حسين براهمي رئيس جمعية «مسرح الصمود» بأم العرائس لـ«المغرب»: تفعيل اللامركزية الثقافية داخل الجهات، في حاجة إلى قرارات جريئة

تعيش عديد الجهات الداخلية، على غرار مدينة ام العرائس بالخصوص، أوضاعا ثقافية صعبة، لا تزال تشكل عائقا امام تطور القطاع، بسبب غياب الفضاءات الثقافية المفتوحة، والتي من شأنها احتضان التظاهرات الكبرى، باستثناء دار الثقافة التي تم تجديدها، وتعد

الفضاء الوحيد لمختلف الانشطة وغياب الدعم المادي الذي اصبح يتطلب اعداد حزمة من الوثائق، للحصول على دعم قد لا يرتقي الى اهمية التظاهرات والبرامج الثقافية والمسرحية، وغيرها والمزمع تنظيمها مما انعكس سلبا على الوضع الثقافي ببلادنا، والذي اصبح في حاجة ملحة الى تدخلات عاجلة وناجعة لانقاذه، هذه الاوضاع وغيرها يتحدث عنها، مدير جمعية مسرح الصمود بام العرائس، حسين براهمي «للمغرب» في الحوار التالي:

• الكتابة المسرحية للطفل مسؤولية فكرية و حضارية أوسع بكثير من كونها مجرد نص معين يشتمل على تقنية ركحية محدودة , فإلى أي مدى تخضع النصوص الحالية لهذه المسؤولية ؟
طبعا أنا أشاطرك الرأي ، زيادة على أننا يجب أن نأخذ بعين الاعتبار مدى التطور الفكري و الحضاري للطفل نفسه، باعتبار انه يختلف عن طفل الأمس وبالتالي فالكتابة المسرحية الموجهة اليه يجب أن تخضع أيضا إلى هذا التطور والتحول فتكون أكثر عمقا وثراء من حيث المضمون و المخزون التربوي و التثقيفي والفكري مع المحافظة طبعا على مقومات الكتابة الأساسية من حيث سلاسة اللغة وحبكة وتشويق الموضوع وهذا ما يتطلب دراية بأسرار الركح واجبارية العمل مع المخرج المسرحي اذا كانت الكتابة أدبية، مما يجعل المسرح يستحوذ على اهتمام الطفل ويشده اكثر من الوسائل الاخرى كالتلفزيون والسينما ومن خلاله ايضا تلقين الاطفال القيم الانسانية والتربوية بطريقة مؤثرة وفعالة، خاصة والمسرح يمكن الطفل من ان يعيش تجربة فنية بفضل الشخصيات المضمنة في النص المسرحي.

• تتواصل الاستعدادات لتنظيم المهرجان الدولي لمسرح الطفل بأم العرائس فما الذي سيميز هذه الدورة عن سابقاتها ؟
مهرجان مسرح الطفل بأم العرائس يصل هذه السنة إلى دورته الخامسة دوليا، وسيكون موعده النصف الاول من شهر افريل القادم، وهو يخطو بثبات نحو الانفتاح على عديد التجارب المسرحية العربية، حيث سيستضيف هذه السنة العراق وفلسطين والاردن، الى جانب تونس والجزائر والمغرب وليبيا، وذلك في اطار حرصنا على مزيد توسيع مدارات واهتمامات المهرجان، الذي يعد من التظاهرات الهامة التي تعنى بمسرح الطفل ببلادنا، وستتوسع هذه المشاركات انطلاقا من الدورة القادمة لتشمل الاعمال المسرحية ببعض الدول الاجنبية خاصة وأننا نسعى الى ان يكون المهرجان تنافسيا بإضافة المسابقة الرسمية الخاصة بالأعمال المشاركة، ليتوج افضل عمل لهذه الدورة بجائزة فلسطين للإبداع المسرحي.

