(1)
«الوِحْدة»، كما »العُزْلة», كَما «اُلْتفرّد» واُلْإنْفراد باُلْنّفْس اُلْأمّارة بِاُلْفَهْم , بَعيدا عَنِ الخَلْق و إكراهَات اُلْيومي اُلْثقيلة, توفّر لكَ إمْكَان اُلْقِراءة و«اُلْتأمل»... الذي يَعْنى ضِـمْن ما يَعْنيه تَقليب اُلْأمر أوْ المسألة اُلْواحَدَة أو النّازلة الواحدة أو المصيبة الواحدة - كَما تَزايد مَنْسوب العُنف كَوكبيا أو اُلشّقاق المستَفْحل فُـحولة اصْطناعيّة بين الأشِقّاء اُلْعرب - من أكثر وجْهات اُلْنّظر اُختلافا وتَناقُضا-. قراءة كُتب و«مُتون اُلْأخْبار واُلْآثار واُلْوقائع واُلْنّوازل واُلْـمَلاَحِم» و«الملاحِن» و« الحَدائق » و«اُلْعِبَر» واُلْأمْثال.... لــتَهجّي اُلحَال واُلْأحْوال وِفْقَ اُلْـمُسْتَطاعِ اُلْبَشري اُلْـمُعَرّض لِكلّ أشْكالِ اُلعَطَب اُلْـمَعرفي ...
و اُلْرّغْبوي ... وإنْ أنا أعْلم أنْ ليسَ بإمْكانِ اُلْواحِدِ أنْ يـَكونَ وَحْدَهُ لِوَحْدِهِ حتىّ وإنْ هُو تخلّص منْ أهْله وأَغْراضِه وثِيابه .. حَتىّ وحَتىّ وهو ينْظُر إلى نفْسِه في اُلْـمرآة عارٍ تماما كما ولدَتْه اُلْسيدة الوالدة تقدّس رَحمها ... فهو ينْظر إليها - ذاته هو نفْسه عينه ايّاه - بِعَينِ سِواه... واُلْتّاريخ العَام لعُمومِ الحَضارات كما اُلْتّواريخ الخاصّة للدّول والجِهات والأشْخاص انما هو المدوّنة والمرآة التى اكْتنزت فيها يوميات أفراحها وأتراحها و خَربشتْ فيها - على أقل تقدير - تاريخ عللها وأمْراضَها . حكيم هو الطبّ عنْدما يدوّن عنْد فِراش اُلْعَليل «تاريخ العلة والمرض» لكن ليس كل المرْضى عَلى معْرفة بالقِراءة وبتاريخ أمْراضِهم.
لا أقصد بالقراءة التهجّي الأبجدي وإنما أقصد ما يـُمكن لي تسميته « القِراءة اُلْإعْتباريةى . أعْتَرفُ عنْ طواعية أني مريضٌ , - وإنْ أنا شخصا بصحّة جيدة إلى حين -, أعْتَرف أنّي مَريضٌ وعلّة عِللي اُلْـمزمْنَة آتية من بعيدٍ بعيدْ. سقَمي له تاريخٌ . سقُوطي له تاريخ , عاراتي الصحية لها تاريخ , وهني له تاريخ , مَرضي له تاريخ... آت من الغياهب وتوعّكي له سلالة من مثل التي وردت وقائعها في «كتاب المحن « لأبي اُلْعرب التميمي- من اُلقَرن 4ه_10 م ( مُتوفى 333 ه ).
(2)
جاء في الجزء الخامس من « كتاب المحن « (ص 300 - 301) خبر حول ابن اسحاق ( محمد بن سيار المدني) صاحب المتْن الشهير الموسوم بعنوان «السيرة النبوية» الواقعة التالية :
«..عن اُبراهيم بن سَعْد قال : سألتُ أبي :هلْ كانَ في محمد بن اسْحاق مِـمـّا يـُحَدّثُ بــِهِ عنْهُ أهْل المدينَة؟ فقال :لاَ , ولكّنه بُلي بأهْلِ اُلْـمَدينةِ , كانوا يُشنّعون عليْه , وكانَ رجُلاً يَعْرِفُ الأنْسَابَ فلم يكن في أهل المدينة بيت إلا وأدخل عليهم في أنسابهم شيئا .قال فعاداه أهل المدينة فأخذه ( والي المدينة) وضربه مائة سوط, قال فَقيلَ لسعيد بن المسيب :إن محمدا ضُربَ مائة سوط..فقال سعيد :
يا بني تعلّمتَ من اُلْعِلم مَا يُضْرب عليْهِ ظهْرك وتكْسِبْ عَداوة المسلمين . قال : فوا لله ما تَرك محمد ذلك .(...) كانَ ابن اسحاقٍ منْ أجْمل اُلْنّاس وأحْسنهم شَعْرا,فكان يُصلىّ في آخَرِ اُلْصّفوفِ فقالوا لِوالي المدينة : انّ ابن اسحاق إنما يُصلي في آخر اُلْصّفوف ليَفْتن النّاس بجماله فأخَذَه والي اُلـمَـدينة فحلق رأسه مُصَلّبًا وضَربه وأخْرَجَه من المدينه».
(3)
طويْتُ «كتاب المحن»... وبي ألـمٌ شَديدٌ , ألـمّ بي ,من ضيق اُلْنّفْس والتّنفس وصَغَارِ النّفوس من تاريخ «أمة» ضحكَت من جهلها الأمم , تُــحْصى على العلماء ومن سار في أثرهم أنفاسهم . تحسّست مِعْصم يدي اُلْيمنى ورجلي و«ختم السّطلة» الذي عنْد رأسي وعمودي الفِقري وشهقت دون إرادتي : آه مَكتبتبي اُلْسّليبة يا أبناء مادون مقام الكلب ... وضحكتُ مني عليّ... و أَطْلقتُ سراحَ موسيقي «أزربيجانية» علها تمْرحُ بي ... لأُخفّف من سَوْرَة غَضبي عَلى «والي المدينَة» بالأمْس, وعلى ما يفْعلُ اُلْآن اُلْعَرب باُلْعرب ... نمْت... ولا أعْرِفُ علىّ أي أبواب مطارات المدُن قرأت باُلْـخَـطّ الكُوفي اُلْأنيق : « نحن أُمّة» تَتَطَهّرُ من بـَلائها الـمَـقدّس «باُلْفِتَن وَ الْـمِـحَن.»
القطّ الصغير ( رامبو ) الوسيم يخْمش خدّي بلينٍ يَطْلب مني برفق فطوره اُلْصباحي : خُبزا وحليبا وجُنبا. قلتُ لي ما أطْهر وألْطف اُلـحيوان... دُمت دمَويا يا «خليفة الله في اُلْأرْض» وشقيق الحيوان أيها الإنسان .