صابر سميح بن عامر في روايته اُلْــبِكر «مانيفستو أيوب»: يُؤرّخ بِمَرَحٍ حِبْريِ آسِــرٍ لِجُرحٍ نَرْجَـسْي لِطفل تُونسي يَكْبر بإرادَةِ التّحَدّي.. واُلْحُبّ

• إشارة أولى من الرواية:
«كم يـُحبّ أيوب ذلك الخدّ، خد السيدة الأم. يحبّ بصمت، هكذا هو أيوب ويحزن بسكوت إن اقتضى الأمر.

أيوب ابن ساعات القَدر، يحُبّ القَدَرَ.
أيوب ابن هُنَيْــهات المواقيت القاسية ينْقلب على القَدر، فيُريد أن يستلّ منه مفاتيحه ليقْتحم أسوار غيْبه».

• إشارة ثانية:
«سندريلا تخرج من بين صفحات الكتاب، تطير هي سندرلا لتحطّ على السرّير، السّرير حدائق ورد وأشجار، خرير مياهٍ، أناشيد أطيار وروائح عُشب وغزلان ترعى وفهود متربّصة بالطرائد.
سندريلا تبوس... سندريلا تنهش... تنهش هي سندرلا وإن بلين أحياناً.
لم يُصدّق أيوب أن الكائنات الورقيّة يمكن أن تسْتحيل إلى كائنات من لحم ودم تضغط وتعرق، تتأوه وتوَحْوِحُ من اللذّة والألم.
قد احتار «علاء الدين» وأخذ يتفقّد «مصباحه السحري»، كادت الدّهشة تذْهب بعقل الأمير الصّغير!
تمادت وتمطّت أكثر حين رأت ردّة فعله المطواعة.
سحبت ذكره الصغير، ونزعت عنها تُبّانها في حركة شيطانيّة، وأدخلته في شيء يُشبه السّحر، هي تملك أصابع ماهرة.
تحرّكت هي، ولم يتزحزح هو قيد أنملة، استسلم «الأمير الصغير» لأوامر شهوات الأعضاء التي لسندرالاه الفاتقة النّاطقة.
شعر بلذّة غريبة، أحسّ وكأنّه...».

(1)
«أيّوب اُلْطيّوب»... «أنا أُحِبّ أيّوب»
تُرْشِدُني إليه بَوْصَلته السّرديّة... نَجْمة فَلَق صُبْحِه الشّاردَةُ نجْمتي الشّخصيّة. كَم حدث لي أن تعَهدْتُه عند هذا الفجر التونسي أكثْر منْ مرّة علّه يفرّ منّي ويَخَرَج من وجوده الوَرَقي كَكائن سردي في كتاب، ليتحرّر منّي ومن «نكدي الانْضباطي»... أحْزن لأحزانه هو أيوب، فيتْعبني بـتَعَــبِه، ويبْهجني « بفلسفته العفوية « وبنظرته اللذّية - الأبيقوريّة للحياة...
أضحك لتدابيره الشيطانية، هو أيوب وأمرح معه... كأنما هو كائن لحْمي حقا وحقيقة، وليس طفل حكاية من حكايات الروايات.

(2)
«لأيّوب» حِكايةٌ... كما لكلّ «كائن» إنسي حِكايَة. كما لكُلّ «مكتوب أدبي» حِكايَة هي حيَاكَة وتطريزٌ ونسيجٌ لمسرّاتٍ وأوْجاعٍ... «سِرادَة» لأفْراحٍ وأتْراحٍ تَخْتزنُها ذاكِرة الذات الكاتبة/ الراوية/ السّاردة في سِجلاّتها وأرْوقتها العاطفيّة واللّغوية والعِطريّة والذوقية واللّمسيّة منذ زمنها الطفولي الحِليبي الأوّل.
هل يمكن كتابة «الأدب» دون «حكي» حول سيرة وسرّ الأعْضاء حتى أنه يمكن لذاتي التأكيد على أن لكل عضو من أعضاء البشر لوحده حكاية، غير أن «أيوب» الرواية في هذه الرواية هو اُلْحِكايَة.
«الروايات الكبرى تنبع من القلب»، هكذا يقول مُورياك. وأنا أصدّق فرانسوا مُورياك في كتابه «الذاكرة البَاطنيّة»، ورواية «مانيفسو أيوب» هي رواية «أنا وذاكرة». هي رواية «أنا الذاكرة»، بل هي رواية «ذاكرة الذات» في حلّها وتِرْحالها كَدْحا لمُقاومة الألم بطلب اللذة واجْتراح المرح لتخطي الإعاقة...

(3)
يقول أدموند غونكور «التاريخ»، إنما هو «الحِكاية» التي كانت قد حَدثَت فِعلا، كما هي في «الواقع» بينما «الرّواية» هي مَا كان يُمكن أن يَحْدُث... ما كان يُمْكن أن يكون.
قلتُ وفي ذهني ما اجْتَرحَتْ أنامل الصّحفي/ الكاتب التونسي صابر سميح بن عامر في روايته البكر «مانيفستو أيّوب» أو «الطريق إليّ...»، قلت: فَليَكُن، إنّ الأمْر كَذلك مع «أيّوب».
«أيوب» طفل الواقع والخَيال، طفل الحكاية في الرّواية بكل مُنعطفاتها السّرديّة التي يمتزج فيها الواقعي بالخيالي. المُهم حين هذا الحين أن المسرود عنه هو ابن الزمن المُعتّل و»الأسّرة البيضاء» في «مستشفيات تقويم الأعْضاء».
هو ابن جُرح مُلازم منذ الولادة، بل قبل الوِلادة. المَسألة الحَاسمة في هذا العمَل الأدبي من ضِمْن مسائل أُخرى، إنما هي مسألة : «الزمن» المُعاكس ومقاوته «بطقوس عُبور» نَحو مَكامن اللّذة لمقاومة الألم. تخطي النقصان يضَرْبٍ ..... 

لقراءة بقية المقالاشترك في المغرب إبتداء من 20 د

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115