حين يقرر الرعاة الصعود على الركح «وقتها الجبال تغني»: عرض فني موسيقي ضخم لعدنان الهلالي أبطاله رعاة سمامة ...

ماذا لو تحدث الجبل؟ اي اهزوجة سيغنيها؟ اي ترتيلة سيترنم بها و اي صرخة سيصرخها؟ ماذا لو غنى الشعانبي والسلوم وسمامة؟ كيف سينظمون كلماتهم وهل ستكون الكلمات كعقد لؤلؤ حول عنق طفلة جميلة ام ستكون كسهام حادة النصل تقصم ظهر كل الخونة و الجبارين؟

ماذا لو عبّر الجبل عما يخالجه كيف ستكون انفاسه أهادئة أم مضطربة اضطراب طفل يخاف رصاص الغدر، وحدهم الرعاة يعرفون الجبل يشعرون به يحسون مثله يسعدون لسعادته ويحزنون لترحه ولان الرعاة هم فنانين بالموهبة ولان الغناء زادهم اثناء ساعات الرعي الطويلة يكرمهم الفنان عدنان الهلالي بعرض يكونون ابطاله.

«وقت الجبال تغني» هو عرض موسيقي فرجوي تتحد فيه كل الفنون عرض سيقدم اثناء افتتاح تظاهرة سمامة عاصمة كونية للثقافة الجبلية افريل القادم وتختتم مساء اليوم الخميس فعاليات المعسكر الفني بدار سيباستيان بالحمامات عرض ابطاله رعاة الجبل، من الرعاة انطلقت الانغام والالحان والرعاة سيحتلون الركح ويقدمون اغانيهم وأغاني اجدادهم بطريقتهم.

وقت الجبال تردد اغاني الرعاة
من الجبل ولد الحلم، من رحم الارض المروية بدماء شهداء تونس والمخضبة بدماء جامعات الاكليل ولد الامل وترعرع حتى اصبح واضح المعالم امل اسمه سمامة عاصمة الجبل، من الريف البعيد ولد الحلم كبر وترعرع ليكون فضاء ثقافيا مميزا، فضاء يجمع كل الرعاة حول جبلهم فضاء يكرم الرعاة ويكرم اغانيهم.

و «وقت الجبال تغني» عرض موسيقي فني ومسرحي انطلق من ايماننا بأن للرعاة حق في نشر أغانيهم، نحن مع الانفتاح الموسيقي وجميل ان تغنى اغاني الرعاة في الكاف والقصرين وفي الحفلات الكبرى ولكن لم لا يغني الرعاة اغانيهم؟ لم لا يصعدون على الركح ويصدحون بأصواتهم الجبلية ويقدمون تراثا ورثوه عن اجدادهم على حد تعبير الفنان عدنان الهلالي.

العمل على العرض انطلق منذ مدة بمعسكر فني أول في نوفمبر الفارط تحت عنوان «سمّامة قالت..» وذلك في إطار مشروع شراكة بين فريق المركز الثقافي الجبلي و دار سيباستيان.

و اليوم الخميس يكون اختتام المعسكر الثاني الذي شارك فيه ثلاثة وعشرون فنّانا منهم مجموعة أصوات سمّامة و يشرف على الجانب الموسيقي في العرض الفنّانان عبد الدّايم الهلالي و محرز العبيدي و يشرف الفنان مقداد الصالحي على اللوحات المسرحية ويؤمن فريق غار بويز تحت اشراف امين نجّار و أنور عبادليّة كوريغرافيا هذه الفرجة التي تروي صمود جبل سمّامة في وجه الدّمار الارهابيّ الذي حلّ به منذ سنوات وتحيي الذاكرة الموسيقية للرعاة ولسكان الجبل.

