في هذه المجموعة تبدو الكتابة يدا وحيدة وفريدة تستقر على مفرق الأحزان.. لكن دون أن تندرج ضمن أي شكل من أشكال المطلق أو المقدس.
كتابة القصة بالنسبة للكاتب رضا بن صالح في «بيان العودة إلى اورشليم» طقس روحي قبل أن تكون مظهرا، وفكر إشراقي قبل أن تكون حادثة.. إن رضا بن صالح ينظر إلى القصة بوصفها فعل حياة داخلية سرية، وهي تعويذته ضد الموت والفراغ والعدم، وهو لا يضيع ولا يفرط في تعويذته... كما يبدو في مجموعته «بيان العودة إلى أورشليم» ومن هنا فإنه لم يعمد في هذه المجموعة الجديدة إلى كسر العمود الفقري أي الحكاية، وتقنياتها والتصاقها بمذهبه الواقعي ولا إلى الألعاب الشكلية والتقنية الباحثة عن جماليات ما وراء القصة، لأن هذا الرهان يمثل منزلقا خطيرا...يحول طقوس القص إلى « أصولية تجريبية » ويصير مأزقا لا تحديثا للكتابة (وهو ما اتفق عليه جل نقاد هذا الجنس الأدبي: القص).
ومن خلال هذه المنجز يبدو رضا بن صالح منحازا إلى فن الأقصوصة الواقعية لأن الأقصوصة الواقعية في نهاية الأمر أقاصيص تتنوع شكلا فنيا وتتوحد مضمونا اجتماعيا لتعبُر بالقارئ من متعة الفن والإبداع إلى الوقوف عند مناطق التوتر والتأزم في الواقع التونسي وحتى الواقع الإقليمي والعربي دون خطابة سياسية أو إصلاح مباشر, فتظل العملية الإبداعية حينئذ موصولة بمقصد التسلية و الإفادة في الوقت نفسه.. ختاما هذه المجموعة القصصية فيها من الإمتاع أجمله ومن المؤانسة أحسنها ...
مراد ساسي