مسرحية «ظلال أنثى» للمخرج اياد شطناوي: نحن النساء نحن نبض الزمن و سيدات الأرض

هنّ سيدات الزمان والمكان هن الابتسامة والسعادة والحياة، هن أمل متجدد ونبض حب لا يهدأ أبدا، هن النساء سيدات الأرض والحلم،

هن الشامخات الماجدات وان قست الحياة وتجبّر الرجل ، لولا المرأة لما اصبح الرجل عظيما ولا استطاع بناء لبنات ذاته، على الركح اجتمع ثلاث نساء ليقدمن عملا يتحدث عن وجيعة المرأة مسرحية من الأردن وكأنها صرخة أنثى لتحلم وتعيش وتخرج شظايا الظلم والألم الذي تقاسيه المرأة العربية.
من الأردن قدموا بمسرحية «ظلال انثى» للمخرج او نصير المرأة كما يسمونه اياد شطناوي عن نص لهزاع البراري ومعالجة نص لعلي عليان وسينوغرافيا محمد المراشدة و تمثيل مرام ابو الهيجاء واريح دبابنة ودلال فياض إنتاج فرقة المسرح الحر وهي فرقة «تضع نصب أعيننا في المسرح الحر البحث الدائم عن الجمال في اللغة البصرية والغذاء الفكري واحترام ذائقة الجمهور».

بين صدق المرأة و ظلم «الذّكر» قد تتبخر ملايين الاحلام
هنّ ثلاث نساء على الركح اختصرن وجيعة ملايين النساء في العالم العربي، هن ثلاث نساء تحدثن عن معاناة المرأة في المجتمع المشرقي والعقلية الذكورية، هن ثلاث نساء ومن المفارقات انهن يحملن اسماء ذكور، رحيل وزمن وطيف،ثلاثتهنّ عانين قسوة الذكر واشتركن في الشعور بالاغتراب في محطة قطار مهجورة لن يصل إليها القطار مطلقا.
موسيقى حزينة كتلك التي تغنيها الجدات وهن يهدهن أحفادهن ويتمنين لهم مستقل أفضل، ضوء خافت وكأنه عنوان لما تعانيه ثلاثتهن من ألم داخلي، ثلاثة حقائب على الركح الخالي من الديكور فقط أجساد الممثلات وحركاتهنّ، هن الثلاثة اشتركن في لباس الفستان الأحمر، الأحمر لون الدم لون الموت هو لون الغواية أيضا، فهنّ يراودن الحلم علّه يخضع لإرادتهنّ، يغوين الأمل عله يستجيب.

هنّ ثلاث، «زمن» فنانة حالمة تريد أن تكون ممثلة مسرحية مشهورة ، فنانة كفراشة تقودها أحلامها لتعبير عن آلام الشعوب ووجيعة المنسيين من على خشبة الركح، «زمن» الحالمة، احبّت رجلا أذهلها بكلماته المنمقة وأشعاره الغزلية، عشقت رجلا حد الهوس احبّت صدقه وحنانه ورقة كلماته، تزوجت لأنه وعدها أن يكون سندها ويرافقها في مسيرة النجاح والحلم، وبعد الزواج صدمت بقوله «انت امرأتي أنا فقط، التمثيل عورة» كلمة حطمت أحلام امرأة عاشقة للفن امرأة خيرت بين سعادتها العاطفية ونجاح مهني تتمناه، «زمن» بقيت كما الساعة ذات العقارب القديمة أضاعت بوصلتها ونسيت أن «الزمن لا يتوقف» ويستمر تماما كما القطار.

الأخرى اسمها «طيف» ثورية حاملة لشعارات الحرية والديمقراطية، انسانة قوية وشجاعة أحبها رفيقها الذي اخبرها أنه لا يمكنه أن يكون رفيقا حقيقيا ان لم تعمّد جسدها وكيف تكون الرفقة والمقاومة وهو لا يعرف خصوصيات وجزئيات جسدها، طيف احبّت رفيقها وكانت صادقة في مشاعرها الانسانية والثورية ولما اقترب موعد الزفاف ويوم زواجها حضر الكل وغاب العريس، على الركح يجسدن موكب العرس، العروس بفستانها الابيض ودموع على مقلتيها دموع امرأة لخص رجل سنوات نضالها في جسدها ، دموع امرأة شعرت للحظة ان كل خُطبها عن الحرية والديمقراطية وحق الشعوب في تقرير مصيرها هي مجرد خناجر طعنت بها في كرامتها وقلبها النازف، فزوجها الذي اشيع انه اعتقل وفي الحقيقة هو «يعمّد» رفيقة اخرى ويكتشف اغوار جسدها لتمتين صلة الرفاقية ويكون النضال اصدق ويبقى من شخصيتها فقط «طيف» امرأة تائهة ومتلاشية المشاعر.

