معرض «الدلفين» لعروسية الرقيقي: إن الفن ولد يوم قالت حواء لآدم : ما أطيب التفاحة ولـم تقل .. كل التفاحة»

الألوان و سحرها لا تحتاج إلى حرفية في التعامل معها. ...تحتاج فقط إلى خيال. وتلقائية وإحساس عال وعشق للطبيعة و الحياة. ، فقط عليك أن تمنح نفسك متعة سحرها.،لتكون انت الجميل. و وطنك الأجمل، وهل هناك اجمل من روح امرأة تونسية عاشقة للشعر والالوان

وهل هناك روح اكثر نقاء من روح امرأة تعشق كل الفنون تعاندها وتذوب معها فقط لتقدم لوحات مميزة ومختلفة، بلغة الالوان وبلغة الرموز والاشكال تحدث «دلفين» عروسية الرقيق الى جمهور دار الثقافة ابن رشيق بالعاصمة.
«الدلفين» معرض مميز لانه يقوم على تقنية «البريكولاج» ضم خمسين لوحة جميعها مسماة باسماء عائلة الفنانة من سارة الى منير فحمادي واسماء وعبد السلام ا لى مسعودة وايمان ووليد وعروسية ومريم وزهرة وهبة وفاطمة ولطفي وفؤاد وامولة و كوثر ومسعود وجليلة، اسماء تبدو غريبة على معرض فني ولكنها «رغبتي في الاختلاف وصنع الدهشة عند المتلقي، كل من أعجب بلوحة سميتها باسمه فلوحاتي كما عائلتي مقربة جدا» على حد تعبير الفنانة.


المرأة الان وهنا...جميلة ومتمردة
اللوحة مؤنث والرسامة انثى و الفرشاة انثى والتقنية مؤنث ومن الخمسين لوحة المسماة بأسماء العائلة هناك 35منها تحمل اسماء نسوة، فالمرأة اذن هي رمز لمعرض الدلفين، معرض للرسامة عروسية الرقيقي.
معرض يجسد مقولة ان الرسم فن يخرجه الفنان على لوحته، محنة شاقة ولكنها روح تأبى الاستسلام.

منذ اللوحة الاولى التي تعترضك وأنت داخل الى بهو دار الثقافة ابن رشيق يكون لقاءك مع المرأة اللوحة رقم 12 لوحة دون اسم، لوحة تقدم لك ايها الزائر صورا لوجوه مختلفة عن النساء، المرأة البيضاء البشرة والسمراء، حوراء العينين وجميلة الوجنتين، طويلة الرموش و “كحلة الاهذاب “ جميعها في لوحة واحدة ميزتها اللون الازرق الداكن الذي سيشد انتباهك حتما مع الوان اخرى منها الاحمر والاصفر والاخضر الموجودة في حلي النسوة جميعها وظفتها الفنانة لتقف طويلا و انت تبحث عن العلاقة بين الاسم و اللون و مكونات اللوحة.
هي الام هي الوطن هي فينوس الهة الجمال هي اثينا الهة الحب هي المرأة الولادة، ارفع راسك قليلا دع اللوحة الاولى ولك ان تتأمل التي فوقها لوحة سمّتها سعيدة ، لوحة لامرأة جسدها شبه عار تضع وشاحا أحمر حول خصرها، داخلها اشكال لأجنة مختلفة كما الوطن تماما ارض واحدة تنجب ابناء مختلفي اللون والفكر والتوجه، كما تونس ولادة فاللوحة ايضا ولادة بالوان مختلفة واشكال متباينة تطلب منك ان تتأملها مرة واثنتان لمزيد قراءتها.

لوحة «سعيدة» وكأنها تجسيد لمقولة بوريس باسترانك الروائي الروسي « الفنان يحتفي دوماً بالجمال ، والجمال يجب أن يأخذ دوماً شكلاً ما “ وفي معرض “الدلفين” اخذ الجمال شكل المرأة وقلبها.

حلقي عاليا في سماء الحلم، اطلقي ارادة الحياة عانقي السماء ارقصي على صوت زخات المطر وراقصي هدير الموج، توشحي بالازرق السماوي الرقيق وتغنجي كضحكة طفلة صغيرة تراقص الحياة هكذا يمكن قراءة اللوحة ر قم 36 المسماة باسم عصام، لوحة ميزتها المطر والبحر وبينهما فتاة ترقص وكانها تنادي الامل ان انهض وارقص فمن لم يرقص لم ينتظره الجمال.

غموض فبحث ثم متعة
الدلفين اسم معرض عروسية الرقيقي اسم يبدو غريبا « بالفعل مختلف لاني ابحث عن الدهشة، واسميته الدلفين لاني عروس البحر» هكذا تحدثت الفنانة حين سّئلت عن سبب اختيار الدلفين اسما لمعرضها.
في معرض «الدلفين» هناك الكثير من الغموض، لوحات عديدة وجب عليك الوقوف امامها طويلا ثم اتمام الجولة والعودة للبحث عن خصوصياتها ومحاولة فهمها من جديد، فلكل لوحة قراءات مختلفة لان «كثرة الايضاح تفسد روعة الفن» كما قال فيكتور هيجو.
في اللوحة تبدو امرأة جالسة القرفصاء، والكثير من الاشكال حولها لأيادي سوداء اللون ورجل اكثر علوا مشيرا ان «اصمتي» لوحة لها قراءات مختلفة، ربما هي محاولة لاسكات المرأة واخماد صوتها ومحاولة قمعها، او هي تجسيد لوجيعة داخلية ، لوحة عبرت عنها الفنانة بكلمات للشاهر هشام اللملومي بالدارجة «يخبي على الناس الكل، حتى لروحو ما يحكيش، وروحو المنثورة على لوحة، وتبكي اللوحة وماتحكيش، والي يحس بحر الدمعة، يولي وردة تحب تعيش» لوحة تدفعك للبحث والتساؤل والتاويل وتلك وظيفة الفنان فوظيفة الفنان ليس أن يرسم ما يراه ولكن أن يعبر عن الدهشة التي يسببها ما يراه وينجح في التعبير عنها بقوة كما يقول الفنان الفرنسي ما تيس.

وجوه صامتة وأخرى صارخة، عيون مغمضة وأخرى مفتوحة للحياة وللحرية ، اياد مكبلة واخرى حطمت القيود وانطلقت، نساء مثقلات بالوجيعة واخريات حملن ثقل رزحهن وقمن يعاندن شوق الحياة وتجاوزن القيود، جميعها تحضر في لوحات عروسية الرقيقي، الفنانة المختلفة في اسماء لوحاتها وطريقة التقديم، فنانة استعملت تقنية البريكولاج المرهقة جدا وغامرت لتقدم معرضا من خمسين لوحة لكل خصوصيتها ولكل طريقتها الخاصة في التلصيق و قص المجلات فكل اللوحات مصنوعة من اوراق المجلات وكان بالفنانة تقول “لقد اخترعنا الفن كي لا تقتلنا الحقيقة”.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115