اختتام الدورة 38 للمهرجان الدولي للواحات بتوزر: توزر... تحلّق عاليا، كالنسر فوق تونس الشمّاء...

اسدل الستار على فعاليات النسخة 38 للمهرجان الدولي للواحات بتوزر، حاضرة بلاد الجريد الذي تغنى به عديد الشعراء، على غرار الشاعر التوزري سيد التابعي في قصيدة هذا الجريد.

هذا الجريد له التاريخ مفخرة تمليه أثار من مروا ومن ذهبوا
جذوره في اديم الارض ضاربة من عهد سام بن نوح وهو منتصب

تواصلت الاحتفالات بالنسخة 38 لهذا المهرجان العريق طيلة اربعة ايام بلياليها من 17 الى 20 جانفي، محققا بذلك نسبة اقبال جماهرية عالية، لاسيما خلال السهرات الليلية، رغم برودة الطقس. وهذا المهرجان الذي يعد من التظاهرات الثقافية والسياحية الهامة ورافدا من روافد التنمية السياحية الصحراوية، ومناسبة لمعانقة الابداع، والغوص في اعماق التراث الثقافي الفني الاصيل واستقراء لذاكرة التاريخ والحضارة العريقة لمدن الجريد، التي كانت وجهة واعدة لعشرات الوفود من داخل مدن الجمهورية، ومن بعض الدول العربية على غرار الجزائر وليبيا. تميز بتنوع وثراء البرنامج العام لدورته التي اكدت ضرورة مزيد دعم هذا المهرجان من طرف وزارتي الشؤون الثقافية والسياحية بالخصوص، بما من شانه ان يدعم الجانب الدولي حضورا ومشاركة، باعتبار أن جهة توزر كانت في القدم تمثل ملتقى الحضارات، بين الشمال الافريقي والشرق المتوسط، مما ساهم في اثراء حضارتها، واكسبها خصوصيات ثقافية وادبية وعلمية متفردة، اصبحت اليوم منتوجا قابلا للتصنيع والتصدير.

هذا الجريد الذي بالفن يلهمني...
بداية الفعاليات الاولى للدورة 38، كانت انطلاقتها قديمة متجددة من خلال العروض الافتتاحية عبر شوارع المدينة، بمشاركة الفرق الجهوية والوطنية التونسية، والعربية من الجزائر وليبيا ومصر، وامتزجت خلالها الانماط الموسيقية الفولكلورية والشعبية والتراثية، تخللها طلقات القربيلة المكثفة، وتصاعد الدخان وروائح البخور، ورقصات الخيول، وتمايلها في شموخ وكبرياء...

«يا خيل جولي والعبي في الساحة... عيدك سعيد افراحه، فتح بان في توزر زين صباحه»
وعديد العروض الاخرى، التي تساهم في ابراز، وترويج منتوج متميز، يعتبر من خصائص الجهة، مرورا ايضا بالمعارض المتنوعة في عديد المجالات، كالصناعات التقليدية المختلفة من منتوجات النخلة، والمنتوجات الصوفية، والعادات والتقاليد، التي لا يزال البعض منها حاضرا الى يومنا هذا خلال المناسبات الاجتماعية كحفلات الزواج والختان، والمولد النبوي الشريف، وعاشوراء وغيرها. وايضا المظاهر الاجتماعية داخل الواحة النابض قلبها بالعشق والحياة، وتبرز ايضا سحر وغموض الصحراء، صور ومشاهد لا تتكرر في اكثر من مدينة، ولا نخال الزائر يستمتع بها خارج اطار واحات الجريد، وعلى هذا المنوال الاحتفالي اختتمت فعاليات الدورة 38 للمهرجان الدولي للواحات، حيث تضمن اليوم الرابع والاخير جملة من الانشطة الشبابية منها مارطون الواحات الاول تحت شعار «شباب ضد الارهاب» تم خلاله تكريم رجل الامن بسام بلحاج يحي، الذي بترت ساقه في احداث بنقردان خلال شهر مارس المنقضي، وبالمركز الشبابي واكب الاطفال ما تبقى من انشطة مبرمجة لفائدتهم على غرار الورشات والعروض المسرحية وبشارع الحبيب بورقيبة، انتظمت عروض كرنفال

