العرض الملحمي «بن قردان أرض البدايات» ليوسف مارس والجليدي العويني: سننتصر لأننا نرفض الهزيمة... بن قردان مفخرة المنتصرين للانسان ...

في بن قردان فقط يكون المواطنون دروعا بشرية للامنين، في بن قردان فقط يقول الفقير «خسرت وطني الصغير منزلي، وربحت وطني الكبير تونس» في بن قردان فقط يتحدثون عن الملحمة بفخر ويخبرونك ان تونس عصية عن الخونة، في بن قردان فقط يخبرون الضيوف

ان مدينتهم وان عانت التهميش ولكنها مدينة ستقاوم دائما لانها «حارس الوطن» في بن قردان كان الموعد مع ملحمة «بن قردان ارض البدايات» ليوسف مارس والجليدي العويني.
عمل فرجوي ملحمي جسد بعضا من تاريخ بن قردان عبر السنوات، عمل حضرت فيه كل الانماط الفنية فاتحد المسرح بالموسيقى وتماهى الراقصون مع الشعراء ملحمة فنية كرمت شهداء بن قردان وقدمها فؤاد بالشيخ وراقية ناصر الحق واسلام الجامعي ومنير اللطيفي وضوالحداد واكثر من 100راقص وكوريغراف.

ملحمة ثقافية راقصة.. الكل يكتب ملحمته
في ساحة الملعب الرياضي ببن قردان، امام جمهور جد غفير جاء من كل الاحياء وأرجاء المعتمدية ليواكب «الملحمة الحدث»، 7مارس 2017كان اللقاء مع ملحمة فنية عوضت فيها الموسيقى صوت الرصاص و البسمة حلّت محلّ الخوف و الرقص ونثر معالم الفرحة لإحياء ذكرى الانتصار.

موسيقى قوية وسكانها صوت الرياح او النفير، هجوم بشري كبير في الساحة الشاسعة، الكل يجري، الكل يبحث عن موطئ قدم، بعدها يخرج الشاعر الجليدي العويني ليتحدث عن عام 11، اي 1911 والحرب التي شهدتها ليبيا ليهربوا من جحيم الحرب وتكون بن قردان الحضن الذي استقبلهم من فكرة ان المدينة قبلة لكل من يطلب الامان كانت البداية.

««من عهد قديم صيادة في جدي الريم، من عهد القديم ويمدوا قصاع المسلان في قصرك يا بن قردان، من عهد جرة ومسرب ومستقيم نسوك ووراء رمل الكثبان من زلطن لحتى لزنتان، الكلمة والعاهد والحضاري الاربعطاش».

في ملحمة بن قردان الاجساد وحدها تحكي قصة المدينة، تاريخها، حكايات العشق والحب فيها، المجد والرجولة والشهامة جميعها قيم قدمها الراقصون بأجسادهم، بأزيائهم المختلفة اختلاف ابناء المدينة والمقبلين عليها، حركات متنافرة ومتباعدة تنافر افكار ابناء المدينة الواحدة واختلاف طريقة عيشهم، في ملحمة «بن قردان ام البدايات» تحرر الجسد وتجرد من كل القيود وقرر ان يتحدث عن المدينة الشامخة، عن حصن تونس الاول عن مدينة كتبت في تاريخ تونس ملحة الشهامة ودحرت عشاق الموت وأسقطتهم كأوراق الخريف، على ارض الاحرار رقصت الاجساد وحدثت الجمهور عن تاريخ مدينتهم، لكل جسد حكايته الخاصة تماهت حكايات الأجساد واتحدت مع حكايات بن قردان التاريخ.

في الساحة الشاسعة تحركت الاجساد رقصت على نغمات الموسيقى التقليدية بنغماتها المختلفة، وقدموا جزءا من العادات والتقاليد في المدينة دون كلام، في الملحة غابت الكلمة وحضرت لغة الاجساد المتحررة من كل المكبلات والقيود.
بن قردان التي دحرت الجرذان ستبقى صمام وحزام تونس الاول
على أرض الأحرار .... على أرض من لفظ بمقولة بلادي قبل اولادي ... على أرض أم البدايات

داعش ماذا؟ ارضنا عصية على الخونة
الكل هنا يتذكر 7 مارس 2016، جميع السكان يخبرونك وبالتفصيل عن صوت الرصاص المفزع، عن الصراخ ورائحة الدم التي زينت الشوارع والحيطان عن كلمة «الله اكبر» التي يرددها الأمنيون وهم يطلقونه رصاص الحق على خونة تونس الذين يريدونها امارة داعشية، امام الجمهور جسدت الواقعة، صوت لموسيقى مفزعة، رياح قوية وكان الريح تلهث في الهجيرة على الأصيل رمال صفراء تحيط بالمكان، حالة الطقس ايضا «العجاج» تماهى مع العرض ووضع المتفرج امام صورة طبيعية تعبر عن القلق مما سيحدث، يخرج الراقصون وهم يلبسون الاقنعة.

