تعد مدينة قفصة من اقدم المنشآت والمجتمعات البشرية في بلادنا، ناهيك وان علماء الاثار لعصور ما قبل التاريخ، أرّخ لنموذج عمراني، اسموه بالنموذج «الكبصي» نسبة الى موقع قفصة، للتعريف بنوع من الاثار، والعمران الخاص، بهذه المدينة، ويندرج في درجة من سلم الدهور، مرتفعة جدا في القدم الى جانب الدور الهام الذي لعبته في العصور الموالية، وساهم في تطور مكانتها العلمية والادبية والتاريخية، غير أن الجانب التنموي بها، ظل دون المامول من حيث التطور، وتحقيق حاجيات اهالي هذه المناطق، التي عرفت بالخصوص، بانتاج مادة الفسفاط، التي استغلها المستعمر الفرنسي ابشع استغلال.
تجدر الاشارة أيضا إلى التنوع البشري وتعدد الجاليات، التي استوطنت مناطق الحوض المنجمي، للعمل في المناجم من بعض الدول الاوروبية مثل فرنسا وايطاليا ومالطا، واسبانيا بنسبة اقل، وايضا من دول المغرب العربي (الجزائر- المغرب- وليبيا...) ومن عديد مدن
الجمهورية، مما نتج عنه بروز انماط ثقافية جديدة، وعادات وتقاليد وحرف وفنون متنوعة لم يعهدها المحليون، ولا زالت اثار اغلبها حاضرة وبقوة الى يومنا هذا، وساهمت في تطور عديد الانماط الصناعية، والحرف اليدوية، كالصناعات التقليدية، كما ان المرحلة المنجمية الاولى زمن الاستعمار، والثانية بعد الاستقلال، ألهمت عديد الفنانين، والكتاب، والادباء، لانشاء عديد الاعمال الهامة، والمتنوعة، من روايات، وقصة قصيرة، ودواوين شعرية وموسيقى ومسرح، وسينما وغيرها.
بالثقافة...نعرف بتاريخ الجهة
وتسعى تظاهرات الثقافة والتنمية بجهة قفصة، الى التباحث في السبل الكفيلة، بمزيد استغلال هذا الموروث الحضاري، والثقافي، والتراثي، والفني، من اجل دعم مسارات التنمية بجهة قفصة، التي تشكل بعديد المكونات التي تتميز بها، قطبا ثقافيا وسياحيا واعدا، اذا ما توفرت الارادة السياسية، لا سيما من حيث التسريع في انجاز، بعض المنشآت الثقافية المعطلة، على غرار متحف حضارات ما قبل التاريخ، والمتحف المنجمي، على أن تكون بمواصفات عالمية، لا مستودعات لتخزين وترصيف المنتوجات والآثار وغيرها.
وتنطلق فعاليات اليوم الاول، الخميس 18 ماي، بالمركب الثقافي ابن منظور، بمعرض المواقع والمعالم الاثرية بولاية قفصة، وتكريم ثلة من الباحثين، في حضارات ما قبل التاريخ، ثم الجلسة العلمية الاولى بعنوان الثقافة والتنمية، وتتضمن مداخلتين الأولى للأستاذ المنجي بدوري عنوانها « التنمية والثقافة» والثانية بعنوان «الصناعات التقليدية والحرف بجهة قفصة» يقدمها محمد عباس مدير القرى الحرفية بالديوان الوطني للصناعات التقليدية.
وتتواصل فعاليات اليوم الاول مع جلسة علمية ثانية بخصوص التراث الطبيعي بالجهة وتقوم على مداخلتين، الأولى لعبد الحميد كارم الخبير في الغابات وهي بعنوان «التنمية وآفاقها السياحية» والثانية يقدمها محمد السايح الخنيسي وهي بعنوان «الحدائق الوطنية والمحميات بالجهة».
وتتواصل فعاليات الملتقى يوم الجمعة 19 ماي، حيث تنتظم عدة زيارات ميدانية، الى المعهد العالي للحرف والفنون بقفصة، وإلى الإدارة الجهوية للصناعات التقليدية، وإلى محمية عرباطة، ثم الجلسة العلمية الثالثة حول: التراث الثقافي والمعالم الأثرية تخصص لتاريخ قفصة ومعالمها.
ويشارك فيها كل من الاستاذ الباحث في حضارات ما قبل التاريخ موسى الطبابي ويقدم مداخلته «حضارات ما قبل التاريخ: - المعالم والمواقع»، ومداخلة بخصوص «المعالم الفرومانية والبيزنطية بالجهة» للأستاذ منجي نصر.
فجلسة علمية رابعة في اليوم الثاني موضوعها (العمارة، الواحات، والحوض المنجمي) ويتم التطرق فيها الى « واحات جهة قفصة: الواقع والآفاق» للأستاذ عبد الحميد الحاجي، خبير في المجال الاقتصادي والزراعي.، ومداخلة أخيرة يقدمها الاستاذ منذر البراهمي حول «افاق التنمية السياحية بالحوض المنجمي».
وتختتم الفعاليات يوم السبت 20 ماي، بزيارة المعالم الاثرية ومتحف قفصة، ثم مائدة مستديرة، حول الثقافة والتنمية: توظيف جدي وانجاز فعلي، بمساهمة الباحثين والمشاركين في التظاهرة، مع تقديم خلاصة العمل والتوصيات العامة.