• الفنان المسر حي حسين براهمي من رئيىس جمعية مسرح الصمود الى مدير المهرجان الدولي لمسرح الطفل الى عضو بالجامعة التونسية للمسرح فهل يعد هذا التحول تكاملا في مسيرة المبدع أم بحث عن فضاءات اخرى لإثبات الذات ؟
انطلاقا من تجربتي الشخصية، فإنني أعتبر هذا التحول ،, لا إرادي بمعنى لا اختياري لأنني كنت دائما أحبذ أن يقتصر نشاطي على الانتاج المسرحي فقط وتطوير امكانياتي الفنية في هذا الميدان حفاظا على متعة الممارسة المسرحية في إطار الهواية، إلا ان هذا التحول وبما انه قد حدث فهو مدعاة للتجدد، وهذا التجدد هو البحث الدائم عن التجربة الابداعية، وكل عمل بالنسبة لي أحاول أن أجد به عوامل متجددة ومختلفة، وما التظاهرات الثقافية والمسرحية الا مغامرة ابداعية أخوضها بهذا المنطق، رغم ما يجب ان يتوفر من نجاح، أو لنقل تحقيق على الاقل الاهداف التي بعثت من اجلها التظاهرة، وبالتالي توظيف هذا وذاك، لمزيد تطوير افاق المهرجان الدولي لمسرح الطفل، وانتاجات جمعية مسرح الصمود، بمعية الفريق المتكامل من ممثليين وتقنيين ومتعاونين.

• أي مستقبل للعمل الثقافي و خاصة المسرحي في ظل القانون المتعلق بضبط معايير وإجراءات إسناد التمويل العمومي للجمعيات ؟
هي مرحلة انتقالية، يشهدها العمل الثقافي هذا اكيد، وما نطمح اليه ان تكون مرحلة مؤسسة رغم ما تمثله هذه الأوامر والاجراءات من اشكاليات للجمعيات المسرحية والثقافية محدودة النشاط، وفي المقابل فهي تمثل حافزا لجمعيات نشيطة بامكانها توظيف هذه الاجراءات لصالح انشطتها وبرامجها، وما نطمع اليه ايضا ان تكون مرحلة مؤسسة تضع خططا ومشاريع تنهض بالفعل الثقافي الى مستويات أهم وأرقى، كما أن هذه القوانين والاجراءات، لا يمكن لها ان تصمد امام ما نعيشه من حراك ثقافي دائما من شانه ان يحدد ملامح المجتمع الذي نطمح اليه جميعا.

• حسب تجربتك الطويلة هل هناك مقاييس معينة و مصداقية في دعم العروض المسرحية ؟
هناك ضوابط مهنية، وقوانين تحدد مقاييس الدعم المسرحي، ولكن السؤال هنا هل أن هذا الدعم يكفي للنهوض بالفعل المسرحي ام لا؟ والجواب طبعا لا، في ظل التداول على لجنة الشراءات و في ظل غياب قانون ومقاييس واضحة لتقييم الأعمال المسرحية وخضوع الدعم الى زيادة أو نقصان الميزانية المبوبة وعدم استقرارها مما يجعل مصداقية دعم العروض المسرحية، لا سيما مسرح الهواية محلّ شك، وبالتالي فلا بد ان تتم مراجعة الطريقة المعتمدة حاليا في اسناد الدعم.

• من خلال اشرافك على جمعية مسرح الصمود و ادارة المهرجان الدولي لمسرح الطفل و قربك من الهيئات المديرة لعديد التظاهرات هل تعتبر أن اللامركزية الثقافية بين الجهات لا تزال مجرد شعارات ؟
بالفعل هي شعارات طالما سمعناها في مختلف المناسبات، رغم ان وزارة الشؤون الثقافية تؤكد في كل برامجها على أنها ستعطي الأولوية في الدعم الثقافي للجهات الداخلية و تكريس اللامركزية . غير ان هذه البرامج، لا تزال حبرا على ورق وشعارات يطلقها كل وزير جديد يكلف بوزارة الثقافة وتبقى القرارات لدى مديري الادارات بالوزارة، مما ينعكس سلبا على سير الانشطة الثقافية، لا سيما بالجهات الداخلية، بسبب المعاملات الشخصية، وسياسة الاقربون اولى بالمعروف، مما يتطلب اليوم، واكثر من اي وقت مضى، ارادة سياسية صادقة لتجسيد هذه الشعارات والاقاويل على ارض الواقع، وبالتالي اعادة الاعتبار لمختلف مكونات القطاع الثقافي ومؤسساته، بما من شانه ان يدعم فعلا الثقافة داخل الجهات، اي ثقافة القرب.

• كيف يمكن ان نختم هذا اللقاء؟
نختمه بالقول ان جهة ام العرائس ورغم ما تعانيه من صعوبات ونقائض لا سيما في المجال الثقافي ستظل منارة لمسرح الطفل، وسنظل اوفياء لهذا التوجه من خلال مختلف انتاجاتنا وانشطتنا المسرحية برعاية واشراف من وزارة الشؤون الثقافية، وبدعم من المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية، وشركة فسفاط قفصة بدرجة اولى وبعض الاطراف الاخرى التي تؤمن بالفعل الثقافي الجاد والهادف...

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115