الفضاءات الثقافية الخاصة بالجهات: «نحن نحتضن زهور الحب وجمال الابداع ونرنو لطفولة حالمة في كل ريف

اختاروا الهامش، اختاروا مناطقهم الريفية والحضرية البعيدة عن المركز وأرادوا غرسها بالإبداع علها تنبت فنونا وتزهر مسرحا وموسيقى، ابتعدوا عن المدن الكبرى وتركوا العاصمة و نحتوا في قراهم و اريافهم ومدنهم بعض تفاصيل اعمال فنية مختلفة ولها جمهورها،

ابتعدوا ليبدعوا وتركوا المركز لينحتوا في جلامد تصحر ثقافي يسكن مناطقنا الداخلية، هم تونسيون اختاروا التعبير عن محبتهم لمناطقهم ولفنونهم بطريقة مختلفة وهناك حيث اللاشيء هناك حيث لا الفن فنّ ولا الثقافة ثقافة ولا الدعم دعم قرروا ان يتمركزوا و املهم الابداع و طموحهم نحت مشهد ثقافي مختلف يوفر لاطفال مدنهم بعضا من المتعة و يكرس حقهم في الثقافة وان قست الجغرافيا.
هناك مثقفون اختاروا الاختلاف ومن احلامهم نبت العشب بين مفاصل صخرة التصحر الثقافي الذي تعيشه جهات الوطن الداخلية و انجزوا فضاءات ثقافية خاصة اصبحت عنوانا للاختلاف والتميز، لفضاءاتهم اختاروا اسماء تعبر عنهم فمن سيرتا بالكاف الى نضال ار بطبرقة جندوبة ففينوس بماجل بلعباس القصرين الى «الحوش» في حارة مدنين ففضاء وطن في جبال بني خداش وصولا إلى البلكون في المدينة العتيقة بصفاقس و «سيني فيرمة» وغيرها من الثكنات الثقافية الذي اتخذ منها اصحابها درعا لمحاربة التصحر ونشر الفنون اينما توجهوا.ولمعرفة البعض من واقع هذه الفضاءات وما غاية اصحابها من بعثها طرحت «المغرب السؤال» على بعضهم وكانت الاجابة كالتالي:

هيكل سالمي عبيدلي : فضاء «نضال آر» بطبرقة جندوبة
حلمتُ و سأعمل ليشاركني ابناء الريف حلمي بالفن للجميع


«نضال آر» اول فضاء ثقافي خاص في ولاية جندوبة وتحديدا في مدينة طبرقة، «نضال آر» هو حلمي لأقدّم لأبناء مدينتي بعضا من الفن و الابداع ، حلم ذاتي عملت لأجله من موارد مالية خاصة فقط لأشارك ابناء طبرقة الحلم وأشاركهم حب الفن والإبداع هكذا تحدث هيكل سالمي عبيدلي عن فضائه الوليد.
وفي تصريحه اشار هيكل العبيدلي ان «نضال آر « فضاء ثقافي عمره بضعة اشهر انطلقت الاشغال في فيفري 2016 ولازالت متواصلة، لم تكتمل كل اشغال التهيئة ولكن العمل انطلق في فضاء نضال آر»فنحن نؤمن بالفعل لا الحيطان الخاوية».

من الاسم يعرف الجمهور انه امام فضاء ثقافي يريد المشرفون عليه النضال والنحت في صخرة البعد لينجزوا أعمالا فنية تروي ظمأ اطفال ولاية جندوبة للفنون فنضال ار «ليس حكرا على مدينة طبرقة ومنذ البدء خرجنا من الاسوار المغلقة عملنا وسنعمل مع اطفال المدارس الريفية والحدودية فنسبة 70بالمائة من طبرقة هو ريف ليعم الحلم ويشع امل الابداع عند كل الاطفال وسنعمل تظاهرات على شكل كرنفال صغير نتوجه به الى اطفال جندوبة اينما كانوا في طبرقة او عين دراهم او جندوبة او فرنانة او بوسالم « على حد تصريح صاحب الفضاء.

«نضال آر»فضاء ثقافي سعته 200كرسي مع مقهى ثقافي وهو فضاء لاجتماع المبدعين، وهم بصدد التحضير لعملين مسرحيين اول للكبار وثان للأطفال سيكون حاضرا موفى شهر فيفري 2017، و ان للفضاء الوليد ثلاث نواد هي نادي «اقلام خمير» وهو ناد موجه اساسا لإبداعات الاطفال في الكتابة، ونادي الموسيقى وهو مختص في البحث عن خصوصيات موسيقى الشمال الغربي و سيقدم النادي عرض موسيقي مختص في القريب بالإضافة الى نادي المسرح الذي يشرف عليه هيكل عبيدلي، كما يقدم الفضاء دروسا في المسرح والرقص تحديدا رقصة الزومبا والهيبهوب.

