طريق الجنّة الدّيْنُ همٌّ بالليل وذل بالنهار: -الجزء الثاني-

الدين همٌّ أنزل حاجتك بالله وخذ بالأسباب

إن العبد المؤمن ينزل حاجته بربه فيعلن لله تعالى الفقر والحاجة مع يقينه بغنى ربه وجوده وكرمه وسعة فضله ، وهو في نفس الوقت يأخذ بأسباب الكسب الحلال الطيب : هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (الملك:15).

إذا ابتليت بالدين فبادر بالقضاء
ينبغي على العبد إذا ابتلي بالحاجة فاستدان أن يجتهد في قضاء دينه سريعا حتى تبرأ ذمته ، ويلقى ربه خاليا من الديون ، وإذا كان العبد عند استدانته ينوي الخير ويعزم على السداد فإن الله تعالى سيوفقه لذلك ، أما عن يريد أكل أموال الناس بالباطل والمماطلة فإن عاقبته أليمة في الدنيا والآخرة ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله». وعن ميمونة رضي الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم :«ما من أحد يَدَّان ديناً فعلم الله أنه يريد قضاءه إلا أداه الله عنه».

والله عز وجل يقول وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ(البقرة: من الآية188)
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه» رواه مسلم.

فنظرة إلى ميسرة
وعلى الجانب الآخر فإننا نوجه دعوة لمن وسع الله عليهم أن يتصدقوا ويوسعوا على عباد الله مستحضرين أنه « ما نقص مال من صدقة». وإذا أنزل بهم فقير أو محتاج حاجته أن يكونوا عونا له عليها ، وإذا لم تَجُد نفوس بعض الأغنياء بالصدقة فلا أقل من أن يقرضوا من احتاج وأن يصبروا عليه إذا أعسر ، لقوله تعالى : وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (البقرة:280).

وليعلم إخواننا الأغنياء أنهم بصبرهم على المدين المعسر ينالون أجرا عظيما كما دل عليه ما رواه أحمد رحمه الله عن بريدة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:» من أنظر معسراً فله بكل يوم مثله صدقة، قال: ثم سمعته يقول: من أنظر معسراً فله بكل يوم مثليه صدقة، قلت: سمعتك يا رسول الله تقول: من أنظر معسراً فله بكل يوم مثله صدقة، ثم سمعتك تقول: من أنظر معسراً فله بكل يوم مثليه صدقة، قال: له بكل يوم صدقة قبل أن يحل الدين، فإذا حل الدين فأنظره فله بكل يوم مثليه صدقة».
وروى مسلم رحمه الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « من أنظر معسراً أو وضع عنه أظله الله في ظله».
وعن أبي قتادة رضي الله عنه قال :سمعت رسول الله يقول:«من نفس عن غريمه أو محى عنه كان في ظل العرش يوم القيامة».

قال ابن القيم رحمه الله تعالى في تعليل هذا الحديث:
( لأنه لما جعله في ظل الإنظار والصبر، ونجاه من حر المطالبة، وحرارة تكلف الأداء مع عسرته وعجزه؛ نجاه الله تعالى من حر الشمس يوم القيامة إلى ظل العرش).
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كان تاجر يداين الناس فإذا رأى معسراً قال لصبيانه :تجاوزوا عنه لعل الله أن يتجاوز عنا، فتجاوز الله عنه».
تيسيرك على المدين تيسير عليك في الآخرة
فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر أن من يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة.

وصية أخيرة
نذكر بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم الذي فيه : «اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم، فقال له قائل: ما أكثر ما تستعيذ من المغرم! فقال عليه الصلاة والسلام: «إن الرجل إذا غرم حدث فكذب ووعد فأخلف».
وفي حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله كان يدعو بهؤلاء الكلمات: «اللهم إني أعوذ بك من غلبة الدين وغلبة العدو وشماتة الأعداء».
وجاء عن معاوية رضي الله عنه أنه قال: «رق الحر الدين».
ويكفي في ذم الدين ما اشتهر عند الناس أن الدين همٌّ بالليل وذل بالنهار.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115