افتتاح «حوش الفنون» في الحارة مدنين «الفكرة بجوانحها...ماتشدهاش» ...

رتبوا أحلامكم بطريقة أخرى وناموا واقفين، هكذا قال درويش، وهنا في «الحوش» رتبوا احلامهم جيدا واعادوا تصفيفها لتظل نابعة ابدا بحب الحياة والتمسك بالارض، هنا في الحارة هذه المنطقة المعروفة بنضالها رتب خالد اللملومي وضو العوني

وكل ابناء جمعية «عشاق الركح» احلامهم واعادوا صياغتها ليقولوا للكل انهم باقون هنا أبدا مدنين ليست مدينة للارهاب او الموت والتصحر مدنين مدينة شباب عاشق للفنون، شباب يؤمن ان الفكرة أشد من القتل، شباب واثق في الفن ومتيقّن من أن القيد وأن استعصى فالفكرة ستحطمه لا محالة.

هنا في الحارة ، هنا تشكلت احلام الصادقين الثائرين لأجل ان تكون مدنين مدينة للفنون، هنا شباب امن بضرورة مواصلة أحلام السابقين وتجمعوا.. يد واحدة وقلب اوحد وجسدوا حلمهم في «حوش الفن « الذي افتتح للعموم صبيحة الاحد 18ديسمبر وقدم ولازال يقدم طيلة الثلاثة أيام مجموعة من التظاهرات لابناء الحارة ومدينة مدنين، ولدت الفكرة كبيرة وافتتح «الحوش» أبوابه منذ يومه الاول بالابداع.

«حوش الفن (d art حوش)» يديره ومجموعة من المختصين والاكادميين والمهنيين في المجال الثقافي و الفني والاجتماعي كالفنان أنور الشعافي والدكتور زهير بن تردايت والدكتورة أمال القمودي والأستاذة أمل الهازل والأستاذ محمد الباشا والأستاذ خالد لملومي والفنان ضو العوني.

هي حياتنا ان نكون كما نريد...
هنا مدنين، طريق قابس، مكتب البريد بالمدينة الى اليسار لافتة حي الزهور، فمقر الاتحاد العام التونسي للشغل، مباشرة الى الامام، فنهج الصعيد الى اليسار روضة «الامراء» بضعة خطوات، يوجد الحوش، في الحارة، حوش بربري عمره300 عام، نهض من سباته وركام التراب وفتح ابوابه لعشاق الفن، فتح ابوابه وانتفض من رماده كما طائر الفينيق، ذاك الطائر الذي يتكوم على نفسه وينعق نعقته الاخيرة ثم تشرق الشمس فيحترق بالكامل ومن رماده تخرج يرقة صغيرة تتظلل قليلا ليعود طائر الفينيق من جديبد كذلك الحوش الوانه تقترب من لون التراب في الجنوب، الحوش الذي كان ركاما ومقرا للنفايات، «حوش» قديم جدا ربما هو شاهد على الكثير من الاحداث التي عاشتها مدنين، كتم صوته لسنوات واختار «الحوش» الانكفاء على ذاته ولكن ارادة الحياة التي تسكن شباب جمعية «عشاق الركح» اخرجته من صمته اخرجت غرفه من سباتها ونفثوا فيه من ارواحهم نارا قدسية كما نقل بروميثيوس سر النار الى البشر.

زغاريد تعم المكان، في الحوش اينما وليت وجهك وجدت ابتسامة وصادقة مرسومة على محيا الزوار وابناء الحوش، في الحوش وخلال الايام الثلاثة اتحدت كل الفنون جميعها تجمعت لتقدم عرسا ثقافيا حضره مجموعة من المثقفين ومن بينهم نبراس شمام ورضا بوقديدة وعبد المنعم شويات و انور الشعافي و سيف الدين الفرشيشي و حمدي المجدوب.
ومندوبي الثقافة والشباب بمدنين والمعتمد الاول بمدنين ورئيس بلدية مدنين ومجموعة من المسؤولين الذين تنقلوا الى الحوش وشاركوا ابناء الحوش وفنانيه فرحتهم بهذا الانتصار «انتصار على العقلية الادارية المحبطة لكل فكرة «متقدة» على حد تعبير المسرحي ضو العوني
داخل «الحوش» اتحدت عوالم الفرجة، بهو طويل تزينه نمنمات ضو الشهيبي و لمسات المهندس عتيل، داخل الحوش وزعت الغرف للفنون داخله ستجدك مجبرا على السؤال اكثر من مرة فكلما عرفت سرا الا وسكنتك الرغبة لمعرفة سرّ اخر .
داخل الحوش رحب خالد اللملومي بضيوفه بالقول نريد ان نكون كما نحن..نريد ان نكون نحن بأحلامنا وافكارنا، نريد ان نكون نحن شباب مؤمن بأهمية الفعل الثقافي ندافع عن مدينتنا ونريد ان تكون قرانا ومددنا أوطانا يطيب فيها العيش ويحلو فيها الابداع».
في الحوش وبعد ان تشاركوا البرد و «تعشوا الصقيع» حضرت كل عوالم الجمال والفن كأداة للمقاومة والتمسك بالرفاقية و بأمل ان تشرق شمس الغد أجمل شعارهم بعض من قصيد ادم فتحي
إِنْ سَهِرَتْ أمْطَارٌ مَعَنَا
أو غَطَّى البَرْدُ شَوارِعَنَا
فالدِفءُ يُعَمِّرُ أضْلُعَنا
ولَهِيبُ الأرضِ بِنا يَسْرِي...
وإذَا بَحَّتْ لَكَ أُغْنِيَةٌ
أَوْ أَنَّتْ قَدمٌ حافِيَةٌ
فَشُمُوسُ رِفاقِكَ آتِيَةٌ
وسَتُشْرِقُ مِنْ غَضَبِ الفَقْر

