والتاريخية لسلطنة عمان – الخلفية الجغرافية والتاريخية لتونس- التواصل في عهد الفتوحات الإسلامية – التواصل الحضاري في عهد الدولتين اليعربّية والبوسعيدية – التواصل الحضاري في عهد جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم – نتائج التواصل الحضاري العماني التونسي.
وقد تولى الأديب التونسي عزالدين المدني تقديم هذا المؤلف مثمنا جهود صاحبه « هذا كتاب تقارب ومعرفة ومحبة تقارب بين شعبين الشعب العماني والشعب التونسي وهو كتاب معرفة يدفع الفضول الفكري الجميل القارئ التونسي للاطلاع على موقع عمان وتاريخها الحافل بالسلالات السلطانية وبالأحداث الجسام في السياحة والحرب والسلم في الخير والعدل في الاقتصاد والتجارة .وفي التربية والثقافة والعلوم فلعمان وتونس لقاءات تاريخية عديدة وتبادلات مهمة في الأدب والتربية والتعليم والديبلوماسية»
لقد ذكر الدكتور سالم بن سعيد البحري تفاصيل كثيرة تؤكد متابعته وحرصه على توثيق كل المظاهر التي تؤكد متانة واستمرارية هذه العلاقات بين الطرفين حيث أشار إلى أن العلاقات العمانية التونسية جذورها ضاربة في أعماق التاريخ حسب ما أفصحت عنه النصوص القديمة والحفريات الأثرية وقد تناولت عديد الدراسات الحديثة تفاصيل هذه الصلات القديمة.
كما أشار المؤلف إلى أن لقاء التونسيين والعمانيين في مواسم الحج ساهم في تفعيل عملية التواصل حيث أن هذه المواسم شكلت مناسبات دينية كان يتم خلالها تجديد أواصر الصداقة والصلات الاجتماعية والروحية.
وقد أضافت الرحلات التجارية لبنة أخرى لتدعيم الصلات التاريخية بين الطرفين فيما لعبت الكتب بين علماء وايمة عمان من جهة وبين ايمة وعلماء المغرب العربي من جهة أخرى دورا هاما في التواصل الثقافي .كما لعب الشعر دورا في هذا التواصل بين الجانبين وفي هذا الإطار أورد على سبيل المثال قصيدة الشيخ محمد بن عامر التي بعث بها إلى علماء تونس وتضمنت 73 بيتا يقول مطلعها :
لكم في قلوب المثقفين منازل / وهن بذكراكم عمار اواهل/ لنا فيكم أهل المودة سابقا /كما سلفت يوما عليه الأوائل/ أيا عٌصبة الاباضي إتباع دين/ مضى على رسول الله ثم العبادل وجاء الرد من الجانب التونسي من خلال قصيدة الشيخ أبو القاسم بن عمر بن خليفة الباروني يقول مطلعها :
أتتنا قصيدة بنظم الأفاضل/ أضاءت بها أرض القرا والمنازل/ جدير علينا كل عام بحبكم/ / كتابا مكان العاجزين عن الوصل/ ينضاف إلى كل ذلك وصول التونسي علي بوذينة إلى عمان سنة 1915 حيث تولى التدريس في مسقط (كان يدرس مواد القران الكريم واللغة العربية والتاريخ والجغرافيا والحساب والرسم) وتخرج على يديه العديد من الأسماء اللامعة على غرار الشيخ محمد بن راشد بن عزيز الخصبي صاحب كتاب ( الزمرد الفائق) وفيه ذكر أنّ المدرس بوذينة ألف كتابات تاريخيا أدبيا في تسعة أجزاء ضمنه أشعار العمانيين وغيرهم كما أشار المؤلف إلى قصيدتين عمودتين لشاعرين من مسقط تولت نشرهما الجريدة التونسية مرشد الأمة سنة 1904 وهما الشاعرين محمد بن شيخان وعيسى بن صالح الطيواني في مدح الشيخ التونسي محمد بن يوسف المصعبي وقد أشار المؤلف إلى انه لم
يتمكن من العثور عليهما غير أنني في لقاء جمعني به أيام الدورة 33 لمعرض تونس الدولي للكتاب حيث زار بلادنا مكنته من القصيدتين وهذا من شانه أن يؤكد متانة التواصل الحضاري بين البلدين والشعبين في عهد جلالة السلطان قادوس بن سعيد المعظم الذي زار تونس عام 1977 لتتكثف اثر ذلك الرحلات العلمية والزيارات واللقاءات وظل الشعر يلعب دوره في مدّ أواصر التواصل ليشير الكاتب سالم البحري إلى زيارة عدة شعراء لسلطنة عمان مثل جميلة الماجري ونصر سامي ومحجوب الطرابلسي (وهذين الأخيرين يتوليان التدريس في السلطنة) بالإضافة إلى محمد الغزي وقد أورد قصائد في تمجيد النهضة الثقافية التي تشهدها السلطنة كما أورد قصائد لشعراء عمانيين في تحية تونس على غرار علي الخليلي وموسى العامري ومحمود السليمي وعامر الحوسني حيث زار أدباء عٌومانيون تونس في
تظاهرات ثقافية على غرار الأيام الثقافية العمانية في تونس مثل محمد العريمي وبشرى خلفان وعائشة الدرمكي كما سبق أن زار تونس سيف الرحبي الشاعر المتميّز ورئيس تحرير مجلة نزوى وكذلك ابن أخيه الذي درس في تونس ومحمد الشحري أيضا الذي واصل تعليمه العالي في بئر الباي وقبل زيارة الدكتور سالم البحري حلت بتونس جوخة الحارثي حيث شاركت في فعاليات جائزة مصطفى عزوز لأدب الطفل بمحاضرة قيمة في الندوة العلمية .
هذا الكتاب مهّم لغاية ويؤكد متانة العلاقات كما يؤكد المجهود الكبير الذي بذله المؤلف في جمع مادته وقد حرص على توفيره للقارئ التونسي من خلال عرضه لدى مجمع الأطرش بأريانة .