الثالثة «رحيل» هو اسمها وصفتها أيضا، هي امرأة تربت على يدي رجل حر يريد لبناته ان يكن حرات وقويات، تخرجت من الجامعة واشتغلت واحبت زميلا لها اكد لها انها الاجمل واكد انه يريد امرأة حرة صاحبة قرار وجريئة ليشعر انها ندا لها، طالبته بالزواج فاخبرها كجل المشارقة «شعرك عورة، صوتك عورة والمرأة العورة لا تتزوج شرعا» فتزوجت «عرفي» زواج يحرمها حق الامومة، لاكثر من نصف ساعة وفي ركح خال من الديكور كانت اجسادهن البديل مع ضوء خافت وموسيقى حزينة تبادلن الحديث عن مأساتهن وسبب وجيعتهن، حديث انعكس على الجمهور فلكل امرأة وجيعتها لكل امرأة الم خفي قد تعجز عن الخوض في شجونه فأخذت الممثلات الثلاث القرار وصرخن بصوت عال عن آلام كل النساء في المجتمعات العربية التي يعيش ذكورها «سكيزوفرينيا» الرجولة، فالرجل العربي يحب امرأة قوية و يتزوج أخرى تعجز عن النظر في عينيه، يحب صاحبة الشخصية القيادية ويتزوج من تخنع وتطأطئ لكلماته وقرارته، على الركح تحدثن بالم واشتركن في مقولة:

تاريخي.. ما لي تاريخٌ.. إني نسيان النسيان، إني مرساةٌ لا ترسو.. جرحٌ بملامح إنسان»
أنا امرأة، انا ثورة ولست عورة
حركات دائرية، انتفاض على الركح، صراخ ومحاولة لاعادة تشكيل الذات، تصرخ الاولى وتقول « أنا أمراة وحيدة والحزن ينخر بملامح وجهي قلبي مليء بجراح وأحزان»، وتصرخ الثانية وقّف قلبي بتاكل الطريق مثل الزمن مابياكلنا» و تقول الثالثة « راح مثل الحلم، كل شيء سراب، سراب، حتى المحطة أصبحت بلا ذاكرة ألا أنا مرهقة لان ذاكرتي قوية» منذ البداية يصرخن في وجه «ذكر» غائب» ولكنهنّ لا يحملنه المسؤولية كاملة فهن يجلدن ذواتهن أكثر من الآخر، لنصف ساعة يحاسبن انفسهن لأنهن رضخن لسلطة الذكر، يجلدن الذات لانهن قبلن المساومة على حريتهنّ.

في أول العمل تحدثن عن الأنثى وقلن المحطة أنثى والنكبة أنثى والغناء أنثى والوحدة انثى، ولكن في النهاية تتحول الهشاشة الى قوة، لتصبح السعادة انثى و الرقة انثى والابتسامة انثى والذاكرة انثى، في «ظلال انثى» ينصر المخرج المرأة وينتصر لها من ظلم المجتمع و العقلية المجتمعية السائدة، في العمل ينصرها و يكون نصيرها في حالة صراع تعيشه دائما ، عمل يكشف قبح بعض صفات الرجال وبؤس معاملتهم للمرأة وينتصر لصدق المرأة فقلبها كضحكة طفل صغير واحيانا يكون كما الظامئ الى الماء تكفيه بعض قطرات ليحيا ويحلم، في «ظلال انثى» ينتصر المخرج الاردني للمرأة وينتصر لقوتها وقدرتها على الحلم والتغيير، فهن على الركح تحدثن عن الامهن ولكنهنّ جمعن شتات الروح ولملمن جراح القلب ليكتبن اسطرا من الحرية والكبرياء ابدي للمقاومة والعيش والحلم لانهن ثورة ولسن بعورة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115