مشروع «واحة السينما» بالجنوب التونسي : نخلة السينما تظلل عطشى الثقافة

 تجمّعوا حول حب السينما، جمعهم انتماؤهم الى رقعة جغرافية صعبة المناخ والمراس فكان الفن السابع وسيلتهم للحلم، جمعهم حب الفنون ورغبة مشتركة لايصال هذا الحب

الى تلاميذهم واطفال المناطق الريفية والحضرية التي لا تصلها شاشات العروض السينمائية، وتحلقوا حول واحة السينما ليغرسوا في الاطفال حلما باسقا كما النخيل.

«واحة السينما» هو مشروع تربوي سينمائي جمع مجموعة من السينمائيين المربين وهم خامس شود من ڤبلي وعبد العزيز بوشمال من الحامة ومحمد راشد من تطاوين، ثلاثتهم اجتمعوا في مشروع تمّ في اطار تونس بلد الفن بتمويل من المورد الثقافي ووزارة الشؤون الثقافية وبالشراكة مع وزارة التربية..

وفي تصريح لـ«المغرب» اشار المربي عبد العزيز بوشمال ان واحة السينما يغطي مناطق معزولة ثقافيا تفتقر الى ابسط المقومات كالمراكز الثقافية والمسارح.. وهذه المدارس تحديدا هي المدرسة الابتدائية بوعطوش والمدرسة الابتدائية بشيمة الڤلب من مدينة الحامة ومدارس بالفوار ودوز والڤلعة من ولاية قبلي ومدرستي حي البر و الطيب المهيري من تطاوين وما يجمع بين جميع هذه المدارس هي بعدها عن مركز المدينة اين تتوفر المؤسسات الثقافية والملتقيات والتظاهرات وجميع الفعاليات.

كما يجمع بينها كونها ذات طابع ريفي يفتقد إلى مقومات التنمية ككل ومتعطشة للفعل الثقافي بما تزخر به من طاقات ابداعية عذراء.

واحة سينما، مشروع اساسه شحن الصغار بالحلم وجعلهم فاعلين في مشهد ثقافي بديل كما يرونه وتراه عيونهم الصغيرة، حوالي مائة و عشرون طفلا شاركوا في مشروع واحة سينما من المدارس المذكورة لينتجوا خلال تسعة اشهر سبعة افلام وثائقية قصيرة لا تتجاوز الخمس دقائق لكل فلم.
هو مشروع يجتمع حوله أطفال الواحات كفراشات تبصر النّور .. وبأعينهم البريئة ينظرون نحو أفق باهر كمن يكتشف قارّة بأكملها ..» قارة الصورة السنمائيّة « تلك التي لا يسكنها إلاّ العشّاق الصادقين ! .. حين اندمجوا في مشروعهم كانوا ككل اطفال الدنيا بدهشتهم اللذيذة ، ينظرون في « صدوق عجب « ثمّ جاء الغرام و الوجد و .. تركيب المشاهد ..كانوا في حاجة ليروا انفسهم هناك ..و أسماءهم ..فهم لم يتعوّدوا على كتابتها إلاّ في أوراق الواحب المدرسي.

اطفال واحة الصحراء الطيّبين يهتدون بمشروعهم السينمائي إلى استنبات عشبة جديدة لم تعرفها واحاتهم فيملؤون الكون بصخبهم الجميل و مشاهد يصنعونها من رملهم و مدرستهم و حيوانهم .. مثلهم كمن يبني قصور الرمل على شاطيء البحر ..و لا بحر !

هؤلاء يشتغلون بوسائل بسيطة.. عين كاميرا صغيرة ..ولكنّهم يأتون بزوايا رؤية قد لا يهتدي إليها مخرجو « الشبّاك» على حد احد الناشطين الثقافيين بالجهة.

واكد عبدا العزيز بوشمال ان فريق المشروع قام بتنظيم ورشات تكوينية لفائدة منشطي نوادي السينما بتلك المدارس منذ بداية السنة تمحورت حول اللغة السينمائية والسيناريو والصورة الفوتوغرافية..ثم نقلوا هذا التكوين الى تلاميذهم داخل النوادي بمرافقة المنسقين الثلاثة في كل منطقة..وفي المراحل الأخيرة وقعت كتابة بعض السيناريوهات من قبل التلاميذ ومروا بكل مراحل الانتاج السينمائي صحبة معلميهم لينتجوا اخيرا افلاما قصيرة تنطلق من بيئتهم المحلية لتعانق مشاكل الانسانية كمشاكل التلوث والانقطاع المدرسي وتثمين الماء وموضوع التلوث والطفولة والالعاب الريفية..

ليكون آخر مراحل المشروع في المركز الجامعي للتنشيط الثقافي بقابس صباح يوم السبت 1 جويلية وتمثلت في اقامة حفل اختتام المشروع بحضور قرابة المائة تلميذ- سينمائي مصحوبين بأوليائهم ومعلميهم ومنشطي نواديهم. ..

وقد انطلق الحفل بكلمات لمنسقي المشروع فاسترجع خامس شود المنسق الاداري للمشروع كامل مراحل انجاز الانشطة من تكوين وتربصات ومرافقة للاطفال كما شكر محمد راشد كل المنشطين داخل المدارس الذين آمنوا بقوة المشروع وبالشركاء فيه كمندوبيات التربية بقابس وتطاوين وقبلي.ومابذلته في سبيل انجاح هذا المشروع.و بين عبد العزيز بوشمال أهمية هذا الفعل الثقافي باعتباره مغايرا لما عهدناه من انتشار للثقافة الادارية مقابل ادارة ثقافية ناجحة وخلفية ثقافية وأهداف واضحة المعالم استندت اليها واحة السينما وخضوعها الى تقييم مرحلي على مختلف مراحل الانجاز والانشطة التي رافقتها، في الاختتام كان اللقاء مع افلام من انتاج الاطفال، حلموا وتصوّروا وانجزوا افلامهم عن مواضيع تهم مناطقهم وقراهم.

فمشروع واحة السينما حوّل الصحراء في ثلاث مدن في الجنوب التونسي الى واحة غناء تحتفي بالفن وبالسينما داخل المدرسة وخارجها لتظلل الفضاء الرحب ولتقلص من قساوة الجغرافيا، في قابس كان الموعد مع فرحة الاطفال ، فرحة رسمت على الوجوه ونحتت في العيون لانهم ولاول مرة يدخلون قاعة سينما، اطفال دهشوا للشاشة العملاقة وابتهجوا اكثر حين شاهدوا اسمائهم في الجينيريك مع افلامهم، فرحة ربما ستصنع حلما متجدد عند اطفال متعطشين للحياة حلم سيقوده اول مائة طفل تكونوا في مجال الصورة والسينما.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115