يقول نضال فتح الله: «المشي نحو المجهول نسفني، أظلم ملامحي ولم يتبقّ غير حطام، الرّجل الملتحي، بوجهه المتغبرّ وجلبابه الفضفاض، الرّجل المشرّد والخائف والمهان والجائع هو أنا، نضال فتح اللّه.. أحتمي بالقصر، أحتمي بأبي مثل طائر جريح أضاع السّرب.. القصر موحش، أجلس على الحجرة التي كان يحبّها أبي، أجلس على الكرسيّ الهادئ، أرى أبي، أصغي إلى صوته المخنوق وأتشوّق إلى حكاياته، تلك الحجرة حماها أبي من الرّياح والأمطار، نفض عنها الرّمال والغبار، كانت كرسيّ العشق والنشوة في القصر.. الحجرة النّاعمة، هي عرش أبي، كان يجلس معزولا عن العالم، يصير مثل العتمة في زمن القرف، ويصير مثل الضّوء عندما يستعيد القمر مجده، يناجيه ويرقص معه حتّى انسلال الفجر من اللّيل.. أرى أبي في ثوبه الأبيض، ينتصب أمامي، لا ضاحكا ولا عابسا، عيناه مشدودتان إلى عينيّ، يتأمّل قسمات وجهي، حرقك الملح، تقول عيناه، صرت أكثر سمرة أيّها الجرو، صرت شاردا مثلي، صرت مثلي تماما.»
يقام حفل التّوقيع الأول لرواية جهاد ناعم بقاعة رنين بمنطقة صاحب الجبل معتمدية الهوارية ولاية نابل يوم السّبت 28 جانفي 2017 بداية من السّاعة الثالثة بعد الظّهر بتنظيم مشترك بين دار زينب للنّشر والتّوزيع وجمعيّة فصول الثقافيّة بصاحب الجبل.
وللاشارة فالكاتب كان قد اصدر منذ اسابيع تحديدا اواخر ديسمبر 2016 كتابا بعنوان «نصوص منسية في الادب التونسي الحديث» و يشتمل الكتاب على 277 صفحة من الحجم المتوسّط وعلى 13 دراسة أدبيّة تهمّ الشّعر والقصّة القصيرة والرّواية في مستويات متغيّراتها الشكليّة والدّلاليّة بعد الثّورة خاصّة. ففي مجال الشّعر توقّف الباحث عند المسائل التّالية: القيم الثّوريّة في النصّ الشّعري النّسائي، القصيدة والوطن، الحلم والحريّة من خلال تجارب شعريّة تونسيّة حديثة، الرّمز المقدّس في النصّ الشّعري وقصيدة النّثر التّونسيّة: نماذج من المنجز النصّي.
يقول الكاتب «في هذا الكتاب أطرح تجربتي في قراءة النّصوص التّونسيّة منذ سنوات طويلة، قراءة جمعت بين الحياد الموضوعي والخلق الإبداعي في شتّى أجناس الكتابة،شعرا ونثرا.. وارتأيت أن أعنون الكتاب ب»نصوص منسيّة» مدركا ما يمكن أن يطرحه النّعت منسيّة من أسئلة واستقصاء حول دواعيه.. والحقّ أنّي ملمّ بما يعانيه النصّ الإبداعي في تونس من صمت وتجاهل ونسيان رغم وفرة الإصدارات في الشّعر بأشكاله والقصّة القصيرة بمناخاتها الفنيّة والرّواية بتنوّع هندستها الفنيّة..كنت مطّلعا على أغلب النّصوص الصّادرة ومتوقّفا عند تفاصيل طاقاتها التّعبيريّة وحمولاتها الدّلاليّة التي أصفها بالتّراكم والتغاير من جيل إلى جيل ومن تجربة إلى أخرى» .
وقد صدرت لمحمد عيسى المؤدّب الكتب التّالية:
«عرس النّار» مجموعة قصصيّة - الدّار العربيّة للكتاب (1995) وهي (حائزة على الجائزة الوطنيّة للقصّة القصيرة – 1995)، «أيّة إمرأة أكون؟» مجموعة قصصيّة- الأطلسيّة للنّشر (1999)، «في المعتقل» رواية – الأطلسيّة للنّشر (2013).