«زينب تكره الثلج» فيلم وثائقي مدته 70 دقيقة، دامت مدة تصويره ستة اعوام تابعت فيها المخرجة كوثر بن هنية طفلة التسع سنوات زينب الخليفي منذ وفاة و الدها الى حين زواج والدتها وانتقالهم الى كندا ، ستة اعوام كبرت فيها زينب تغيرت طريقة تفكيرها جميعها انفعالات نقلتها كاميرا المخرجة.
الطفولة وقرارات الكبار؟
زينب تكره الثلج، فيلم حميمي حد الرواية، وواقعي حد الوثائقي، فيلم راوح بين الرواية والواقع ، ابطاله حقيقيون، رافقتهم الكاميرا مدة ست سنوات بأكملها ورافقتهم في اكثر من فضاء، ابطال الفيلم هم زينب خليفي ووالدتها وداد خليفي وشقيقها هيثم خليفي و زوج امها هيثم حمدي وابنته وجدان حمدي.
في زينب تكره الثلج، الطفلة زينب الخليفي هي بطلة الفيلم طفلة في التاسعة من عمرها، متعلقة بوالدها الذي توفي في حادث سير وبقيت لوحدها مع والدتها وشقيقها الاصغر هيثم، في الفيلم تبدو زينب طفلة صعبة المراس، عنيدة تحب والدتها وتخاف ان تفكر امها في الزواج في الفيلم تقول «الرجل الذي تحادثه ماما لا احبه لأنها سرقها مني» هكذا تتكلم طفلة التسعة اعوام بحنكة الكبار.
في الفيلم تبدو الطفلة زينب البطلة الاساسية تكره ان تتزوج والدتها من رجل غير والدها، زينب تحاول بتفكير الاطفال ابعاد هيثم عن والدتها و تحدث والدها دائما ذاك الذي تشبهه في كل شيء.
زينب فتاة عنيدة، ذكية، مشاكسة ومضحكة في الكثير من الاحيان، طريقة كلامها واندفاعها في الدفاع عن نفسها بدت مضحكة للجمهور فكلما اغضبها احدهم إلاّ و«خرّجت التونسي إللّي فيها» كما قال الجمهور ، زينب ذكية جدا تبهرك بكلامها وطريقة تفكيرها حين كانت في التاسعة من العمر.
في المقابل هناك فتاة اكثر ذكاء واقل عنادا، هادئة جميلة طريقة تفكيرها جد مختلفة عن زينب هي وجدان حمدي، زينب ووجدان ربما يجمعهما انتماء العائلتين الى مدينة سيدي بوزيد لا غير ثم زواج والد وجدان بوالدة زينب.
كاميرا كوثر بن هنية تركت الحوار بين وجدان وزينب حرا، نقلت الكاميرا وجهات النظر المختلفة بينهما وطريقة التفكير المتباينة وطريقة التعبير عن المشاعر ايضا ربما للبيئة تأثيرها ايضا فزينب بعد ستة اعوام ستصبح هي الاخرى ناضجة وهادئة كأختها وجدان.
الجميل في الفيلم انه نقل مشاعر الاطفال وانفعالاتهم وطرق تفكيرهم دون تزيين، كانت المخرجة تلقائية في التعامل مع البنتين وكانت زينب ووجدان أكثر تلقائية أمام الكاميرا فقد تحدثتا في كل المواضيع حسب العمر.
ففي التاسعة تحدثن عن الألعاب وفي العاشرة تحدثن عن الاعجاب بالشباب وقواعد الاغراء، اما في الخامسة عشرة فلهن اسرارهن وطريقة مختلفة في التعبير ، ونقلت الكاميرا ايضا كيف تؤثر قرارات الكبار على الاطفال فأم زينب لم تنتظر موافقة صغارها لتتزوج ولم تنتظر موافقتهم لتاخذهم الى «البلاد البعيدة جدا» كندا ولما كبرا قليلا لم تنتظر رأيهم لتنفصل عن هيثم وتبعد زينب عن وجدان، وكأن بالكاميرا تريد ان تنقل للمتفرج اثار قرارات الكبار على الاطفال.
الطفل والدين والله
هل يعرف الاطفال معنى الدين؟ كيف يعرفون الدين؟ هل للصغار القدرة على النقاش في مواضيع تخص الدين؟ وكيف للوالدين التاثير على ابنائهم؟ جميعها اسئلة طرحت في الفيلم واجاب عنها الاطفال.
اول المشاهد حين سمعت وجدان الاذان للمرة الاولى، حينها سالت والدها عن النبي محمد واخبرته أن والدتها اخبرتها أن «الاهنا، والاهك مختلفان»، ربما الطفلة تقصد الانبياء ولكن هيثم وبطريقة ذكية مناقش طفلته عن عيسى ومحمد واقنعها ان الله واحد.
