من السجن إلى فضاء التياترو: «وجيعة» مسرحية أبطالها السجناء أنفسهم...

حين يتحول السجين إلى مبدع ومن رحم المأساة والوجع اليومي يولد الفن وبين عتمة القضبان يصدح صوت « الوجيعة »

، مسرحية ابطالها السجناء أنفسهم، تحرك بدواخلهم ذلك الفنان المنزوي ، فأطلقوا العنان للإبداع على أشلاء واقع مثقل بهموم تلاشت على قارعة السجون وأصبحت معها الحياة حلما منكسرا عصي المنال.

بطل المسرحية ، يبلغ من العمر 35 سنة وهو نزيل بسجن برج الرومي ، حكم عليه بالسجن المؤبد، ورافقه في رحلة الساعة من العرض على خشبة مسرح « التياترو » ببادرة من الإدارة العامة للسجون والإصلاح ،نزلاء بالسجن نفسه تراوحت أعمارهم بين 25 و29سنة وجمعتهم لحظة الفعل المسرحي.
وقائع المسرحية عكست تجسيما ركحيا لفلك اجتماعي تجسد عبر سجناء اختلفت جرائمهم وجمعتهم القضبان، فانطلقوا من التفاصيل الصغيرة ومارسوا حق اللجوء الفني واستحضروا وجع الحياة والواقع والوهم عبر صورة مسرحية انبنت على تقنيات سردية ورؤية جمالية ايحائية عكست اللوعة والندم ومرارة الفرقة والبعاد
تقاطعت الشخوص في هذه المسرحية «الوجيعة» لتؤسس لحالة تعويضية عاشها السجناء وتقلبوا معها بين طلب الصفح وبين شقاء الواقع والإصرار ومنازلة المصاب وبين الصمت والتسليم ليذبح طيب الحياة على عتبات السجونُّ

كما استعاذت الشخوص طوال العرض عن خطاب الكلمة لتتوسل بالجسد ناصية للمحاكاة والتعبير والبحث عن حياة مفقودة منشودة جسدتها دراما المراوحة بين نحيب شعرية غنائية للفن الشعبي تروي مرارة الفرقة والمآل وعزف سمفوني اوبيرالي خافت يتوارى ويعود ليعلن استحالة الانفراج
« وجيعة »، مسرحية انفتحت على الوجع لتقفل عليه، وجع السجن والم الفراق وحرقة اللقاء بين السجناء وعائلاتهم الذين واكبوا العرض لينخرط الجميع في بكاء اشبه بالنحيب اخترق صمت السجون ونسي فعل الاجرام في لحظة انسانية جمعت بين السجين وام السجين والطفلة التي تذرف الدمع مدرارا وهي تعانق اباها شوقا والمتفرج والسجان والمخرج والقاضي والفنان …

مخرج المسرحية، الأستاذ المسرحي محمد الأمين المزوغي ذكر ان مسرحية « الوجيعة » تسعى الى تجذير الفعل الثقافي داخل السجون بما يعزز دور الفن في تقويم الانحراف الاجتماعي وتكريس السلوك المواطني لدى السجناء
وأضاف ان الفسحة الفنية من شانها التاثير إيجابا على سلوك السجين بما تخلقه من ردهات يغوص في فلكها السجين فتهذب من ذوقه وتطوع ملكاته وتنحت لديه مفهوم التعايش السلمي مع بقية السجناء عبر نشر ثقافة المسرح.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115