الموسيقي وعازف الكمان زياد الزواري لـ «المغرب»: شرط النجاح الانطلاق من الهوية

• كل نوتة أعزفها أشعر أنها جزء من العلم الوطني
تونسي مختلف، عزفه متميز يراه بعض الصحفيين الاوروبيين انه الوحيد القادر على التربع على مملكة الكمان الشرقي في اروبا، الدكتور زياد الزواري صاحب العرض الحدث «سفر» الذي ابهر جمهور قرطاج والحمامات، له ثلاثة اعمال جديدة توزعت بين الاوبرا

والموسيقى التونسية وموسيقى العالم، هو عازف اختار ان تكون الكمنجة سلاحه ليحارب به اعداء الفن والحب، زار كل دول العالم حاملا معه النوتات والطبوع التونسية يعزفها أينما حل لتثمر الموسيقى التونسية في شتى دول العالم، عشق النغم والنوتة ، حالم لا يعرف حدّا لاحلامه.

زياد الزواري المتحصل على دكتوراه في الموسيقى من جامعة السربون هو تلميذ للاسطورة subraminiam الهندي الذي طلب منه ان يعزف له يوما وحين عزف الزواري بعض المقطوعات الهندية توجه له بالقول «ارني موسيقاك التونسية؟» جملة اثرت في عازفنا لحد ان قرر ان يكون النغم التونسي حاضرا في معزوفاته وبه يجوب العالم فمن لاماضي له لا مستقبل عنده، الدكتور زياد الزواري تحدث لـ«المغرب» عن جديده واهمية الكمان في العالم.

• آخر أعمالك كليلة ودمنة كيف تقدمها للجمهور؟
كليلة ودمنة مشروع اوبرالي انطلقت في العمل عليه منذ سنتين، أولا اعتمد المشروع على تطويع نص «كليلة ودمنة» لابن المقفع واعاد الكتابة الكاتب السوري فادي جومر ثم جاء دور الملحن منعم عدوان وهو فلسطيني ومن اروع الملحنين في بلده واسندت لي الادارة الفنية من حيث اختيار المسرحيين الذين سيؤدون الادوار والشرط الاول ان يكونوا مغنين ويتقنون فن المسرح وساعدنا أوليفييه لاتيلييه، وهومخرج فرنسي ومختص في قصص الحيوان.
أدى دور الشاعر شتربة اللبناني جو شهيد ودور كليلة رنيم شعار من فلسطين ودمنة الملحن منعم عدوان وبقي الدور الاصعب للملك .

وحين قرأت النص اخترت ان يسند الدور الابرز للفنان محمد الجبالي لعدة اعتبارات اولها ان دور الملك يتطلب صوتا جهوريا غليظا كما عند الفنان محمد الجبالي وثانيا ان يكون ممثلا بارعا ومقنعا وصاحب روح دعابة وفي الحقيقة ابدع الفنان محمد الجبالي وتجاوز كل التحديات التي وضعت امامه واقنع الجمهور في العروض التي قدمناها جميعها.
«كليلة ودمنة» اوبرا تتحدث عن الراهن... عن الآن ومانعيشه، في الكاستينغ اردنا ان نكون منتخب للدول العربية، وجبنا الدول التي لا حروب فيها لاختيار أفضل المغنين ويمكن القول اننا احسنا الاختيار.

• كيف كانت ردة فعل الجمهور الفرنسي أمام عمل اوبرالي بلغة عربية؟
تقنيا كانت هناك ترجمة للفرنسية والانقليزية ولكن الأجمل أن كل العروض كانت بشبابيك مغلقة، هناك عدد كبير من الجمهور ربما لأنهم تربوا على الرغبة في اكتشاف ثقافة الآخر وحب الإطلاع على المخزون الفني للاخر.
وفي كليلة ابهرت اللغة العربية الجمهور الفرنسي لحد أن توجهوا لنا بالقول «لغتكم جميلة جدا للمرة الاولى نسمع العربية بهذا الجمال».
نجحت كليلة لان الموسيقى تمس الروح وتخاطب الوجدان وان صعبت اللغة واستعصى فهمها ولكن اداء الممثلين واحساسهم الصادق وصل الى الجمهور الفرنسي.