مسرح الفلاقة سيكون فضاء العرض
غير بعيد عن سفح جبل سمامة، في احدى اعلى الهضاب الموجودة هناك، حفر ابناء الوساعية مسرحهم، لم ينتظروا الدولة ولا السياسات بل تجمعوا وقرروا ان يكون لريفهم مسرح، مسرح حفروه في هضبة وكانهم يتحدون مع من استوطنوا الجبل عنوة ويرسلون اليهم شيفرات الحياة.

مسرح الفلاقة « هكذا سمي من طرف اولئك المبدعين الذين آمنوا بقوة الفن كسلاح يضاهي صوت المدافع والألغام ليتجسد في مسرح ركحه التراب وستائره الجبال قد حفرت مقاعده الجميلة في عمق الأرض لتجول أصداه القمم المكابرة وأقنعته الرهيبة التي نحتت من نبات الصبار الشائك مسرح جميل ليس ككل المسارح احتاج إلى القليل من الدعم المادي ولكنه احتوى الكثير من الحب والحميمية.

مسرح الفلاقة الذي تم حفره في ديسمبر الفارط كان الشاهد على اعلان سمامة عاصمة كونية وهل هناك اصدق من شهادة الأرض ان سأل الجبل ماذا قدمتم لي يا ابنائي؟، مسرح الفلاقة الذي فرشوه بالصنوبر والاكليل شهد على تتويج سمامة المناضلة قبلة للفن و الحلم الذي اصبح واقعا ملموسا بعد انطلاق اشغال بناء المركز الثقافي الجبلي اولا الذي اصبح قضية وطن وهوية لمنطقة تنتمي للتراب التونسي قد تربص بجبالها العدو وحاول تدنيسها بنشر ثقافة الموت، و بداية تحضيرات عرض «وقت الجبال تغني ثانيا.

حين يتحد الشيب والشباب لاجل الحلم
عرض يغني فيه الرعاة اغانيهم و تقدم «خالتي مباركة» اهازيج الجبل واغاني الاجداد وهي مغمضة العينين تستحضر ذكريات الماضي البعيد حينما كان الجبل موطن اسرارهم وعنوان عزتهم وكرامتهم، خالتي مباركة تلك المراة الثمانينية، امرأة كتبت السنوات الكثير على وجهها، للوشم في جبينها ووجنتيها آلاف الحكايات، حكايات امرأة عاشت حذو الجبل، جمعت اكليله وعرعاره، عشقته وحفظت عن ظهر قلب كل دروبه، على مقلتيها ترتسم الدموع كلما تحدثت عن سمامة، ذاك الوطن الصغير الذي حرموا من دخول اغواره بعد ان استوطنه اعداء الحياة، خالتي مباركة كتبت السنين الكثير من الوهن والتعب لكنها لم تؤثر في صوتها الرقيق الحزين و ذاكرتها المميزة فهي تحفظ الاغاني وتؤديها بطريقة مميزة، تقابلها عادة فنانة الجبال صليحة هلالي بنظراتها الثاقبة الجريئة جراة من يتحدى الخوف والموت، صليحة تلك المرأة البسيطة الفلاحة التي عملت في الارض وحباها الخالق بصوت جهوري جبلي قوي ومميز، تقابل «خالتي مباركة» ليمثلا ثنائي مميز لكل منهما حكايتها مع الجبل ولكل منهما طريقتها في الغناء اولى حكيمة حكمة الجدات وثانية جريئة جراة نسوة الجبل وبينهن يعشق المستمع كل جزئيات سمامة ويلتحم بكل تفاصيل الجبل.

«وقت الجبال تغني» عنوان لعرض موسيقي ضخم، عرض يغني للجبل ومن الجبل انطلقت النغمات عرض يقولون فيه «ياسيدي الرئيس أكتب لك رسالة .. جبالنا ملحمة أبطالها الرعاة... صنوبر مكابر مقاوم أصيل نفترش الحلفاء حريرها يسحرنا» عرض يؤكد ان سكان الجبال قساة قساوة الحلفاء حين يتعلق الامر بجبلهم و «يا جبل مايهزك ريح».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115