في مهرجان الحمامات الدولي: رسائل حبّ وسلام في عرض «الآلهة والشيطان»

استضافت الهيئة المديرة لمهرجان الحمامات الدولي في دورته الثالثة والخمسين، في سهرة أمس الأربعاء، عرضا كوريغرافيا حمل عنوان «الآلهة والشياطين» من إخراج الإسبانية «بلانكا لي» التي شاركت أيضا نجمة بالي بولتشوي الروسي «ماريا ألكسندروفا» في أداء اللوحات التعبيرية الراقصة المقدمة على الركح.

وفي هذا العرض الذي دام 80 دقيقة وواكبه جمهور غفير، انطلقت الراقصتان من الأساطير الإغريقية التي تقوم على ثنائيات الخير والشر والقبح والجمال لتعبّرا عن واقع يسوده الصراع والتصادم بين أبناء البشر، وهو ما يتجلّى من خلال شخصيتيْ «الآلهة» و»الشياطين» لتجسيد هذا الصراع الأزلي بين الخير والشر.
وتميّزت اللوحات التعبيرية بالتماهي والتماثل والانسجام تارة وبالفوضى والتلقائية والعبث طورا، وهي لوحات أحكمت الراقصتان تصويرها بحبكة، فراوحت حركات الجسد بالقسوة أحيانا وبالليونة أحيانا أخرى تهتزّ وتنساب على إيقاعات الموسيقى وأبرزها البيانو.
كما راوحت هذه اللوحات التعبيرية بين الرقص المعاصر ورقصات الفلامنكو الكلاسيكية.

واتسمت حركات الجسد بالانغلاق والتقوقع من ناحية وكذلك بالانفتاح وهي متناقضات انبنى عليها هذا العمل الكوريغرافي ليبرز حدّة الصراعات بين بني الإنسان وبشاعة الحروب في ما تخلّفه من قتلى ودمار وفوضى وخراب، وفي المقابل ينبض هذا العمل بقيم الحب والسلام والخير والتشبث بالحياة رغم قساوتها.

وجسّدت الراقصتان هذه المعاني لا من خلال الكوريغرافيا فحسب، وإنما تجلّت هذه المعاني أيضا من خلال ألوان الأبيض والأسود والأحمر.

ومن خلال ما أبرزته تقنية الفيديو المصاحب للحركات الراقصة من تفتح براعم الأزهار ونموّ أغصان الأشجار واخضرار أوراقها لترسم فصل الربيع للدلالة على معاني الجمال والحياة.

وتكمن طرافة عرض «الآلهة والشياطين» في بنيتها الفنية أيضا، من خلال تقنية التناظر المحوري المتبعة في علم الرياضيات، وقد لعبت هذه التقنية الهندسية وظيفة جمالية وبصرية لإبراز تناسق حركات الراقصتين «بلانكا لي» و»ماريا أكسندروفا»، سواءً كانت فوضوية أو منسجمة.
وقدّمت الراقصتان 12 لوحة كوريغرافية حافظت فيها كلاهما على اللونين الأبيض والأسود في أغلب تفاصيل العرض رغم تغيّر تصاميم الملابس من مشهد إلى آخر طبقا لمحتوى كل لوحة راقصة. كما استعملت كلاهما قناعين لتبدو الراقصتين كمحاربتين وتصوّران في حركات فوضوية جبهة القتال وهول المعركة وحجم المأساة التي ألحقها الإنسان ببني جنسه.

ينتهي العرض بلوحة تعبيرية تجسّدها إحدى الراقصتين بفستان أحمر اللون لما يرمز إليه في ثقافة الإنسان بلون الحب ويصاحب هذا المشهد مشعل يبث النور في أرجاء الركح ويقتل الظلام الذي يسكنه.
وتنتصر الراقصتان في المشهد الاختتامي للخير ضدّ الشر وللحب ضد الكراهية وتبعثان برسائل للسلام في العالم.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115