وينقسم العرض إلى ثلاثة فصول كبيرة يدوم كل فصل منها حوالي 25 دقيقة مقسمة على لوحات عديدة ويتضمن كل جزء منها انتاجا موسيقيا من الانتاج الخاص لهذه المجموعة الفنية التي خصصت الفصل الأخير من العرض للأغاني الجديدة وهي من إنتاج وتلحين وغناء الفنان نافع العلاني وترافقه في الغناء كذلك الفنانة «ميرا» حيث يسير العرض بنسق متصاعد وعلى إيقاع وحركة الراقصين برؤية إخراجية جديدة تشرف عليها آمال علوان.
وهذا العرض هو عرض غنائي فرجوي حيّ من نوع «الأوبيرات» يبيّن تطور الأغاني الحضارية التونسية التي كانت تسمع و تغنى بالمدينة فحسب وذلك بشواهد من القرن العشرين بداية من سنة 1900 ولذلك أطلق على هذا العمل إسم «لمدينه»وهو يسعى من خلال هذه الفرجة الى تقديم عرض متكامل يمزج بين الغناء والموسيقى و الرقص والتمثيل والتعبير الجسماني برؤية إخراجية جديدة باستعمال ديكور خاص بالعرض.
ويستهل العرض بمعزوفة صامتة تمت تسميتها «نتشسغم» وهي من تلحين الفنان نافع العلاني ويجسدها شاب وشابة على الركّح وهي تعبّر عن بداية الحياة وينقسم هذا العرض إلى ثلاثة فصول كبيرة ومنفصلة هي بدورها مقسمة إلى لوحات
فالفصل الأوّل هو عبارة عن مجموعة من الأغاني القديمة جلها غير مسموعة وأغلبها أغان ليهود تونسيين ولجاليات اجنبية كانت تقطن بتونس وهي تبرز المخاض الذي كانت تعيش فيه تونس أيّام الحرب مع المستعمر والفقر وبحث التونسي عن هويته وسط تداخل الأنماط الموسيقية والتلاحق الحضاري الذي كانت تمر به البلاد حسب الخريطة الجيوسياسية في تلك الفترة إلى حد الإبتذال في بعض الأحيان وينتهي هذا الفصل بأغنية عن مدينة حلق الوادي التي كانت تزخر في تلك الفترة باليهود وتقام فيها الحفلات ولقربها من بلاط الحكم الملكي.
أما الفصل الثاني فيبرز من خلاله العديد من المطربين التونسيين البارزين والذين ساهمت الرشيدية والإذاعة الوطنية في تلك الفترة في بروزهم ثم التلفزة الوطنية كما تبيّن هذه الأغاني التلاقح الواضح بين الحضارات ويظهر ذلك خاصة في الطابع الأندلسي والإنفتاح على موسيقات العالم وينتهي هذا الجزء بمعزوفة موسيقية بعنوان لمدينه ثانية تلحين الفنان نافع العلاني تلخص هذه المرحلة.
أما الجزء الثالث والأخير فيتضمن أغان جديدة من إنتاج وألحان الفنان نافع العلاني وكلها تجسّم بموسيقى عربية وبأسلوب موسيقى العالم في تصور وتنفيذ جديدين ويختم العرض بأغنية وطنية و من خلال هذه الفرجة تسعى مجموعة هذا العرض الى تقديم الإضافة والتجديد بإنتاج متميز توظّف من خلاله موسيقى تونسية عربية وأنماط أخرى راقية في قراءة جديدة ومتطورة.