روبورتاج : بيوت الابداع حوش D’art...هنا دقّوا طبول الحرب على التهميش وانتصروا

هنا الحياة، هنا نفخت الام «جايا» ربة الكون بعضا من روحها فولد امل وكأنه صوت لـ«ايروس» اله الحب الذي صدح باسم الحب والجمال عاليا فاستجابت الربة الاولى «كاوس» لندائه وتغنت بترنيمتها الازلية تلك فازاحت بصوتها الرقيق وإلياذتها الحنون «ايربيوس» الاه الظلام الذي تراج

ع وترك مكانه لـ«ايثر» روح الكون فتغنت هي الاخرى بالعزيمة و نادت «اريس» إله الانتقام وانتقم من التصحر و الجفاء وبلمسته السحرية نادى «اورانوس» إله السماء الذي نظر من علياء سمائه و بألوان قو س قزح بعث «الحوش» الى الحياة.
فالحوش هو ترنيمة الحياة، هو امل سكن خالد اللملومي وضو عوني فتخمر لسنتين ثم ولد، هو غبة في الحياة تحدت ظلام «ايروبيوس» رغبة في الولادة الثقافية تجسدت في الحوش الثقافي المولود الثقافي الاول الخاص في الحارة مدنين.

الحوش...كان فضاء للركام والقمامة وأصبح..فضاء للحلم والابداع
المشروع الحلم الذي تحقق منذ يومين في قلب الحارة يقع الحوش تحول الى فضاء ثقافي آمن اصحابه ان يكون العمل ثقافيا بالأساس ، الحوش استقبل ضيوفه و كانوا شهودا على لحظة تغيير فارقة، للحوش سحره، للحوش اسرار كلما عرفت احدها الا وطلبت المزيد.
نهج الصعيد، باب ازرق سماوي جميل، هو باب الحوش، درجتان امام الباب وكانها وحدة السلام والحب، خطوة، اثنتان، ثلاثة لتجدك داخل ممر اخر مغطّى، الى اليسار قليلا لك ايها الزائر ان تفتح عينيك الآن وتملؤهما بجمال المكان، فهنا وسط هذا المكان الجميل الذي تراه كانت اكداس القمامة وركام من التراب، لك ان تغمض عينيك من جديد وتشاهد الاشغال او انتظر ستشاهد كيف كان الحوش قي القاعة الثانية فكل الاشغال موثقة.

تمتع جيدا بذلك المنمنمات التي زينت الحيطان بأنامل الفنان ضو الشهيبي، رسومات بسيطة تعبر عن المكان واصحابه منهم واليهم، الوان الحوش وتحديدا الفناء الذي سيكون فضاء للتلاقي في مقهى الحوش الثقافي زين بالطلاء لونه يقترب الى لون التراب، تراب الحارة الحي الثائر و المناضل ابدا كما يسميه سكانه.

مهلك ايها الزائر تأمل جيدا تلك الطاولات والكراسي اتعجبك زينتها واشكالها هي الاخرى من صنع ابناء الحوش، براميل قديمة ملقاة ومفروشات ربما ان وجدتها على حالها سترميها وبعض الخشب جميعها جمعت ليصنعوا الشيء من العدم، الكلّ هنا عمل مهندسا وحدادا ونجارا وفنانا الجميع مارس كل المهن ليبدو الحوش اجمل و»يضوي باولادو وبناتو».

«الحوش» منزل بربري، عمره 300عام يقع في حي الحارة بمدنين، حي شعبي تغيب عنه الممارسات الثقافية، الحوش عمره قديم جدا وكان شاهدا عام 1930 على عرض لمسرحية «هاملت» في الححوش، ثم اغلق وتفرق سكانه، وبعد سنين اراد خالد اللملومي وصديقه ضو العوني أن يكون لمدنين فضاؤها الخاص واختاروا «الحوش» لرمزيته التاريخية والحضارية ولأن أبناء ذالك الحي يحتاجون للفعل الثقافي اليومي، حلموا، وتحقق حلمه بعد سنتين من الأخذ والرد، حين دخلوا الحوش قبل شهران كان مجرد حيطان قديمة لكل حجارة فيه حكايات ولكنه غير جميل يتطلب الكثير من الترتيب، فاتحدوا جميعهم ابناء جمعية عشاق الركح واصلحوا «الحوش» زينوه ونفثوا فيه بعضا من جمال ارواحهم وقلوبهم المتقدة حياة ليكون الحوش اجمل فهنا في الحوش تشعر ان الارض غير الارض والسماء غير السماء، هنا ترحل بك الى زمان غير الزمان

