و تعد مثل هذه الأنشطة والبرامج مناسبة لمزيد تثقيفهم، في ظل غياب البرامج المدرسية التي من شأنها أن تصقل مواهبهم، وتنمي لديهم ثقافة حب المسرح والتطور الفكري للطفل ، بإعتبار أنه يختلف عن طفل الأمس، وبالتالي فالأعمال المسرحية الموجهة إليه يمكن أن تستحوذ على فكره أكثر من الوسائل الآخرى كالتلفزيون والسينما. ومن خلالها أيضا تلقين الأطفال القيم الإنسانية و التربوية بطريقة مؤثرة وفعالة، خاصة وأن العروض المسرحية تمكن الطفل من أن يعيش تجربة فنية بفضل الشخصيات المضمنة في العمل المسرحي.
مسرحية « حلم فلّة » حلم كل طفل بحياة سعيدة
ومن هذه العروض المسرحية ، التي تابعها جمهور أطفال مدينة المظيلة ، مسرحية « حلم فلّة « إنتاح شركة زمان للإنتاج المسرحي بقفصة ، نص صفية حمودي ، إخراج محمد علي أحمد ، سينوغرافيا أحمد حمودي ، تمثيل : أسامة فرحات ، قليعي حراثي ، جمال الذيبي ومحمد علي أحمد .
وتحكي المسرحية قصة سيد الضفادع ( جمال الذيبي) الذي ينوي بناء سد كبير ليمنع تدفق مياه النهر إلى كل أرجاء الغابة ، فينتشر الخبر بين أهلها ، الذين يفوضون من بينهم السيد ببغاء ( أسامة فرحات ) و الطائر زقزوق (قليعي حراثي) لإقناعه بالعدول عن فكرته إلا أنه أصرّ على التشبث بموقفه ، معلنا أن مياه النهر أصبحت للبيع ومن يريد أن يشرب عليه أن يدفع ، فيتدخل المهندس قندوس ( أحمد حمودي) ويقترح تنظيم مسابقة، تخول للفائز تقرير مصير النهر ، وبموافقة الجميع يتحول الصراع إلى تنافس فكري له عبرة ، وله طابع فني. فتقام منافسات في العدو والسباحة، والأبجـــــــدية، وإستخلاص العبرة المنشودة، من خلال ما روته السيدة بومة (صفية حمودي) والسيد الملك الحزين (قليعي حراثي) وقبل نهاية المسابقة، يتفطن السيد ضفدع لخطأه ، وذلك من خلال الحكاية التي رواها الملك الحزين ، و التي كان لها التأثير الإيجابي في إقناعه بالتخلي عن مشروعه ،و يتضح أن سبب إقامة السد هو التلوث الصادر عن أهل الغابة ، و بالتالي فما على الجميع إلا المساهمة في تنظيف النهر...
الرؤية الإخراجية والفنية
إن النظرة الجمالية لهذا العمل ، أساسها مسرح خيال الظل ، إلا أن مسرحية حلم فلة، و هو حلم كل طفل بحياة سعيدة داخل بيئة سليمة ، بعيدا عن المشاكل و الأحقاد والصراعات المعلنة و الخفية . إنطلقت منه لتتجاوزه في تركيبة إبداعية حديثة تجمع بين اللون و الشكل ، و متجاوزا اللون الكلاسيكي وهو الأسود ، لتتمظهر الشخصيات بألوانها و أزياءها ، مما يجعل خيال الظل ينتفي ، و تظهر الصورة الحديثة و الشبيهة بالصور المتحركة ، التي يشاهدها الطفل في التلفاز ، و على غرار ذلك تتوزع الشاهد ، على فضاءات المسابقات ، و النهر و الغابة ، بالإضافة إلى الإشتغال على الصورة السينمائية.