سبيكيلوم الرومانية، ترى اليوم أن من حقها على الجميع أن يكون لها مهرجانها الثقافي، شأنها شأن عديد جهات الجمهورية، كيف لا وهي الحارس الأمين، والمرابط الذي لا يكلّ ولا يملّ، على حدودنا الغربية مع القطر الجزائري، تذود على حرمة الوطن، بكل ما اوتيت من قوة، وتقف سدا منيعا، أمام كل من تسول له نفسه المساس بأمن البلاد والعباد. ورغم فقرها وحرمانها، وانعدام المرافق الأساسية والترفيهية بها، إلا أنها كانت ولا زالت صامدة وشامخة، شموخ الباسقات فوق قمم الجبال، وان كانت حدائق بابل المعلقة تعد من عجائب الدنيا السبعة، فان واحات سبيكيلوم -الشبيكة- المعلقة لا تقل أهمية، وكان بالامكان ان تكون في افضل حال، لو حظيت بالعناية المطلوبة، ورغم ذلك ايضا، لم تفكر يوما في الاحتجاج أو الاعتصام، ولم نر أو نسمع عن مظاهر الحرق والنهب والفوضى بها، وقطع الطرقات، والتعدي على هيبة الدولة.
هذه المناطق الحدودية الصامدة وجدت في الجمعية التونسية للتنشيط الثقافي والسياحي، بمعية نخبة من شبابها ومثقفيها، الاطار الامثل لاعداد برنامج طموح لمهرجان، أطلق عليه إسم: «سبيكيلوم فنون وسياحة»، استجابة لقرار، وزارة الشؤون الثقافية، التي اطلقت المشروع الثقافي الوطني «مدن الفنون»، وأعلن وزير الشؤون الثقافية، الدكتور محمد زين العابدين، عن اهدافه وتوجهاته خلال زيارته إلى ولاية توزر خلال شهر اكتوبر الفارط، وفي نفس الاطار شجع الجمعيات على المبادرة بتقديم برامج في الغرض، فكان هذا المهرجان هو الأول من نوعه، ومن أولى المطالب التي قدمت إلى وزارة الشؤون الثقافية، وحدد تاريخه من 23 إلى 25 ديسمبر. وتمت مراسلة الوزارة عن طريق الجمعية، والمندوبية الجهوية للشؤون الثقافية، وايضا عن طريق والي توزر، ومضت أيام ثم أسابيع، ولا حياة لمن ينادي، ثم تمت
مراسلة السيد وزير الشؤون الثقافية عبر الفاكس لطلب المقابلة، ولكن لا من مجيب ايضا. ولم يبق أمام سبيكيلوم المحرومة ومسلوبة الحقوق (حتى الثقافية منها)، والتي اصبحت فرحتها لا توصف بهذا المهرجان، إلا أن توجة هذا النداء إلى السيد وزير الشؤون الثقافية، للنظر في مطلبها المشروع، وايلاء هذه المناطق الحدودية والريفية، التي لا يزال الماء الصالح للشراب، يصلها بواسطة الصهاريح، حتى لا نتحدث عن التثقيف والترفيه، بعض الرعاية والاهتمام، في اطار اللا مركزية الثقافية... والتميز الايجابي لفائدة المناطق الداخلية... والأولوية للمناطق الحدودية والريفية... والثقافة للجميع... وما إلى ذلك، حتى لا تضطر الأطراف المنطمة للمهرجان إلى الإعلان عن تأجيله، أو الغائه، وتتواصل بذلك معاناة هذه المناطق، من جراء التجاهل والتهميش...