عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: إن أول ما نزل من القرآن اِقرَأ بِاِسمِ رَبِّكَ الَّذي خَلَقَ رواه الحاكم أبو عبد الله في صحيحه .
وعن عكرمة والحسن قالا: أول ما نزل من القرآن بِسمِ اللهِ الرَحمَنِ الرَحيمِ) فهو أول ما نزل من القرآن بمكة وأول سورة اِقرَأ بِاِسمِ رَبِّكَ
وعن محمد بن عباد بن جعفر المخزومي أنه سمع بعض علمائهم يقول: كان أول ما أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم اِقرَأ بِاِسمِ رَبِّكَ الَّذي خَلَقَ خَلَقَ الِإنسانَ ِمن عَلَقٍٍ اِقرَأَ وَرَبُّكَ الأَكرَمُ الَّذي عَلَمَ بِالقَلَمِ عَلَّمَ الِإنسانَ ما لَم يَعلَم قالوا هذا صدرها أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حراء ثم أنزل آخرها بعد ذلك بما شاء الله. فأما الحديث الصحيح الذي روى أن أول ما نزل سورة المدثر فهو ما أخبرناه الأوزاعي قال: حدثني يحيى بن أبي كثير قال: سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن: أي القرآن أنزل قبل قال: يا أيها المدثر: قلت: أو اقرأ باسم ربك قال: سألت جابر بن عبد الله الأنصاري: أي القرآن أنزل قبل قال: يا أيها المدثر قال قلت: أو اقرأ باسم ربك. قال جابر: أحدثكم ما حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إني جاورت بحراء شهراً فلما قضيت جواري نزلت فاستبطنت بطن الوادي فنوديت فنظرت أمامي وخلفي وعن يميني وعن شمالي ثم نظرت إلى السماء فإذا هو على الفرش في الهواء يعني جبريل فأخذتني رجفة فأتيت خديجة فأمرتهم فدثروني ثم صبوا علي الماء فأنزل الله علي يا أَيُّها المُدَّثِّرُ قُم فَأَنذِر رواه مسلم
وهذا ليس بمخالف لما ذكرناه أولاً وذلك أن جابراً لما سمع من النبي صلى الله عليه وسلم القصة الأخيرة ولم يسمع أولها توهم أن سورة المدثر أول ما نزل وليس كذلك ولكنها أول ما نزل عليه بعد سورة اقرأ.
والذي يدل على هذا ما أخبرنا أبو سلمة بن عبد الرحمن عن جابر قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحدث عن فترة الوحي فقال في الحديث:
«فبينما أنا أمشي سمعت صوتاً من السماء فرفعت رأسي فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالساً على كرسي بين السماء والأرض فجثثت منه رعباً فرجعت فقلت: زملوني زملوني فدثروني فأنزل الله يا أيها المدثر) رواه البخاري .
وبان بهذا الحديث أن الوحي كان قد فتر بعد نزول اقرأ باسم ربّك ثم نزل يا أيها المدثر. والذي يوضح ما قلنا إخبار النبي صلى الله عليه وسلم أن الملك الذي جاء بحراء جالس فدل على أن هذه القصة إنما كانت بعد نزول اقرأ.
وعن علي بن الحسين يقول: أول سورة نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة: اقرأ باسم ربك وآخر سورة نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة: المؤمنون ويقال العنكبوت وأول سورة نزلت بالمدينة: ويل للمطففين وآخر سورة نزلت في المدينة براءة وأول سورة علمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة: والنجم وأشد آية على أهل النار فَذوقوا فَلَن نَزيدَكُم إِلا عَذابا وأرجى آية في القرآن لأهل التوحيد إِنَّ اللهَ لايَغفِرُ أَن يُشرَكَ بِهِ وَيَغفِرُ ما دونَ ذَلِكَ الآية. وآخر آية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وَاِتَّقوا يَوماً تُرجَعونَ فيهِ إِلى اللهِ وعاش النبي صلى الله عليه وسلم بعدها تسع ليال.
وقال النووي في قوله صلى الله عليه وسلم: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر كقوله الله تعالى: وَثَمانِيَةَ أَيّام فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها .