/ محفزات إدارة الصراع ديمقراطيا في ليبيا/ ملحق/ وفي كل جزء مجموعة من الفصول ينضاف إلى كل ذلك مقدمة وخاتمة وقائمة في المراجع المعتمدة.
عن هذا الكتاب ذكر مؤلفه ماجد البرهومي أنه مجرد محاولة لفهم معوقات الفشل الذريع في ليبيا لبناء نظام ديمقراطي بعد الإطاحة بنظام معمر القذافي مع رغبته الواضحة والجلية في أن يكون منطلقا لنقاش جدي حول مستقبل الديمقراطية في ليبيا خصوصا أن قناعة راسخة لدى عدد كبير من المراقبين في تونس وخارجها بأنه لا معنى لأي نجاح في عملية الانتقال الديمقراطي التي تسير فيها تونس بخطوات متعثرة لحد الآن ما دام الجار الليبي يرزح في الفوضى ولم تجد بوصلته بعد الوجهة المثالية لسفينة عمليته السياسية التي تتقاذفها الأمواج والرياح العاتية مهددة بإغراقها بما حملت.
ويعود استفحال الأزمة في ليبيا إلى أن المجتمع هناك مجتمع قبلي تطغى عليه البداوة حيث لا يزال حضور القبيلة التي تم استغلالها خلال العهد السابق لثورة 20 فبراير في التعبئة والرقابة السياسيتين حضورا بارزا ذلك أن البدوي عامة لا تعني له الدولة شيئا ذا بال ولا حتى قوانينها ومؤسساتها.
وفي هذا الإطار يذكر الدكتور المنصف وناس أن الشخصية البدوية تتميز بعدم الميل لبذل الجهد وضعف الحماس للإنتاج والكد مع التنصل من الالتزامات في العمل وهي شخصية غير منضبطة في سلوكها اليومي ولا تحرص على حسن توظيف التجارب وتثمين الخبرات فكل جديد يلغي القديم.
وينضاف إلى كل ذلك فوضى انتشار السلاح وغياب الرغبة في المصالحة ورفض أطراف سياسية ليبية لتكريس الديمقراطية في ظل طبقة سياسية غير ناضجة.
وهكذا فإن التحديات التي تواجه التحول الديمقراطي في ليبيا عديدة وتبعث على الحيرة والخوف على مستقبل هذا البلد العربي الغني بالثروات الطبيعية وهو ما يجعله محل أطماع الدول الكبرى ما لم يقع تذليل العقبات ودحر خطر الجماعات الإرهابية.
إن ما تعيشه ليبيا اليوم من فرقة سياسية واجتماعية وقبلية ومن اقتتال وتناحر وانقسامات ومطالبات بالفيدرالية وغيرها يجعل إدارة الصراع ديمقراطيا بين الفرقاء عملية معرضة لعديد المصاعب والعراقيل ويجمع جل الخبراء على أن تكريس الديمقراطية في ليبيا يبدو الحل الأمثل للقطع مع الفوضى التي يعرفها هذا البلد منذ أربع سنوات وتقتضي هذه الديمقراطية المفترضة مؤسسات قوية يرسخها دستور ديمقراطي وأحزاب سياسية قوية وحقيقية تؤمن بالديمقراطية والتداول القيادي في مؤتمراتها بالإضافة إلى ضرورة تكريس الحريات العامة والخاصة وحقوق الإنسان وبعث منظمات للمجتمع المدني تضطلع بدورها في ترسيخ قيم المواطنة والديمقراطية التي تستوجب بداية مزيد العناية بالطفل والمرأة وفيها تترسّخ الثقافة الديمقراطية لتنتشر عقب ذلك في المحيط الاجتماعي.
الحقيقة أن الكتاب مهم للغاية ويكشف عن تفاصيل كثيرة وهو محرر بأسلوب سلس وواضح يعكس دربة صاحبه وتألقه في تحرير المقالات السياسية والتحاليل العميقة ومن يتورط في قراءته يجره إلى أن يكمل قراءته حتى الصفحة الأخيرة خصوصا أنه يؤكد على أن بلادنا معنية أكثر من غيرها بضرورة استقرار ليبيا وإرساء مناخ سياسي ديمقراطي فيها لأن التحول الإيجابي في ليبيا من شأنه أن ينعكس إيجابيا على بلادنا.