• ما هي اهمية مثل هذه المشاريع الفنية عند زياد الزواري؟
هي تمثل زياد الزواري وقناعاته، لأنني اؤمن ان الموسيقى رسالة سلام والموسيقي هو سفير بلده عند العالم فدورنا اكثر حساسية من السفراء السياسيين، المشروع جمع مبدعين من مختلف الدول العربية ، مشروع حطم الحواجز الجغرافية هو مشروع للوحدة لا للشتات كما انه يقدم الصورة الحقيقية عن التونسي والعربي ومن الصدف اننا قدمنا العرض يوم حادثة نيس ومنفذها تونسي وبالموسيقى والاوبرا اردنا ان نقدم للآخر الصورة الحقيقية للمواطن العربي والتونسي ويمكن الجزم اننا كسبنا الرهان وتحية الجمهور كانت الدليل على اننا سفراء للسلام.

• هل ستكون هناك جولة لتقدموا كليلة ودمنة في الدول التي شاركت في العمل؟
اول المواعيد يوم 23مارس القادم في مهرجان كازابلانكا بالمغرب ثم في شهر اوت عرض بمهرجان بعلبك بلبنان بالاضافة الى عرض يوم 18ماي في مهرجان باريس philharmonie de parisواربعة عروض في اوبرا جو دو بوم في مدينة اكس الفرنسية.
أما تونس فقدمنا طلبا منذ عام الى صفاقس عاصمة الثقافة العربية ولم نتحصل على اجابة وقدمنا ملف الى أيام قرطاج الموسيقية ومازلنا ننتظر الرد مع الاشارة الى قولهم انهم يعانون صعوبات مادية ويصعب توفير 40 الف دينار ثمن العرض مع الاشارة الى دعم سفير فرنسا للعرض بقيمة 20 الف دينار لتغطية مصاريف التنقل والاقامة .

• ماذا ان لم تقع برمجة العرض في تونس؟
سينجز العرض «ما نعرفش كيفاش ووقناش» ولكنه سينجز لاننا نمثل تونس انا ومحمد الجبالي في كليلة لا نعزف باسم زياد الزواري ومحمد الجبالي بل باسم تونس ورايتها ويجب ان يقدم العرض هنا في وطني لانه يتحدث عما تعيشه البلاد اليوم .

• كل العروض في باريس وانحاء فرنسا تقدمونها بشبابيك مغلقة، لم لا يوجد جمهور كبير في تونس؟
سؤال ذكرني بمقولة والدتي يوم شاهدت الاوبرا في باريس حينها قالت «يا وليدي هاك مشهور ويحبوك علاش في تونس مايعرفوكش؟» وربما لاننا في تونس نتوجه أكثر الى buez والصدمة وثقافة «البوز» لا تمثلني لأنها لا تتماهى مع قناعاتي، فزياد الزواري يقدم موسيقى ملتزمة بالحب والوطن واعمل على مشروع مدته عشرين عاما ، ولو رغبت في ثقافة الشهرة السريعة لجلبت ثلاثة من امهر المصورين وعازفتاين جميلتين وعزفت الكمان بطريقة غريبة ومغرية وسأحقق شهرة جد سريعة وغير مكلفة، ولكن لا اريد الشهرة السريعة أريد ان أكون زياد الزواري العازف الحالم والذي ينحت مسيرته الفنية بخطوات جميلة ويعرف جيدا انه يمثل تونس في كل حفل في الدول التي تحدثت فيها عن طريق الموسيقى ولا أريد التضحية بتجربة 15عاما من العمل والطموح فقط لتحقيق شهرة ربما تنطفئ سريعا.

• بالاضافة الى كليلة ودمنة اصدرت البومك الاول؟ كيف تقدمه للجمهور التونسي؟
في الحقيقة الالبوم تاجل منذ العام 2007 لان اوبرا كليلة ودمنة تطلبت الكثير من البحث وبمجرد ان اشتد ود العمل وقدمت كليلة تفرغت للالبوم واسمه «الكترو بطايحي»، يجمع بين لونين موسيقيين الالكترو وما يحمله من خلفية البلوز والجاز والبطايحي رمز الموسيقى البدوية والحضرة التونسية، الكترو بطايحي قدم قبل شهر تقريبا في المدينة العتيقة وهو مشروع يجمعني والمبدع أو «الخارق» كما اسميه عماد الحمدي على البيركيسون وقلت خارق لانه يعزف البيركيسيون والشقاشق والالات الايقاعية بصوته فقط،، وثالثنا غسان فندري عازف الآلة العجيبة القيثارة العربية وهي الة نادرة الوجود.

