العمل الذي كان اخر عروضه في مهرجان عمر خلفت بتطاوين منذ ايام كان جريئا حد المنع في بعض الدول العربية، مسرحية تحدثت عن مصير «بائعات الهوى» بعد غلق المواخير، نص جريء وأداء اكثر جرأة من ممثلات ابدعن على الركح.

«الكميون الثقافي» الفكرة الحدث حلم تحقّق
فنان حالم يؤمن بحق ابناء الارياف في الثقافة والإبداع، لم يمنعه بعده عن المركز من الحلم وصنع مسرحه الخاص ، تلك الشاحنة صنعت الفارق طيلة العام، منذ اول عروضها في جانفي 2017، والكميونة العجيبة عنوان للأفكار المتجددة و الامل الدائم، هناك في ربوع ماجل بلعباس من ولاية القصرين ولدت فكرة تحويل «الكات كات باشي» الى مسرح متنقل، غرابة الفكرة وطرافتها كانت عنوانا لميلاد مسرح جاب ارياف القصرين وقفصة ومدنين وتطاوين والقيروان والحمامات أيضا.

الكميون الثقافي للمسرحي بلال علوي مثل نقطة ضوء في ربوع ظلمة ثقافية تعيشها ارياف الجهات الداخلية، الكميون الثقافي الذي غيرت واجهته وزينت بأجمل الالوان وأصبح الجزء الخلفي مسرحا حمل الى اطفال المدارس الريفية الموسيقى والمسرح، اصبح صديقا لضحكتهم وعنوان للفرحة «حين اشاهد ضحكة طفل صغير اشعر بالنشوة» على حد تعبير صاحب الفكرة بلال علوي، «الكميون الثقافي» صنع الفارق والحدث في العام 2017، فكرة تولدت عنها فكرة اخرى اشد طرافة هي «القرية الثقافية»، الكميون عوض «المواد الفلاحية» حمل المسرح وتجمّل بالموسيقى ناشرا زهور الفرحة على اطفال عطشى للإبداع، فكرة سعى البعض الى تقليدها على غرار «التاكسي الثقافي» و«الشاحنة الثقافية».

سمّامة عاصمة للثقافة
حين يصبح الهامش عنوانا لحركة ثقافية متواصلة، حين يصبح الجبل موطنا للابداع والتظاهرات اكثر من المسارح و دور الثقافة حينها فقط تعرف ان الابداع لا ينحصر في المركز والحلم لا يقتصر على كبرى المسارح و المدن المجهزة، فأشجار الجبل زينة أيضا و صبار الجبل عنوان للصمود وسكان الجبل يعشقون الفن ويمارسونه يوميا بكل تلقائية.

هناك بعيدا عن المدينة، في ريف الوسّاعية والأرياف المجاورة اصبحت التظاهرات الثقافية عادة اجتماعية، تقريبا لكل شهر تظاهرة موجهة اساسا للأطفال، هناك سفح جبل سمّامة انطلقت اشغال المركز الثقافي الجبلي الذي سيجعل من سمّامة عاصمة كونية للثقافة الجبلية، هناك في سفح سمامة اجتمعوا على حب الفن والموسيقى وفي مسرح حفرته سواعد تأبى الخنوع اجتمعوا وغنوا واخبرونا عن «أهازيج الجبل» و«وقت الجبال تغنّي» لا نملك الا خيار الاصغاء والانصات لكل نوتة ولكل وجع يولد يتحول بالموسيقى الى قوة تشحذ عزائم سكان الجبل ليواصلوا مسيرتهم ويحموا جبلهم.

أرياف القصرين اصبحت عنوانا لاجتماع المبدعين من كل ربوع الوطن، سمامة قاومت صورة النمطية والارهاب وحوّل سكانها وجيعتهم الى تظاهرات ثقافية تدفع الاطفال ليواصلوا الحلم، من عيد الرعاة، الى مسيرة الزهور، و «ورد وكرطوش» وغيرها من التظاهرات لتي اصبحت عنوانا للمقاومة.

الكلمة للشباب لهم الريادة والحلم
انتهى العام 2017، ولكن رسخ في الذاكرة الحضور الفاعل للشباب تحديدا في الجهات فهم رمز الفعل الثقافي في جهاتهم، هم الذين اختاروا التموقع في مدنهم وقراهم ليبدعوا دون الهروب من قسوة الجغرافيا ولا ظلم التاريخ، في تطاوين لازالت جمعية ملتقى سينما الجنوب التي يشرف عليها محمد راشد متمسكة بحق ابناء تطاوين في السينما وحقهم في مشهد ثقافي حقيقي بعيدا عن التظاهرات الموسمية ومع مهرجان ملتقى سينما الجنوب نظمت الدمعية ملتقى «أول فيلم» فرصة لتكوين المربين ليكونوا هم حملة لواء السينما لتلاميذهم

جارتها مدنين تنافس على الحلم والإبداع، خالد اللملومي وحوش الفن الذي مثل نقطة ضوء امام التصحر الثقافي، و كريم خرشوفي صاحب فضاء المسرح الصغير و نجد زقروبة صاحب فضاء «مسار» و حمزة ضو فضاء وطن هناك يتنافسون للخلق والإبداع يتنافسون ليزرعوا مدنين أملا ومسرحا وفنا فهناك علمتهم قساوة المكان ان الفن حياة.

من مدنين الى القصرين ليثبت ابناء تلك الربوع انهم فعلا يقاومون لينجحوا، وليد الخضراوي في القصرين المدينة وزينة مساهلي في سبيطلة واحمد نصرلي في القصرين المدينة وبلال علوي في ماجل بلعبباس جميعهم عملوا ان تتنفس مدنهم الفن لقد ابدعوا وعملوا في صمت ليقدموا لأطفال تلك الربوع ابتسامة صادقة.

