والتي تتواصل الى غاية يوم غد 24 ديسمبر، بدعم واشراف من وزارة الشؤون الثقافية ووزارة السياحة والصناعات التقليدية.
ويعد هذا المهرجان العريق من التظاهرات الثقافية والسياحية الكبرى ببلادنا. ويضطلع بدور هام في تنشيط الحركة والاقتصادية والتنموية الى جانب مساهمتة في التعريف بالمخزون التراثي والحضاري والثقافي لمنطقة الجريد القديمة قدم التاريخ، والتي شهدت تعاقب عديد الازمنة والحضارات والحقب التاريخية التي لا تزال ملامحها والى يومنا هذا شاهدة على عراقة الجهة في التاريخ...
تلوينات فرجوية في الافتتاح
انطلقت فعاليات الافتتاح الصباحي، على طول شارع الحبيب بورقيبة، بمشاركة عديد الفرق الفولكلورية والشعبية والصوفية، الى جانب الفرق العربية والتي قدمت وبمعية مجموعة الفرسان، عديد اللوحات التي تجسد المظاهر الاحتفالية وأعادت الى الاذهان خصوصيات هذا المهرجان الثقافي والسياحي والتراثي، والتي لا يمكن باي حال من الاحوال الفصل بينها او الاستغناء عن احدى هذه الخصوصيات، وشكلت مختلف هذه الفعاليات التي واكبها جمهور هام من ابناء الجهة ومن الوافدين عليها من عديد جهات الجمهورية مادة دسمة لعدسات المصورين، واثبتت أن هذا المهرجان، لما يمتاز به من خصوصيات متفردة بامكانه أن يقدم الافضل في كل دورة، شريطة ان يحظى بعناية اكبر من سلطة الاشراف، اذ لا يمكن لهيئة مديرة اعداد برنامج لتظاهرة دولية في فترة لا تتجاوز 45 يوما. وتتكون من اعضاء اغلبهم لا علاقة لهم بمجال الثقافة والابداع. حيث ان الهيئة المديرة لهذه الدورة كانت شبيهة بهيئات المجالس البلدية، وبهيئات اخرى ذات طابع سياسي. والتي خلنا اننا قد قطعنا مع مثل هذه التسميات، والتي تحاول من خلالها السلطة الجهوية ارضاء بعض الاطراف على حساب الثقافة والابداع. وضمن الفعاليات الصباحية لليوم الاول ايضا. انتظمت جملة من العروض الموسيقية بالقبة الضوئية وسط المدينة،إلى جانب افتتاح قرية الألعاب للأطفال بساحة دار الثقافة الشابي وتواصل نشاط معرض الصناعات التقليدية بالقرية الحرفية، ومعرض الكتاب بروضة الشابي والمعرض التجاري.
العرض الفرجوي: حكايات جريدية
وخلال الفترة المسائية، وبساحة المهرجان بطريق دقاش، انتظم العرض الفرجوي تحت عنوان «حكايات» بين واحات النخيل، وشكل هذا العرض الفرجوي مناسبة هامة خاصة للوافدين على منطقة الجريد للتعرف وعن كثب على خصوصيات وعادات وتقاليد سكان هذه المناطق الواحية والصحراوية، من خلال اللوحات التي تجسد مظاهر الفرحة خلال المناسبات الاجتماعية، كالاعراس التقليدية، ونماذج من الحياة اليومية داخل الواحات، ومنها لوحة العودة من الواحة، وقد انطلقت الفعاليات بالنشيد الرسمي للتاكيد على ترسيخ ثوابت حب الوطن –تونس- التي ستظل راسخة في الارض، شامخة في السماء رغم الداء والاعداء.
«أنا يا تونس الجميلة في لج الهوى قد سبحت أي سباحة
شرعتي حبك العميق وإنّي
قد تذوقت مره وقراحه»
هكذا انشد الشابي، وتغنى بحبه لتونس، وهكذا يفعل اهل الثقافة اليوم في توزر احدى القلاع والدروع الحصينة لهذا الوطن، والذين يتحدون اليوم كل مشروع حامل لثقافة الموت والعدم والعدمية في زمن الاحزمة الناسفة ليس للارواح البشرية فقط، بل لكل المبادئ والقيم النبيلة، ولكل ماهو جميل على هذه الارض بمشاريع ثقافية جادة وهادفة، على غرار المهرجان الدولي للواحات الذي يعد مناسبة للتاكيد على سلامة وامن الجهة، رغم ما تشهده بلادنا من محاولات يائسة لاعداء الحرية، من ظلاميين وتكفيريين، ومن يقف خلفهم ويدعمهم للنيل من سلامة وامن بلادنا، وحرمة وطننا، الذي يبقى عصيا على امثال هؤلاء، بفضل حمايته من طرف الامنيين والعسكريين وكل مواطن شريف، والذين اقسموا بالذود على امنه ورايته، ايمانا منهم باننا لا نساوي شيئا بدون وطن، على راي الشاعر الشعبي الغزال الكثيري:
« سوى نعيش في قصر الهناء وابراجه
سوى عيشتي محتاجة
بلاوطن ما يسواش عمري حاجة...»
ثم كانت اللوحات الاخرى بمشاركة الفرق الصوفية والشعبية والفولكلورية ، وايضا عروض الفروسية، التي عرفت بها جهة الجنوب منذ القدم في الذود عن حرمة البلاد والعباد...
«يا خيل صولي وجولـي
وقولي على ماضي زمان وقولي
قداش بفحولك زهى مرحولي وقداش كنت شايشـة شطاحـة
وقداش ركبتي نظيف الحولي وقداش عالظهرك شهــر سلاحــه»
وتواصلت رحلة النبش في ذاكرة التاريخ والحضارة لجهة الجريد، لابراز المكانة الهامة للمنطقة والتي كانت ومنذ القدم تشكل مركز تجاريا وثقافيا هاما بين القارة الافريقية والشرق، مما ساهم في اثراء وتنوع حضارتها وعاداتها وتقاليدها، وحرفها وفنونها، من خلال العرس التقليدي وما يرافقه من مظاهر احتفالية بمشاركة الفرسان وموكب الجحفة، والمحفل وغيره من العادات التي لا يزال البعض منها حاضرا في اعراس الجريد الى اليوم، وصولا الى القافلة والمرحول والتي تحكي قصة الترحال والانتجاع بين مناطق الجريد ومناطق الشمال الغربي، طلبا للرزق وبحثا عن مواطن جديدة للعيش الكريم.