غير بعيد عن وجدان، زينب لم تتحدث عن الدين مطلقا قبل سفرها الى كندا فقط مرة وحيدة حين طلب هيثم من وداد نزع الحجاب حينها اجابته الطفلة «انا نحبها بالحجاب لانها مسلمة».
وبمجرد ان سافرت زينب الى كندا نجدها تتحادث مع وجدان عن احد المعجبين فتخبرها انه لا يجوز ان ترافقه لانها مسلمة والاسلام يحرم تلك العلاقة، يتواصل النقاش بين الطفلتين فتسال وجدان عن كيفية زواجها ان لم ترافق الشاب؟، وبين الكلمات يشاهد المتفرج مدى هدوء وجدان وبساطتها في علاقتها بالدين بينما زينب متشددة «اكره كندا، لا اريد العيش هنا لأنكم كفار ونحن مسلمون، وكلكم ستدخلون النار» هكذا تحادث الطفلة صديقتها، طفلة العشرة اعوام تتحدث عن الجنة والجحيم؟، تحلل وتحرم؟ وكان بالمخرجة تنقل للمشاهد مجموعة من التراكمات التي يعيشها الطفل في بيئته في تونس تجعل منه متزمتا ومتشددا فيما يخص موضوع الدين، في المقابل وجدان «لست مسلمة ولا مسيحية اريد فقط ان اكون كندية».
في الفيلم ايضا يعر ف المشاهد تراجع زينب عن تشددها بعد قضاء ست سنوات في كندا فمبجرد ان شاهدت بعض مقاطع الفيلم وشاهدت ذاك المقطع الذي تتحدث فيه عن الله وتتهم صديقتها بالكفر اجابت طفلة الخمسة عشر ر بيعا «انا قداش كنت شادة كان في الله وتونس» وتلحق كلامها بضحكة ساخرة.
كاميرا كوثر بن هنية نقلت حوار الطفلتين عن الدين وكأنها تقول إنه ليس صحيحا ما يقال عن ان الاطفال لا يفقهون في الحديث عن الدين وليس بصحيح ان الاطفال لا يتناقشون حول الله والرسل فلتعلموا اطفالكم منذ النعومة السماحة والسلم فربما وزينب وجدت محيطا اجتماعيا غير فكرتها وجعلها تتراجع عن تكفير الاخرين، فماذا لو بقيت في محيط اكثر انغلاقا؟، علموا صغاركم كيف يقبلون الاخر فوحده الله يحلل ويحرم كما علّقت احدى المتفرجات.
«زينب تكره الثلج»، فيلم عن الطفولة والعائلة وعلاقة الاطفال بالعائلة والكبار، وطريقة تفكير الصغار واختلافها حسب المنظومة والبيئة الاجتماعية جميعها محاور نقلتها كاميرا كوثر بن هنية في فيلم صبرت معه لستة اعوام قبل خروجه الى العموم وفوزه بتانيت ذهبي في ايام قرطاج السينمائية، جائزة اعادت للوثائقي القه كما قالت كوثر بن هنية.
مروان الفيدالي صاحب قاعة السينما «سيني ستار»
هو حلم أردنا تجسيده
عن مشروع القاعة الخاصة للسينما في منزل تميم صرح صاحبها مروان الفيدالي ان «سيني ستار منزل تميم هي فكرة وحلم راودني منذ سنوات، حاولت تجسيده وسهلت وزارة الشؤون الثقافية المأمورية في اطار مشروع بعث قاعات عروض خاصة، حاولنا تجسيد تطلعات شباب مدينة منزل تميم ومحبي السينما بالجهة».
واضاف محدثنا ان السينما ليست بجديدة بل موروث عائلي فني فالمرحوم المولدي العمامي كان صاحب قاعة سينما منذ 1964 وبقيت تعمل قرابة الخمسين عاما واغلقت لاسباب اقتصادية امام تراجع النشاط السينمائي، لكن مع بداية عودة الروح للسينما راودتني فكرة اعادة بعث روح السينما الى منزل تميم عبر بعث مشروع خاص هو قاعة عرض تتسع لـ 100 كرسي وبها أحدث تقنيات العرض وسنواصل صوت ابناء الجهة ونكون صورة للفن السابع في منزل تميبم وما اقبال اليوم إلا دليلا على تمسك ابناء منزل تميم بالسينما ، ونحاول تجسيد القليل من حلمنا الكبير الذي سيكبر باحلام ابناء الجهة وتطلعاتهم.
واشار محدثنا ان المشروع لن يقتصر على قاعة السينما بل سيكون أكبر مجسم لأحلام شباب منزل تميم، فمنذ الافتتاح عملوا بشباك تذاكر مغلق و سيواصلون النضال و العمل على تحقيق لامركزية الثقافة و ضمان الفن والابداع لكل الحالمين في منزل تميم .