في سليانة اتحدت مواقف هدى الرزقي وسامح مسعودي وبلقاسم عزديني وعلاء الدين فرشيشي ليقدموا لأبناء قعفور مشهد ثقافي حقيقي وبديل عن التظاهرات الموسمية، في قعفور أسسوا فعلا ثقافيا حقيقيا يعيش الكثير من المصاعب ولكنهم مازالوا يتمسكون بحق ابناء الجهات في الابداع.

نيابوليس الانجح جماهيريا
المهرجان الوحيد المختص في مسرح الطفل، مهرجان نيابوليس بنابل اثبت انه الانجح جماهيريا واثبت ان لمسرح الطفل جمهوره متى توفرت استراتيجية عمل واضحة، ولدورتين متتاليتين اثبت وليد بن عبد السلام انه مدير قادر على انجاح المهرجان ليكون في مصاف التظاهرات الدولية المحترمة، مهرجان يحترم الجمهور ويتوزع على اكثر من فضاء وقادر على تحقيق النجاح، نيابوليس يستحق ان تكون ميزانيته مئات الملايين لأنه اثبت انهم قادرون على كسب ثقة الجمهور داخل تونس وكسب ثقة الضيوف الاجانب.

مهرجان الحمامات الدولي منارة
تميزت الدورة الاخيرة من مهرجان الحمامات الدولي، تظاهرة انفتحت على المحيط الخارجي وحملت الثقافة الى المواطن اينما كان،مهرجان الحمامات قدم الى جمهوره فقرات متعددة اكتسحت الفضاء الخارجي من خلال عروض outdoor عروض ذهبت الى المتفرج حيث يوجد، عروض قدمت الموسيقى والمسرح امام برج الحمامات، هناك استمتع الحضور والمصطافون بحكايات الصحراء عير عروض «عروق الرمل» لحافظ زليط، وعانقوا سحر الجبل وصموده من خلال «وقت الجبال تغني « لعدنان الهلالي واستمتعوا بجنون موسيقى غولة وثورة نغمات حيدر حمدي، قبالة البحر توفرت المتعة مجانا، عروض متكاملة من حيث القيمة الفنية المقدمة.

ولأطفال الحمامات نصيبهم من المهرجان ضمن فعاليات الـ festwave التقى اطفال الارياف مع عروض للكميون الثقافي، اطفال سيدي الجديدي و المزيرع والمنشر و العدالة استمتعوا بعروض «الماريونات» و الكلون وكل ما يدخل الى نفس الطفل البهجة والفرحة، وداخل الاسوار صنع المهرجان الفارق فعلى ركحه غنى الكينغ محمد منير و غنى الهام مدفعي وأبدعت لينا شاماميان وكان للحملات شرف استضافة انور براهم ليقدم عرضه العالمي الاول في تونس.

الموسيقى هوية... عرض «عروق» لبدر الدين الدريدي
الموسيقى التونسية عنوان للهوية، الموسيقى عنوان للانتماء وفي 2017 تميز فنان يقيم بين تونس وايطاليا، حلم بالنجاح وبمشروع تونسي افريقي مغاربي صحراوي عالمي، جميعها تلوينات لن تجدها الا في عرض «عروق» لبدر الدين الدريدي، عرض هو في الاصل مشروع ولد بفكرة مشتركة بين بدر الدين الدريدي ومحمد الخشناوي عازف الباطري، كبرت الفكرة ومعها الحلم ليولد عرض اسمه «عروق»، عروق العودة الى الاصل، عروق الموطن والوطن الصغير في فكر شاب تونسي طموح جمع حوله ثلة من اجمل العازفين وهم وجدي الرياحي وأحمد ليتيم ووسيم بن رحومة وعماد فلفول ومحمد الخشناوي وجوهر تبر و الصحبي مصطفى جميعهم تشاركوا في الحلم ونجحوا، عروق شارك في مهرجان الزهراء ومهرجان سليانة ولكنه يستحق اكبر المهرجانات عرض فيه استحضار لتونس بطريقة مميزة، مع تجديد في اللحن والكلمة.

روضة بن عبد الله تصنع الحدث
فنانة تشبعت بالموسيقى تعطرت بالنوتة والنغم، تصنع لنفسها مسيرة فنية ثابتة الفنانة روضة بن عبد الله التي نجحت بعرض اسرار ثم عرض قطايتي، فنانة تدافع عن اللهجة التونسية وتصر على قدرتها على ايصال رسائل حل، روضة اختارت الطريق الصعب وهو الالتزام بماهو ثقافي لا السقوط في التجاري طريق قالت عنه «اعرف انه صعب ولكنه يشبهني، اشعر بصدق ما اقدم، فالفنان كلما زاد صدقه مع ذاته ومع فنه ضمن نجاحه وسعادته وأحبه جمهوره، اعرف ان «الثنية صعيبة» ولكنها النبض والحلم فانا اقدم موسيقى اتقاسم فيها الاحلام والهواجس والأفكار مع الصادقين، كثيرا ما تساءلت «علاش ها التعب» ودوما تكون الاجابة لانني أشبه نفسي وفني سيكون صادقا يشبهني» روضة بن عبد الله فنانة ذكية عرفت كيف تتعامل مع التكنولوجيات الحديثة وأصبحــت تشــوق جمهورها لأغانيها لانها تقوم بتنزيل أغنية في كل فترة حتى تشد انتباه المعجبين والمهتمين، فنانة تستحق ان تكون الافضل في العام 2017.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115