واضاف هيكل عبيدلي انهم وجدوا صعوبة في البداية في التعريف بالفضاء واعتمدوا سياسة bouche à oreille ومع اول التظاهرات التي انجزها الفضاء على الكورنيش ووجود معلقات تقدم الفضاء اصبح محل اقبال الاولياء قبل الاطفال وفي غضون اشهر قليلة بات للفضاء بين 50 نفرا بين اطفال و شباب يشاركون في النوادي واشار محدثنا ان من خصوصيات طبرقة رغبة الاولياء أن يكون أبناؤهم هم الفاعلون في النشاط وليسوا مجرد متقبلين لذلك نسعى هنا ليكون الصغار جزءا من كل الاعمال التي سنقدمها.

«نضال آر» لازال في خطواته الاولى والمشرفون عليه منشغلون بالتحضير لعرضين موسيقي ومسرحي وعن البدايات قال العبيدلي «في الايام الاولى شعرت بالخوف والريبة والتوجس وتساءلت عديد المرات، ما الذي فعلته؟ كيف سيكون الفضاء؟ هل سأقدر على جلب انتباه الاولياء وهل سيقبل الاباء بدفع ابنائهم ليمارسوا المسرح والفنون، خفت و لكن بمجرد ان انجزنا تظاهرة خارج الاسوار واكتشفت تعطش الاطفال للفنون زال الخوف وحل الأمل محله» ومن حسن حظ الفضاء أن دار الثقافة بطبرقة مغلقة وكل العروض ستكون في الفضاء كما وعد مندوب الثقافة بجندوبة.

بلال علوي: فضاء «فينوس» بماجل بلعباس
في المنطقة الاقرب الى الحدود نحلم مع الاطفال بثورة ثقافية حقيقية

هناك في مدينة ماجل بلعباس بالقصرين وقريبا من المناطق الحدودية الجزائرية ولد الفضاء الثقافي الخاص الاول «فينوس» ومنذ 20 اكتوبر تاريخ انبعاثه الى حين كتابة هذه الاسطر وفينوس يقدم لرواده العديد من الانشطة والتظاهرات المسرحية والتنشيطية كما ان الفضاء لم يقتصر على حيطانه المغلقة بل ذهب الى المدارس الحدودية لتنشيطها وبعث مسحة من الامل عند الأطفال وسكان المناطق الحدودية.
وعن فينوس قال بلال علوي صاحب الفضاء «الارادة والايمان بخلق ارضية متوازنة لممارسة الفعل الثقافي وتدريب الاطفال على حب الوطن وحب الحياة في منطقة مهمشة تكتسحها ثقافة التهريب(الكنترة) والمخدرات... وفي ظل غياب وعي الاولياء... وبين مطرقة الفقر وسندان الارهاب... يأتي دور الفنان ليحاول ازالة الغبار على أحلام الاطفال وليفتح لهم المجال ليتحقق الحلم... ومن هنا انطلقت فكرة فضاء فينوس للفنون كأول فضاء ثقافي خاص في المدينة الاقرب للحدود الجزائرية... «ماجل بلعباس» من ولاية القصرين».
وعن البدايات اضاف محدثنا البداية تكاد تكون مستحيلة، من نقص في المعدات الى غياب الامكانيات فانتظار للدعم...»ان وجد»و لكننا كنّا اوفياء لأحلامنا ولإرادتنا ولمبادئنا... بمواصلة العمل على مزيد الاستقطاب للفضاء ومزيد التأطير للاطفال ومحاولة تفعيل فكرة اللامركزية الثقافية وتنويع الانشطة والنوادي ليشع فينوس على الارياف المجاورة والتجمعات السكنية والمدارس الريفية والحدودية.
واشار بلال علوي انهم يطمحون لان يكون مهرجان مسرح الشارع في دورته الثانية»ابتسامة لكل مواطن» نقلة نوعية وابتسامة صادقة نابعة من اعين اطفال والمدينة وخاصة ابناء الريف والتجمعات السكنية المجاورة مثل:بروكة وام الاقصاب والسخيرات وغيرهم...وفي الاثناء يكون العمل على تشريك رواد فينوس في اعمالنا المسرحية والموسيقية والفنية والتدريب على الخلق والابداع لإنتاج ثورة ثقافية وهي رهان لا مفر منه.

