الآن أدْركتُ مقام الصمت...الآن أدْركتُ مقَامَ الرّقْصِ... (طَوَيْـتُني كَما سِـجلٍّ ومَـحوْتُ ذاكـِرتي مِن حَياتي)

• اشارة لُغوية:
«المخفَنْعِلُ»: كلمة منْحوتَةٌ منذ القِدَم من كَلمتي: خفّ ونعْل.


و«المــخْفَنْعل» هو من يكون قدْ لبس في واحدة من رجْليه خُفّا وفي الأخرى نعْلا .
(1)
في ليلةِ العَام الجديدِ رأيتُني في المنَام
كتبتُ رسائلَ مُطوّلة لأصْدِقائي الغَائبينَ
وصديقاتي الغَائِبات
لمْ أقُلْ لهم شيْئا مُفيدا .
لم أتمنّى لهُم ما يليقُ بمقام الأماني
ولم أقدّم لهم كُتبا كَما عَادَتي ولا وَرْدا ولا موسيقى
قد أكون تمنّيْت عليهم اُلْطيران صَوْبَ الجِبالِ
بأجْنحَةٍ من ريـحٍ .
(2)
رأيْتـُــني
اشتريتُ لي حِذاءً جَديدا
ومضيتُ صَوب الصّحْراء اُلْتونسية
بـِجراب خالية.
لم أتزوّد بالكُتب ولا تزوّدْتُ بالماء
همس في أذني اُلْيُسرى
الذي ينْتعِلُ مَعيَ حِذائي
قال لي :
قلبيَ لـمْ يعُد يحِنُّ
و لا يـَئِــنُّ
علّه غافَلني و طار بعيدا
عنّـــي...
دون أن أَدْري
(...)
لم أقُلْ له شَيْئا
هذا الذي هـَمَسَ في أُذُني
(....)
نزعتُ فردة حِذائي
واصلتُ المشي صوب» زهرة الشّرق»
وقد تسلّحْتُ بالصّمْتِ : حكمة الصّحْراء
أو هكذا تَوهّمْتُ.
لم أودع أميّ وكُتبي
لم أودّع قطَطي
ولا شُـجَيْرات الحديقة .
(...)
فجأة مَسَكْتني أقُول لي
كما الــمُغنّــي الحَزين
بيني وبينَ ثِيابي
(...)
«قلبي»
كلمة حُوشيّة
قد قتَلتها وحُوش اُلْعُزْلَةِ
كما توهّــم أهليَّ
لكنّها حيّةٌ هي في « لِسان العرب»
(...)
أين فردَة حِذائي الأُخرى ...؟
قال لي الذي ينتعِلُ مَعِـيَ حِذائي
قلتُ لي :
فَرْدة حذائي أضَاعَتْ أُخْـتـَها
كما أضَعْتُ أنا في صَحْراء تونس
بين خُطاي قلْبي.. وهو ما يَدْعو للفَرح
(3)
قلبي أوْدَعْته حـَجرا لينَام قليلاً
حتى لاَ تحدثّه ..
«روح حيوانية»
أو «نباتية»
أو «عاقلة»
عن «الوطن» و»الكرامة»...
لئلا يَتَفتّت أكثر بتفتّتِ
الحَجَرْ .
(4)
طويتُ مَعاجم السّاسَةِ
والسّادة الحكماءْ
آه. رأيتُ بُغَاثا يَسْتَنْسِرُ
في الصّحْراء التُونسيّة
(5)
رأيتني قدْ طَوَيْتُني كما السجلّ
ومَـحَوْتُ ذاكرتي من حَياتي
لم أعُد ذلك « الـمُخْفَنْعِل» العَاطفي
_أو هكذا قرأت في» كتاب التوّهُـم»_
آه كم أنا سَليم اُلْأعْضاء والخَطَراتِ
سعيدٌ بالسّنة الجديدة (2017 )
لأني أتقدّم ربـّـما أكْثر فأكثر
بـِحَفاء سَافِر اُلِــرّجْل والقَلْبِ
في صحارَى الصّحَارِي
الجديدة .
(6)
الآن أدْركتُ مَقام اُلْصّمْتِ
الآن أدْركتُ آه مَقَامَ الرّقْــصِ
أمّ دِمَاغـيَ سَكَنَتْـــها جِنيّةُ حَصْحَاصَةٍ
في اُلْـبَراري

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115