• وهل هناك «الفلتات العجيبة» لزياد الزواري في الالبوم الجديد؟
بالطبع قدمنا البطايحي والبدوي بطريقة زياد الزواري فمازجنا بين البطايحي والموسيقى الهندية وماهينا بين البطايحي والقناوة و جمعنا البطايحي بالجاز، وقدمنا الطبوع التونسية وقدمنا محورا بخصوص طبع «الاصبهان» وهو طبع نادر الحضور في الموسيقى التونسية، اردت ان يحاكي الالبوم الشباب فقدمنا لهم موسيقانا بطريقتهم التي يفهمونها ويعايشونها .
وربما سبب العمل اولا رغبتي في مصالحة الشباب مع الموسيقى التونسية وهويتهم لانني أمارس مهنة التدريس وحين اسال الطالب عن الموسيقى يجيبني عن الجاز وعن موسيقى العالم متناسيا الموسيقى التونسية ،فقدمت لهم عملا بمقاييس عالمية وموسيقى عالمية انطلقت من روح الطبع التونسي.

• برايك ما سبب عزوف الشباب عن الموسيقى التونسية؟
العزوف سببه غياب الاجتهاد فالجيل الذي سبقنا اكتفى بتقديم الموسيقى التونسية دون اضافة أو اجتهاد قدمت بطريقة اكاديمية مملة احيانا وثانيا تاثير العولمة فشباب اليوم جد مهتم بكل مايقدم له على «اليوتيوب» والموسيقى المدعومة جيدا تصل الى المتفرج حيثما كان فنزلة أصبع من أن تشاهد في الساعة ابرز الفرق العالمية لذلك يجب اخراج الموسيقى التونسية من الصناديق المغلقة والقوالب الجاهزة ليقبل عليها الشباب وينهل منها.

• هل سيكون لالكترو بطايحي جولة في المهرجانات التونسية؟
«الكترو بطايحي» لن يكون مجرد عرض «مانيش براني نعرض ونروح»، لاننا سنعمل على الزيارات الميدانية بمعنى اننا سنتنقل في جهات البلاد ونقابل مبدعيها اما في شكل «ماستر كلاس» او ورشات ويكون لمبدعي الجهات التي سنزورها وهي الكاف وقفصة و صفاقس وسوسة والعاصمة الحق في المشاركة في العرض لان الهدف من الزيارات واللقاءات اكتشاف مواهب ربما تعمل في صمت وفي الظلام وسنعمل على اكتشاف تلك الدرر لاني شديد الايمان ان تونس ولاّدة ولم لا يكون من نكتشفهم في الجهات جزء من جولاتنا العالمية كما سنقوم بتوثيق جولات الجهات بالفيديو لنقدم للجمهور في الخارج صورة عن اختلاف الانماط الموسيقية في ربوع وطننا الصغير.

• ماذ عن الالبوم الثاني؟
الالبوم الثاني هو الاخر اجل من 2014 ولكن حان الوقت ليظهر الى الجمهور، مشروع عالمي اكثر وموسيقاه متنوعة، هو «حلمة مزيانة» وامل جميل لانني جمعت فيه كل تلاحيني من 2007 إلى اليوم، ألبوم عن الحب وضعت فيه أول مقطوعة قمت بتلحينها «رسالة الى اقبال» و «ازهار»، عنوان الألبوم les routes de وقد عملت فيه على رحلة المقام العربي الشرفي في جولته العالمية فيصبح راغا حين يزور الهند و يصبح الجاز حين يزور اروبا ، عمل حاولت ان اتتبع فيه طريق المقام.

• هل الالبوم قائم على العزف فقط؟
طريق المقام يجمع بين العزف والغناء، والغناء سيؤدى بالعربية والتركية، لان الالبوم يجمعني بمبدعين إثنين من أجمل المبدعين وهما عبد الرحمان تاريكشي Abddurahman Tarikci من تركيا عازف باص ومغني، و امهر عازفي البيركيسيون الارميني جوليان تيكيفان , Julien Tekeyan والالبوم من تلاحيني باستثناء اعادة تقديم معزوفة جرجيس لرضا القلعي.