حركات مضطربة، اياد مرتعشة وكان بالمخرج أراد القول أن «الارهابيين جبناء وان اختبئوا وراء السلاح وتحصنوا بالملابس» في المقابل فارس ، بلباس تقليدي تونسي يجوب المكان لوحده صورة تعبر عن جرأة التونسي في مواجهة خطر داعش الارهابي كما الامني نبيل الجليطي الذي قاوم الارهاب بمسدس وحيد يوم راحته، امني يسكنه حب الوطن حد عدم الخوف من عتاد الارهابيين وأسلحتهم.

ما حدث يومها من رعب ودماء صوره ضو عوني في ابيات قال فيها « ماهيش اشاعة دم مبزع فوق القاعة، هجموا في غفلة الخداعة حبوا في نهار تولي نسخة من قندار الرصاص ولول فوق سطح الدار يا زهو الفارس مغوار ، كبي يا نار الي منا ومنا يا شارع بالدم تحنى نادي يا ميمة شبيك هكة غيرتي لباسك ..انت ماكش بن قردان انت شارع في افغانستان..ايام حكومة طالبان».

وفجأة يتغير المشهدـ تخرج جحافل الراقصين من كل الخيام، يتحركون في عنف تثور الاجساد وسط صوت الرصاص، تشاهد تجسيدا للملحمة بالموسيقى وحركات الجسد وصوت الجليدي العويني يقول: «فزعة يا اولادي واجدادي، هالشرق اللي صارملغّم ويفغّم بارودة يركز وينغّم يمكن يلمسنا بشراره ، يا برق العسّة وزواره يرّاك حيادي..».نادى المنادي من غادي».

ملحمة فنية تشعر المشاهد انه يعايش احداث مارس 2016. لتكون خاتمة الملحمة هجمة راقصة والكل يلبس قمصانا عليها صور شهداء الملحمة يرقصون ليكتبوا اسم تونس كما كتبه الشهداء بدمائهم ثم تحية النشيد الوطني و اطلاق للبالونات في سماء المدينة فحب المواطنين لمدينتهم يعانق السماء على حد تعبير المخرج يوسف مارس.

سارة... تحية اليك أميرة الشهيدات وسيدة النساء ...
هي المرأة والطفلة والشهيدة هي الحضن الدافئ رمز البداية هي عنوان للطفولة وللجمال وللحلم الذي لم يكتمل بعد، سارة الموثق، اسم سيحفظه التاريخ جيدا اسم كرمه يوسف مارس وكل المجموعة الموسيقية في ملحمة فنية خصص جزء منها للطفلة الشهيدة، سارة الطفلة التي قدمت درسا في افتداء الوطن والتضحية لحماية الاخر،موسيقى حزينة وكأنها انين الناي المغترب عن أرضه ضحكة طفلة صغيرة تخترق صوت الرصاص، وكانها تاكيد ان ارادة الحياة اشد من وطأة الموت، طفلة صغيرة تجري وفجأة يرتفع ازيز الرصاص، تتخبط الصغيرة وسط دمائها تقاوم حتى تهمد انفاسها هكذا كان المشهد الذي ابكى عددا كبيرا من الجمهور، مشهد صاح معه الجميع «سارة ماتموتش».

ثم يحمل النعش، يرفع عاليا فوق الاكتاف يشكل الراقصون حلقة كبيرة رافعين الراية التونسية وشارة النصر لتأكيد ان تونس ارض المقاومة دائما ثم يدخل الشاعر ضو العوني و يقول الكثير من الكلمات الحزينة واصفا جنازة سارة وأحلامها الضائعة وعمرها المسروق و يختم «يا سارة انزاح الظلام.. منين شافوا ضحكتك خفيت اصوات الناعية وعليت مقولة بلادي قبل اولادي مبروك سيدك راهو..بن قردان اسود..تونس الخضراء نرويها بدمنا وكلنا فداء لتونس..بلادي قبل اولادي ووطني قبل بطني».
أصغر الشهداء رثاها مبروك السياري في ملحمة بن قردان وقال فيعها «سارة الخفيفة مثل لفظ البسملة، شرف القصيدة واختبار المرحلة سارة التي ماغادرت وطن الرؤى يوم استفاق على جنون القنبلة، لكنما نقص الجمال فرفرفت عرض البلاد لتكمل».
لأن سارة لن تموت من ذاكرة اهل بن قردان لانها تونسية وعلمتهم معنى الشجاعة والتضحية ولأنها حلم صغير لم يكتمل بعد وسرق غدرا حياها كل الفنانين وخصصوا جزءا من الملحمة لاستحضار ماحدث يومها علّ ذكرى سارة تزهر أملا لأترابها.
ملحمة بن قردان الفنية قسمت الى اربعة ابواب بن قردان التاريخ، بن قردان الحب والعشق،بن قردان المضيافة والمفخرة، انطلقت الملحمة بريح قادم من الصحراء وانبنى القصر وانتهت بنشيد رسمي وطني يعانق من خلاله العلم الوطني السماء،لاننا نحب الحياة.
يوسف مارس مخرج العرض