نزار السعيدي: فضاء «ثقافات» للفنون قفصة
نعمل مع محيطنا لجعل الثقافة من ضرورات الحياة

هو الاخر فضاء وليد لم يتجاوز العام ولكنه اصبح قبلة لزوار قفصة و قبلة لمبدعي الجهة، في حي شعبي اختار الفنان نزار السعيدي التمركز وبعث أول فضاء ثقافي صغير بالمدينة، افتتاح الفضاء كان مهرجانا، واصبح مقرا للتعريف بمثقفي قفصة وإبداعاتهم واحلامهم وامكانياتهم، في الفضاء مجموعة من نوادي المسرح والموسيقى وأشع الفضاء خارج اسواره وانطلق الى المدارس الريفية وآخرها في مدرسة العمايم بمدينة القطار.
وعن الفضاء وأهميته في المشهد الثقافي بالجهة صرح نزار السعيدي «تكمن أهمية الفضاءات الثقافية الخاصة التي تتأسس داخل ولايات الجمهورية في أنها تقترب من المواطن لتقدم له مادة ثقافية بديلة وكذلك لتشركه في ما يقدم فيها فالأولوية لعمل هذه الفضاءات هو محيطها وكيفية جعل الثقافة من الضرورات اليومية وممارسة رسمية دائمة ليست مناسبتية».
واكد السعيدي ان من أوكد أنشطة الفضاء تأطير الشباب والأطفال المحيطين به في شكل نوادي مختلفة حسب رغباتهم و هذه النقاط التي بني عليها مشروع فضاء فنون وثقافات بقفصة من حيث انتصاره بحي شعبي وضبط برنامج عمل خاص من شأنه أن يكون قريبا من السكان من خلال تنظيم ملتقيات ثقافية في مسرح الطفل والسينما... وتأسيس نوادي نشاط أسبوعي إضافة إلى بعث مكتبة للمطالعة
واضاف محدثنا ان دعم الدولة لهذه المشاريع الثقافية حاجة أساسية من حيث أن هذه المشاريع ليست ذات صبغة ربحية بل هي مقترحات ثقافية بديلة تكمل مجهود الوزارة وتشارك في استراتيجيات العمل.

خالد اللملومي: «الحوش» مدنين
عملنا هو حرب على المفاهيم الجاهزة للممارسة الثقافية

«حوش حوشكم، حوش الفن حوش كل المبدعين» هي جملة قالها خالد اللملومي في افتتاح فضاء حوش d’art ، عمر الحوش 25 يوما تقريبا ولكنه استطاع فرض نفسه بالحارة مدنين، ويوفر الحوش لرواده ورشات في المسرح والموسيقى والرسم والكتابة والرقص مع عروض الحكواتي وطيلة الاسبوع هناك انشطة ثقافية لكل الفئات العمرية.
وعن اسباب بعث فضاء ثقافي خاص قال اللملومي انه يحلم بممارسة يومية للفعل الثقافي مع تحطيم المفاهيم الجاهزة عن الممارسة الثقافية،وفي تصريحه تساءل اللملومي «ماهو الفعل الثقافي؟ و ماذا يتطلب؟ وماهي الاليات المتاحة والمنشودة ؟وما دور الفنان في محيطه؟ وفي ما ماذا يتمثل دور الدولة؟.
أسئلة طرحها محدثنا ليجيب عنها بمثال ينطلق من الفلاحة والارض ويقول « تخيل ان لك 24شجرة زيتون، ست منها الى جانب الوادي كلما هطل المطر ارتوت وكبرت وأثمرت اما البقية فيسقيها الفلاح مرة او اثنتين في العام ويصرف الكثير لسقي الزيتون البعيد عن الوادي و رغما يظل العطش يلازم الزيتون، ولكن ان قام بحفر بئر وسقى ارضه بذكاء ستشرب كل الزياتين وتثمر جميعها بتكاليف اقل، وهذا ما يجب ان تفهمه الدولة في الثقافة ايضا فاللامركزية ليست بكثرة المهرجانات والتظاهرات التي عادة ما تكون اغلب فقراتها قوالب جاهزة وسطحية ولا علاقة معنوية تربطها بالرقعة الجغرافية المنجزة عليها لتكون مجرد مادة استهلاكية عنوانها تظاهرة ثقافية، فما الحل اذن؟ الحل هو بعث فضاءات ثقافية خاصة ولا يجب ان يكون الفضاء ردة فعل على الموجود بل مشروع له برنامجه وطريقة عمل واضحة المعالم.والاهم ايجاد طريقة ليدعم نفسه ويطور من موارده دون التعويل على الدولة.
واكد خالد اللملومي المدير الفني لحوش الفن ان على اصحاب الفضاءات الثقافية ان يؤمنوا انهم سينتقلون من باب الاستهلاك الى انتاج الفعل الثقافي والاشتغال على خصوصية الجهة و التأسيس لتجربة خاصة بالجهة مع فتح مجال لابداعات متساكني تلك المدينة او القرية و»حتما سيؤسس هذا لثقافة وطنية لان المتقبل سيرى نفسه فيما يقدم» على حد تعبيره.
وعن سؤال «كيف يعيش الفضاء في ظل غياب الدعم» اجاب اللملومي حين يشعر المواطن ان الفضاء فضاءه، حين يبادر بجلب كرسي من منزله ليجلس عليه ويكون له كرسيه الخاص في الحوش، حين تشعره ان دونه لا يمكنك العمل حينها فقط يدافع الجمهور عن المشروع خاصة وان الاولياء مستعدون لدفع مئات الدنانير مقابل مصلحة صغارهم و شخصيا جاءني بعض الاولياء وتوجهوا لي بالقول «مستعدين نجيبوا صغارنا للحوش ومانهزوهمش للدروس الخصوصية».
وأكد اللملومي ان على الفضاءات الخاصة ان تنفتح على المحيط ولا تقتصر على العمل بين الحيطان المغلقة فهناك المدارس والمعاهد والجامعات ان وجدت بالإضافة الى الاحياء والمقاهي و تشريك المواطن في فكرة المساهمة في ميزانية المشروع.