حوش الشباب والابداع...من احلامهم نبع واليهم يعود
ثلاثة ايام من الابداع، ثلاثة ايام من الغناء منذ ساعات الصباح الاولى الى اواخر الليل، ثلاثة ايام والحوش قبلة للمثقفين والمبدعين والمواطنين الذين يقطنون الحارة وماجاورها.
في الافتتاح تكون المتعة مع موسيقى مميزة، يستقبل جماعة «الحوش» ضيوفهم بموسيقى من عزف وتصميم المبدع اسامة السعيدي ذاك الفنان العاشق للاختلاف في موسيقاه، وغناء الفراشة صاحبة الصوت الجميل هاجر سعادة التي كانت في مجموعة فنار، في الحوش أيضا استمتع الحضور بالصوت العذب للمتمردة حذامي القاسمي كما يسميها أصدقاؤها، وانتشوا برقصات ابناء مجموعة «خنقة» تلك المجموعة المقاومة التي عانت الكثير قبل ان تجد مكانا يحضنها ويجمع شتاتهم، في الحوش غنى الطفلان وسيم وأسامة وعلى نغمات الجاز كانت المتعة مع قصيد الشاعر آدم فتحي يا وليدي، قصيد اجتمعت فيه نغمات الة القيثارة الرقيقة مع كلمات ثورية تدعو الى المقاومة و التمسك بالراي قدمها طفلان صغيران فكانت مزاوجة جد ممتعة ومختلفة
عزف مميز وألحان مختلفة قدمتها الطفلتان الحاملان لمشعل الابداع والتفرد في الجهة، وفي تصريح اكد ضو العوني ان الحوش هو موطن من لا موطن لهم، فالحوش حوش كل فنان ومبدع في جهة مدنين، هو فضاؤهم للاجتماع، فضاؤهم لممارسة ابداعاتهم.
في اليوم الاول استمتع الجميع بفن السلام، كلمات منثورة تتغنى بالحب بالامل وتدعو الى التمسك بسلاح الثقافة لمواجهة مخاطر الراهن، حمدي مجدوب عن جمعية كلام الشارع، حمدي مجدوب قدم طيلة اليومين مجموعة من المداخلات وقرأ لضيوف «الحوش»، امتعهم واضحكهم بطريقته المختلفة في القراءة والتعامل مع الكلمات.
الحوش...بالحراير وللحراير
«الحوش، حوشكم الناس الكل، الحوش حوش الحراير زاده» هكذا قال احد المشرفين وهو يستقبل الزوار، هناك في مدنين وبمنطق «الحوم» والاحياء كمال يقال لم يكن الحوش حكرا على الابداع الرجالي ، بل حضرت المرأة وبامتياز في كل فعاليات افتتاح الحوش، افتتح على وقع زغاريد والدة الفنان خالد اللملومي السيدة خديجة ، تلك المرأة التي تؤمن هي الاخرى باهمية الفنون امرأة تشجع ابنها على ممارسة الفن في وسط ريفي ليس بالسهل خاصة وكل الامهات يملن الى الشعب العلمية، والدة الفنان خالد اللملومي كانت السباقة في الترحيب بضيوف الحوش بالزغاريد والبخور .
في «الحوش» كانت المرأة هي رمز للوطن، رمز الإبداع هي «الولاّدة، والخلاقة» هي شامة العز و فارسة ابدية تقاوم كل اشكال الرجعية، في الحوش قرأت صفاء برجي للمرأة وقالت بالدارجة التونسية» بوهالي اللعنة عليه، في ساعة جهل يقول على جدايتي ماتسويش، ناسي صيحة الفلاقة، ناسي حفنة الكرتوش في حواليها، هي الجازية الكاهية ، ريحة الخضراء وجبالها».
في الحوش ومنذ اليوم الاول والعروض الاولى كانت المرأة حاضرة وبقوة، وغنت هاجر سعادة وأمتعت الكل، وقدم خالد اللمولي جزء من عرض «بنت الحوش» وهو عرض غنائي مسرحي راقص سينجز في الحوش نص صفاء برجي وغناء هاجر سعادة و تمثيل خالد اللملومي، وقدمت الممثلة هاجر عرض «ها فضيلة» من انتاج الحوش أيضا وستكون المرأة حاضرة في الحوش من خلال النوادي او الادارة، فالمرأة نبراس هذا الوطن ورمز الصمود فيه.
هنا مدنين، هنا الحوش هنا ولد الحلم صغيرا، كان مجرد فكرة لقيت الترحيب وأناسا حالمين اجتهدوا ليجسدوا حلمهم ويكون لمدنين حوشها الخاص، حوش فني منذ يومه الاول قدم العديد من الفنون وكان قبلة ابناء الجهة من فنانين ومبدعين، فجميعهم جاء ليكتشف حوش الفنون ومن دخل الحوش سيشعر انه يريد العودة حتما ليعرف بقية الاسرار.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115