الأسفار السبعة والفصول التي أتينا على ذكرها كلها مصدرة بقولة من أقوال محمود المسعدي مقتطفة إمّا من السدّ أو من حدث أبو هريرة قال – أو من أيام عمران – أو من «تأملات « هذا الأديب التونسي الكبير الذي أصدرت له وزارة الثقافة بمناسبة مائويته أعماله الكاملة.
رواية «حدثني الفينيق» اهداها صاحبها إلى الشهيد شكري بلعيد كفى به فينيقا كما تولى الأستاذ عبد الفتاح ابراهم كتابة مقدمة لها ..وعبد الفتاح ابراهم أستاذ بكلية الآداب بسوسة التي يدرس بها أيضا مؤلف الرواية وهو ناقد متمّيز ولكن صوته غاب عنّا في السنوات الأخيرة ونرجو أن يعود إلى ساحة النقد لأنه من القادرين على إثرائها .. وفي هذه الكلية أسماء أخرى لامعة في مجال الأدب لكنّ بعضها لمع مثل آمنة الرميلي الحائزة على جوائز عدة في السنوات الأخيرة ولكن اصواتا أخرى لم تعد نسمع لها صدى رغم تميزها على غرار رضا بورخيص ..وما دمنا في عالم الجوائز الأدبية تجدر الإشارة إلى أنّ فرج الحوار سبق له أن اصدر رواية (الموت والبحر والجرذ) ضمن سلسلة عيون المعاصرة (دار الجنوب 1975 تونس ) ثم رواية (المؤامرة ) وقد أحرز بها جائزة أبي القاسم الشابي سنة 1992 – كما نال جائزة كومار سنة 1999 عن رواية له باللغة الفرنسية.
وعن دار الجمل بلبنان صدرت له روايته الثالثة سنة 2009 وهي بعنوان «طقوس الليل».
هذه الرواية « حدثني الفينيق » تتميز بلغتها المنتقاة وبأسلوبها المتميز بالسلاسة والوضوح بالإضافة إلى ما تعج به من حركية الشخصيات رغم تعدد أنماطها واختلاف أجناسها (الحيوانية وغيرها ) يقول عنها الأستاذ عبد الفتاح ابراهم « هذه رواية عن السلطة والياتها وما تحيط بها ظاهرا وباطنا.. حقيقة ووهما هذه رواية في سعي أهل العزم والوفاء إلى أن تكون السلطة محركا يدفع أماما وتوقا إلى الخير والتقدم والرقي وتدور أحداث الرواية في بلد ما من منطقة ما من ارض الله الواسعة ..وصاحب الرواية لا يؤرخ ولا يوثق» ..ويضيف « هذا النص الروائي كتبه فرج الحوار على ما فعل في روايات سابقة طبقات من النصوص في جنس أو في نوع أو في نسق بل هو يلامس عديد الأجناس... إنه نصّ مفتوح على نصوص يدخل بعضها على بعض فتتمائل وتتخالف».
والكاتب في كل ذلك لا يكشف أوراقه كلها ويكتفي بالإشارة والإيحاء حيث جاء النص الروائي رغم ما فيه من حركية وحوارا مطرزا بكثير من الحيثيات التي لابد من فك رموزها وألغازها ولكن الروائي فرج الحوار كان متميزا بالانفتاح والتحرر والتوق إلى عالم مثالي تكنس فيه الأفكار المتحجرة والمواقف المطبوعة بطابع الجهل والتخلف والركوب على صهوة هذه الثورة وهذا الربيع العربي المزعوم الذي أثبتت الأيام أنه مجرد خريف.