عبد الحكيم سويد: فضاء «وطن» الثقافي
ببني خداش

«نحن جنود الوطن نحن الصف الاول... و«كوريتا آر» سيجوب كل أرياف بني خداش
في منطقة جبلية، قرية صغيرة جبلية هناك تمركز فضاء سماه صاحبه «وطن» لانه وطنهم الاصغر وطن احلامهم واحلام اطفالهم، وطن يبثونه لواجع نفوسهم ويحادثونه عن امالهم عن المسرح والفنون جميعها وفي فضاء وطن ببني خداش انجزت العديد من التظاهرات منذ ولادة الفضاء في فيفري 2016 الى الان ولازال للحلم بقية ومن التظاهرات ملتقى وطن لمسرح الطفل من 8الى 15جانفي الجاري.

عبد الحكيم صويد ابن بني خداش استاذ مسرح وأحد المشرفين على الوطن الصغير وفي تصريحه و السؤال عن اهمية الفضاءات الخاصة قال ان الغاية الاساسية من فضاء وطن بالذات هي الاحاطة بالشباب بطرق تخرج عن المألوف حيث يشاهد مسرحية أو يستمع الى الشعر او يشاهد فيلم فيصبح خبزه اليومي او شربه اليومي مع قهوة الصباح و كذلك هدفنا هو ترسيخ عادة قراءة الكتب .كما ان للناشئة نصيب وذلك من خلال عروض مسرحية و سينمائية موجهة لهم حتى يكون البنيان الثقافي من القاعدة .
وأضاف محدثنا ان فلسفتنا هذه السنة هي الخروج من فضاء وطن نحو الارياف و المناطق المحرومة من الجهة ونقصد محرومة خاصة من الفعل الثقافي اذ سنعمل على برنامج «كوريتا أر» التي ستجوب كل الارياف والمدارس الريفية لتقديم عروض تنشيطية ومسرحية و ورشات تكوينية للأطفال وعروض سينمائية للشباب ومناقشاها معهم حتى تترسّخ العادة الثقافية في كل شبر في المنطقة ولا نترك سبيلا الى اي فكرة متطرفة.

وحين سٌئل عبد الحكيم صويد عن دور الوزارة أجاب «الوزارة حاليا اكتفت فقط بالوعود و لكن هذا لن يمنعنا من العمل فلا بد ان نكون سباقين ولها ان تدعم ما نحن فيه او ان تبقى فقط تراقب و تهلل وترفع فقط الشعارات.أما نحن فأناس فاعلون نحن جنود نحن الصف الاول وهو اختيارنا».

كلهم حلموا أن تكون لمناطقهم فضاءات ثقافية خاصة تعبر عن خصوصية المنطقة وروحها حاولوا ان يصنعوا اوطانا صغيرة في قراهم اوطانا حبلى بالامل وعشق الفنون، يناضلون من أجل تكريس حقهم في الثقافة ومن العدم والفراغ يخلقون اجمل العروض هم جنود ثقافيون يدافعون عن هوية تونس بطريقتهم الخاصة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115