داخل الحوش...اتحدت الفنون جميعها
«الحوش» الثقافي، حوش للمبدعين ولكل الحالمين، افتتح لا أبوابه بمنمنمات للعموم يوم الأحد 18ديسمبر واستقبل ضيوفه بالموسيقى والرسم، تأمّلت ايها الزائر الفناء الخارجي، استمتعت بمنمنمات ضو الشهيبي، تحضّر الى زيارة الغرف فلكل منها سحرها وسرها.
الى يمينك ايها الزائر «دار عامة» او الادارة العامة، هي فضاء للاجتماع و لحل المسائل الادارية وهي ايضا فضاء مفتوح لكل الجمعيات في جهة مدنين الذين لا مكان لهم للاجتماع في «دار عامة» يوفر لك الحوش الخدمات الادارية.
الى جانبها غرفة صغيرة، بابها ازرق هي الاخرى افتح الباب لا تهب، ستجد انها مطلية بالاسود، في الداخل ستشعر أنك في قاعة للعرض، هي «دار سني» او دار السينما، «سميناها سني» اختصارا لكلمة السينما فان قلت لهم هنا دار السينما بتضخيم السين حينها سيجيبونك و لم السينما ويمكن مشاهدة الافلام من خلال الانترنات» كما قال ضو العوني في تقديم الدار، القاعة مخصصة للسينما والعروض قاعة ضيقة نعم ولكنها كبيرة بامال المشرفين، ومنذ الافتتاح بثت لجمهورها فلما وثائقيا عن تطور الحوش كيف كان وكيف اصبح.
داخل «دارciné» غرفة اخرى اصغر حجما ولكنها سينما داخل السينما، كما ان القاعة ستكون متعددة الاختصاصات أيضا.

اترك القاعة بألوانها السوداء، واصل الجولة، «واحد» «اثنتين» «ثلاثة» هو عدد الدرجات المؤدية الى الغرفة هي «دارd’art»، دار الفن تزينت بالوان جميلة، في الركن شموع تضيء المكان، وقلال وضعت متكئة تنتظر عطشى الثقافة ليرووا ظمأهم تبدو القاعة مظلمة لأنها مغلقة، «دار dart» هي دار كل الفنون، في الاول رواق طويل سيكون للمعارض التشكيلية، باب صغير نصف دائري، الى يمينك قاعة العرض المسرحي تتسع لـ15متفرجا ومنذ اليوم الاول شاهدوا عرض «هافضيلة» وبنت الحوش، ميزة القاعة دفة عالية تبدو كركح صغير هي في الحقيقة بقايا معصرة ففي تلك الغرفة كانت اول معصرة في مدنين «ومحافظة على الذاكرة التقليدية للجهة حافظنا على بقايا المعصرة» على حد تعبير ضو العوني.

قبالتك بابان مغلقان، ستتساءل حتما ما خلفهما؟ الاول «دار نساج» قد تسمعها نشازا باللهجة المدنينية ولكنها «النساج» غرفة ستخصص للنسيج وللازياء ومن سيشرفون على تصميمات ملابس العروض التي ستنجز داخل الحوش .

اما الاخرى فغرفة قد تكون مميزة للشباب المغرم بالواب هي أيضا حلم جميل سيفتح أبوابه ويولد في القريب «دار ماكين أو التخزين» دار ستخصص لافتتاح استوديو تسجيل لابناء مدنين الموهوبين والمغرمين بالموسيقى ليسجلوا انتاجاتهم كما ستكون فضاء لراديو (واب) بالحوش.

هنا داخل هذه البيوت غريبة التسميات جميلة الشكل والمعنى ستحلق ايها زائرا في رحاب الفنون ستعشق كل انواع الابداع سترتجل بعض النوتات والنغمات وستنتشي بخمرة الحب والاختلاف، هنا حفروا في ظلام التصحر ليكون للحارة فضاؤها الخاص عاملين بالمثل القائل «مجبرين احيانا ان ندوس على عقليات مؤلمة لنصل».