باباروتي، وفرق الرقص العربية والاجنبية، وبالمنطقة السياحية كانت المظاهر الاحتفالية متشابهة، في حين احتضن مسرح الهواء الطلق عرضا متنوعا للمجموعات الموسيقية التونسية واليبية والجزائرية، وبالقبة الضوئية وسط المدينة كان لاحباء الموسيقى الشعبية موعد مع الفنان الشعبي محمود العرفاوي. وبساحة الفنون بالتبابسة، وخلال السهرة الليلية الرابعة، قدمت مجموعة Djam ومطرب الراي نجيب نيو، عرضها الموسيقي العصري المتنوع، باعتبار وان هذه المجموعة تجمع عناصر فنية من الجزائر وفرنسا، وقد عرفت هذه الدورة، متابعة مكثفة لمختلف الاسلاك الامنية، التي امنت مختلف العروض، وسهرت على حسن التنظيم، وراحة الجماهير التي واكبت العروض باعداد كبيرة، رغم ما تعرض له عوني الامن في سهرة مطرب الراي بلطي، نتيجة تدافع الجمهور، كما كانت سهرة الاختتام مناسبة للاشادة بهذه المجهودات، وايضا مجهودات وحدات جيشنا الوطني المرابطة على الحدود، رغم قساوة الطقس ساهرة على تامين امن وسلامة بلادنا، بمعية وحدات الحرس الحدودي.

أنور الشتوي: شوارع المدينة تحتفل
هذه الدورة تميزت بعودة العروض الفرجوية عبر شوارع المدينة من خلال تظاهرات شارع الفنون، حيث حضرت الموسيقى الشعبية والفولكلورية ومعارض الفنون التشكيلية، الى جانب عروض الفروسية، وهي عروض على غاية الاهمية ساهمت في خروج العائلات الجريدية، الى جانب الوفود القادمة من مختلف جهات الجمهورية لمواكبة هذه الفعاليات، والتي ضاقت بها شوارع المدينة، واصرت على دعم المهرجان وانجاحه، خدمة لمصلحة الجهة، وبنفس الاريحية، وراحة البال، التي واكبت خلالها الجماهير العروض الافتتاحية، كان الموعد ايضا خلال العرض الفرجوي، والسهرات الليلية، وقد تظافرت جهود الادارات الثقافية والسياحية والشبابية، الى جانب هيئة المهرجان لانجاح هذه الدورة، التي كسبت من خلالها الجهة الرهانات ولاسيما الرهان الامني والثقافي والسياحي.

عبد الرؤوف الشابي: عودة الاعتبار للمهرجان
لقد تابعت فقرات الدورة 38 للمهرجان الدولي للواحات، والذي حرصنا وفي اطار التواصل بين الهيئات، على ان تشرف عليه هيئة جديدة تجمع عديد الاطياف الثقافية والشبابية، وأيضا بعض ممثلي الجمعيات والمنظمات، باعتبــار وأن هـــذا المهرجان يمثل جهة بأكملها، ونحن اليوم ندعو الى التقارب، لا الى التباعد، خدمة لمثل هذه التظاهرات، ومن خلالها خدمة المجالات الثقافية والسياحية المرتبطة ارتباطا وثيقا بالتنمية الجهوية والمحلية، وما يمكن الحيث عنه خلال هذه الدورة، هو اعادة الاعتبار لهذا المهرجان العريق، الذي اقترن ومنذ تاسيسه، بتظاهرات قارة، تنقص من قيمته حين تحتجب كالعرض الفرجوي وشوارع الفنون والمعارض، وهو ما حدث خلال الدورات المنقضية. وخلاصة القول ان ما سعت الى تحقيقه الهيئة السابقة، دعمته الهيئة الجديدة باضافات اخرى، ثمنها كل من تابع المهرجان لا سيما من ضيوف ولاية توزر، مما حقق نسبة نجاح محترمة للدورة 38.

الصادق بلوزة: توزر تحتفل
هذه الدورة عاشت خلالها ولاية توزر احتفالات متنوعة ثقافية وشبابية وسياحية، الى جانب الحركة التنشيطية لكل ماهو اقتصادي، وقد تميزت ايضا بتنوع الانشطة وتدعيمها بتظاهرات جديدة، على غرار مارطون الواحات الاول تحت شعار: «شباب ضد الارهاب» واحتفاء المؤسسات الشبابية باحتضانها للانشطة الموجهة للاطفال، والمساهمة في انجاحها، في اطار التعاون بينها وبين المهرجان، اضف الى ذلك مبادرة وزيرة شؤون الشباب والرياضة ماجدولين الشارني، بدعم المهرجان ماديا، مما سيجعل الهيئة المديرة تدعم برنامج الدورة بجملة من الانشطة منها التي تحدثت عنها سابقا وفي السياق ذاته لا بد من التذكير بالدور الهام للمندوبيات الجهوية لشؤون الشباب والرياضة، والشؤون الثقافية، والسياحة، وايضا بعض مكونات المجتمع المدني والمنظمات الوطنية التي كان لها الدور الايجابي في اعداد البرنامج والمساهمة في تنظيمه وانجاحه.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115