لقد اسس ديكارت فلسفة حديثة محورها العقل اي ان الايمان بالعقل شرط اساسي من شروط ادراك الحقيقة وان الحداثة هي تشريع لسلطة العقل في الاستقلال عن الارث الارسطي الملتحف بالدين ذلك ان ديكارت يميز بين الميتافيزيقيا التي تنهض على العقل البشري والدين او التيولوجيا وموضوعها الحقائق المنزلة.
في كتاب سفيان سعد الله الصادر مؤخرا عن دار التنوير سبر لاغوار هذه المسائل الفلسفية خصوصا ان ديكارت رغم تاكيده على قداسة النص الديني فان فلسفته تقوم على حسن قيادة العقل والبحث عن الحقيقة في مختلف مستوياتها الانطولوجية والدينية والاخلاقية.فديكارت يبحث في اشكالية العقل والحقيقة واشكالية الانسان والاله واشكالية الانسان والعالم ليؤسس لذلك تفكيرا مختلفا نوعيا عن الارث اي ما قاله «المعلمون» وما يروج له العلماء البيولوجيون فقد تغير نمط التفكير بحلول القرن السابع عشر الذي عرف بقرن العقل وقرن المنهج والتفرغ للبحث عن الحقيقة.هذه الحقيقة بكل معانيها وابعادها هي نتاج العقل وليست بالضرورة نتاج المعتقد الفلسفي او الديني كما ان الفيلسوف يضطلع كبدور اساسي في اصلاح المجتمع والنهوض به واساس كل ذلك هو الالتزام بالعقل.
في هذا الكتاب «اشكالية العقل والدين عند ديكارت ثلاثة ابواب وهي : في البحث عن الحقيقة/ اشكالية النفس والجسد ومحمولاتها الدينية/المنزلة الملتبسة للدين وفي كل باب مجموعة من الفصول من ذلك مثلا : العقل والدين : تقابل ام توافق – بعض وجوه فهم الدين فهما عقلانيا ..بالاضافة الى المقدمة والخاتمة وقائمة المراجع والمصادر..
لقد اشار سفيان سعد الله في كتابه هذا الى ان ديكارت اراد التمييز بين الفلسفة والدين وبين العقل والايمان وانه لابد من اكتساب معرفة متكاملة للأشياء التي في وسع الانسان ان يعرفها .فديكارت يؤمن بان الحقائق المنزلة حقائق لا ريب فيها .وهي حقائق تفوق العقل البشري .لان اساس الدين هو النور الالهي والنور الالهي يفوق النور الانساني حكمة ويقينا
ويضيف فحسب ديكارت كل ما يدركه العقل هو الحقيقة ولكن العقل لا يقدر على معرفة جميع الاشياء.
وهكذا فان الانتقال من العصر الوسيط الى الحداثة في القرن 17 هو انتقال من الايمان الى التفكير ومن الاعتقاد الى المعرفة وان ما حدث انما هو تغيير شمل اسلوب ومنهج التفكير عامة.