• متى سيقدم الالبوم الى الجمهور واين؟
في فرنسا اول العروض يوم 11فيفري في مهرجان Maghreb Jazz Days وفي أيام 12 و13 و14 فيفري سنقوم بتسجيل الالبوم و العرض المفاجاة سيكون يوم 15 ماي في مهرجان موازين بالمغرب وحقا اشعر بسعادة كبرى لاني سامثل تونس في مهرجان له جمهوره وسعيد لان اول العروض الكبرى سيكون في موازين وارجو ان يتم قبول الالبوم للمهرجانات التونسية.

• سبق وان ذكرت ان العمل يجمعك مع تركي وارمني؟ هل هذا الجمع مقصود ام وليد صدفة فنية؟
أولا عرفت جوليان في فرنسا وبعد سنوات تعرفت على عبد الرحمان وكلاهما مثل صدمة فنية بالنسبة لي لانهما مميزان بل رائعان وفكرت ان يجمعنا عمل واحد ولما بحثت قليلا عرفت انه ولاسباب سياسية لم يسبق ان عزف تركي وارمني على نفس الركح في العصر الحديث حينها اشتد عزمي واصراري لنكون ثلاثتنا معا ونقول للعالم أن الموسيقى عنوان للسلام وأن الموسيقيين هم سفراء الحب والجمال، على الركح لن نعاقب الاتراك ولن ننصف الارمن بل سنتحدث موسيقى سنعزف للحياة لانه لاوجود لحدود جغرافية قادرة على تكبيل صوت الموسيقى لانها صوت الانسانية.

• بعد تجربة عمرها 15 جلت فيها جل دول العالم هل يمكن القول ان للموسيقى الالاتية قدرة على شد انتباه المتفرج العربي؟
بالنسبة لي كلمة «آلة ماعندهاش جمهور» غير صحيحة ربما تعود الجمهور لعقود على ثقافة الغناء والمقطوعات الالاتية هي مجرد مقدمات للاغنية ولكن هناك تونسي احدث ثورة في الموسيقى وهو رضا القلعي واثبت ان للالة قدرة على جلب انتباه المتفرج ليسمع حديث الآلة وغنائها ويراقصها كما يراقص الفنان.
وبعد سنوات اجزم ان للالة جمهورها وهي قادرة على السفر بعيدا بالمتفرج فقط وجب عدم الخوف من الجمهور أولا وعدم الاكتفاء بتقديم الموسيقى بطريقة اكاديمية ثانيا لذلك أقول دائما وأردّد دع الموسيقى تتحدث وستسرق قلبك حتما.

• البعض يقول ان لزياد الزواري طريقة سحرية في العزف؟ هل توافقهم القول؟
ربما لانني حين امسك الكمان واعزف اشعر بكل نوتة وأحادث كل مقطوعة واشعر انني اسافر في عالم اخر، بمجرد ان اغمض عيني اشعر انني وحدي اراقص النغمات واغازلها كحبيبة او معشوقة، وربما نعم ايضا لاني «نحس موزيكتي» وموسيقى زياد الزواري لاتقدم بطلب من الاخر بل هي جزء من روحه واشعر ان كل نوتة هي جزء من علم تونس.

• في حديث النوتة ماذا لو تحدثنا عن عرضك «كمنجات من العالم»؟
«كمنجات من العالم» عرض استثنائي ومختلف عرض تمحي فيه اللهجة واللغة والعرق وحدها الموسيقى تتحدث وتكلمنا وتوحدنا، «كمنجات من العالم» يشارك فيه عازف من الهند لا يتحدث الا لهجته المحلية وعازف من الصين هو الاخر لا يتقن غير الصينية وعازف من منغوليا وعازف فرنسي وانا امثل تونس ، جميعنا مختلفون من حيث اللغة والانتماء وطريقة التعبير واللباس والحضارة ولكن على الركح نبدو جد متجانسين في البروفات والتحضيرات نادرا مانتحدث الى بعضنا وتركنا المهمة للكمنجات، في العرض الكمنجات تتحدث والكمنجات جعلتنا نتشارك لحظات من الصدق والسعادة والانسانية وفي العرض «نحسوا موزيكا ونعيشو موزيكا ونحكيو كمنجة».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115