عرض اول في انتظار تدويل التظاهرة
وأخيرا انجزت الملحمة وأخيرا قدمنا ما يجب ان يقدم ارّخنا، احتفلنا واحتفينا مجدنا شهداءنا وقدمنا القليل مما قدمه بواسل الوطن من جيش وأعوان ديوانة وحماية وشرطة وحراير تونس فلا عاش في تونس من خانها.
الملحمة هي مقاربة جمالية فيها الكثير من الرقص والغناء، هي مقاربة للاحتفال بالحياة، نحن نحب الحياة، بن قردان بعثت في شخصيا أملا كبيرا في الحياة من خلال الحضور الكبير الذي تفاعل مع العروض والملحمة تحديدا واملي كبير في تدويل الذكرى، اي تصبح تظاهرة دولية تحتفي بالإنسان.

الجليدي العويني
نجحنا لان غايتنا لم تكن ربحية
الملحمة فكرة نشأت منذ عام اقترحت على يوسف مارس أن نقدم عمل فني نحيي فيه شهداء بن قردان وشجاعة اهلها، ومنذ مدة انطلقنا في العمل ولان عزمنا من حديد تكاتفنا جميعا لنقدم العرض يوم7مارس لنقول اننا المبدعون نحب الحياة ونحيب هذا الوطن.
بعد جهد وعمل مضني استطعنا تقديم ملحمتنا، واخترنا ان يكون حضور الفنانين من جهات مختلفة لان ملحمة بن قردان لا تخص ابناء المدينة وحدهم بل هي مفخرة لكل التونسيين فأردنا ان نحيي ابناء المدينة المقاومة بطريقتنا لتصل التحية من «تونس جملية»ولم تكن النية الربح المادي او منطق الغنيمة بل تحية فنية صادقة لشهداء بن قردان.
وختم الجليدي العويني تصريحه بالقول» احكي يا مرايا، وانت سمحة مصقولة، على روس عرايا وشعور تذري محلولة، تكتب في حكاية، فوق سواعد مفتولة المنية والغاية الراية الحمراء هي الاولى».

مبروك السياري: المدير الفني للمهرجان
الثقافة قاطرة للمطالبة بالتنمية
في تصريح لـ«المغرب» أشار المدير التنفيذي لمهرجان «بن قردان احدث عنك وافخر» انه و ابان انتهاء العمليات العسكرية بدأنا نفكر في ضرورة احياء هذه الذكرى واشتغلنا على انجاز تظاهرة كبرى، اجتمعنا وفكرنا في احياء هذه الذكرى كل الأطراف والمؤسسات، منذ شهرين ونصف كوّنا مجموعة من اللجان، التي انبثقت عنها هيئة اعدت البرنامج وكان لي شرف ادارة التظاهرة.
يتواصل البرنامج على مدى ستة أيام وهو برنامج ضخم، ومجهود ماراطوني.

وأكد السياري انهم لم يتخوفوا من عدم اقبال الجمهور لان اغلب المواطنين كانوا مع احياء الذكرى لكي تكون ‹قاطرة للمساهمة في المطالب التنموية والتشغيلية في الجهة، والجمهور ايضا متعطش للثقافة.
السياري أشار إلى أنّ بن قردان نجحت مرّتين: مرّة عندما كسرت شوكة الإرهاب و قدّمت للعالم بأسره درسا في الوطنيّة لن ينساه التّاريخ، و مرّة عندما قدّمت لأهل بنقردان والجمهور الواسع في تونس والمتابعين في العالم، تظاهرة ناجحة على كلّ المستويات.. تظاهرة أردنا أن تكون مرآة عاكسة للملحمة. .

لبن قردان أن تفخر إذن بأبنائها.. لها أن تفخر بحرائرها و شبابها وأهلها بلا استثناء، و لنا أن نُحَدّث عنها فعلا ونفخر..

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115