عندك سرّ؟؟»فرغوا في دار السر!!
“اعتزمْ وكدَّ فإِن مضيتَ فلا تقفْ.. واصبرْ وثابرْ فالنجاحُ محققُ”، وما الحوش إلا انتصار لأناس امنوا بالفن وشحذوا عزائمهم وكانوا يدا واحدة وقلبا اوحد ينبض باسم الفن والإيداع هنا التاريخ وسنوات العمر المنسية نفضوا عنها الغبار لتبرز الى العيان فارسة شامخة.
الجولة داخل الحوش لاتزال متواصلة وعلبة الاسرار هي الاخرى مازالت تخبئ بعض الحكايا في “دارd’art» وعلى يسارك ايها الزائر وتحديا الى جوار بقايا المعصرة باب آخر اغمض عينك، حاذر السقوط وغني او قل اي كلمة حينها ستسمع صدى جد أنيق، لصوتك صدى طبيعي تعجز آلات الموسيقى والتجهيزات الحديثة على الاتيان بمثله وكانه قولة درويش:

وهذا الصدى
صدى،, بارحاً سانحاً، سوف أخرج من حائطي
كما يخرج الشبح الحر من نفسه سيدا
لك ان تفتح عينيك، ستجدك في فضاء دائري الشكل، مفتوحا على السماء، ارضه ترابية، بقايا الاسمنت مازالت ظاهرة للعيان، وأثار الترميم ايضا، هنا “داردورة” سميت كذلك لشكلها الدائري، هي ايضا “بيت السر” فالحوش عقد اتفاقية مع اخصائية في علم الاجتماع ستكون مع ابناء الحوش وضيوفه في بيت السر سيجرب الشباب الغناء، الفضفضة، الارتجال جميعها ستحفظ كما الاسرار.

الكبار ذاكرة حية ستوثقها دار «الهني»
«حكمتنا في كبارنا» هكذا يقول دليل الزوار، غرفة جميلة، الوانها زاهية، زين سقفها بالحولي المدنيني، وفرشت بالمرقوم والحرام وبعض المفروشات التقليدية، يتوسطها ضوء خافت يشجع على البقاء طويلا داخلها، الغرفة تبدو وكانها مقسومة الى جزئين.
يمين الداخل مجلس مربع الشكل كما مجالس الحكماء والى اليسار مجلس اعلى بقليل كما مجلس «المؤدب»هي «دار الهني» كما سموها، دار ستكون شاهدة على الذاكرة الحية لولاية مدنين، اذ ستكون فضاء لـ1001حكاية، وحين سألنا المسرحي ضو العوني عن سر

الـ1001 حكاية قال انهم عقدوا اتفاقية مع وزارة المرأة والمسنين ليكون لكبار السن حظهم في الحوش، فدار الهني ستكون فضاء لاستقبال كبار مدنين، سيحكون للصغار قبالتهم عن تاريخ الجهة وهناك الة تسجيل ستوثق كل الحكايات حتى تكون شاهدة عن مدنبن، تاريخها، حكاياتها ورموزها، وبعد ال 1001حكاية سيتم وضعها في CD، وقد تصبح الحكايات مصوّرة في فيديو ان وافق الشيخ على ذلك، دار الهني ايضا فضاء للقاء بين المبدعين وتبادل الخبرات والأفكار والأجيال واسمها ايضا الـ 4G أي غرفة الاجيال الاربعة.
هذه غرف الحوش وجزئياته، حوش الفن الفضاء الثقافي الخاص الذي بعث من رحم افكار تواقة للابداع، الحوش عنوان للفعل الثقافي اللامركزي وصوت لابناء الجهة ونداءاتهم للابداع للفن للحياة.

الحوش لم يقتصر على عروض الافتتاح وانطلاقا من شهر جانفي2017ستنطلق الورشات والدورات التكوينية والتظاهرات في جميع الفنون، الحوش صوت مبدعين يعملون بمقولة «تريد أن تكون مبدعاً في هذه الحياة أول خطوة.. احتك بالناجحين واستمع لأفكارهم وحاورهم.. هذه أول خطوة للنجاح».

للحوش بابان، اول للادارة وثان للفضاء، وانت تغادر الحوش ستشعر بجاذبية خاصة تدفعك لمزيد البقاء في فضاء يخبرك وانت تغادر انه سيفتح ابوابه لكل رياح العالم ولكنها لن تقتلعه من ارضه لأنه آمن بحب الوطن منذ النعومة..

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115