عرفها جمهور المسرح طيلة ثلاثين سنة مرّت كأيام .
هكذا أراد توفيق الجبالي و إدارة المهرجان أن يكون إفتتاح مهرجان الحمامات يوم السبت 15 جويلية الجاري ، على وقع عمل مسرحي في شكل «باست أوف» متجدّد، في إستعراض إحتفالي بإبداعات بنات وأولاد «التياترو» الذين تحرّكوا في مختلف أرجاء المسرح ، ليستعيدوا لوحات من «كلام اللّيل» و«لصوص بغداد» و«هنا تونس» و«حاضر بالنيابة» وغيرها، تخلّلتها لوحات جديدة مستوحاة من المستجدات، قُدمت كلها في تقاطعات من الرقص والموسيقى، تابعها الجمهور عبر نسيج من الأضواء على غاية من «الصنعة» والفن.
البداية كانت بتحرك «شموع» من المسرحيين عبر مدارج المسرح، تحاكي أفرادا من الجمهور مباشرة لتستعرض تعبيرات مسرحية عما يعايشه الناس من مشاغل يومية . و بعد لوحة لوقفة حول روح فقيدة المسرح رجاء بن عمّار ، إستعرض توفيق الجبالي بقية عمله الّذي عنونه بـ «ثلاثين وأنا حاير فيك» ... حيرة تجسدت في لوحات متفرّقة ولكنها متناسقة تستعيد معاناة مسرح تونس الكبير، وعبر عنها بنات وأبناء «التياترو» بأسلوب ونمطية توفيق الجبالي ورواد «كلام اللّيل»، ولكن بروح جديدة، تتماشى و تدفق دم الشباب بكل حرارته ...
«ثلاثين وأنا حاير فيك» «تنهيدة» أراد توفيق الجبالي أن يطلقها في المسرح للمسرح، ولجمهور المسرح ومن خلاله لتونس بإنشاد الفصل الأول من دستورها بتحميل مخارج الصوت «تلوينات» أحكام الدستور وتبعاتها. ثلاثون عاما من الحيرة ، ختمها بمشهد حاويات القمامة الملفوفة بالسواد والأكياس البلاستيكية السوداء المتطايرة، في إيحاء إلى ما وصلت إليه تونس، وفي قراءة مسرحية لإستحقاق الإنتخابات البلدية المنتظرة....
لقد كانت حيرة توفيق الجبالي ترجمة لحيرة العديد من التونسيين ، لذلك تفاعل الجمهور الذي غصت به مدارج مسرح الحمامات، مع اللّوحات التجديدية المعبّرة الّتي خاطبت ذهنه، وأضحكته اللّوحات الساخرة التي دغدغته دون ابتذال، وكان الافتتاح جامعا بين اللإمتاع والفرجة والإقناع...