اليوم الثاني لـ«زردة السينما» المدرسة الابتدائية المحجوبة: هنا لنا موطن للحلم والجمال

«المغرب» - المحجوبة (الكاف) - مفيدة خليل
احلموا حلقوا عاليا بأحلامكم وآمالكم، لكم المدرسة فهي وطن مصغر يحتضن أحلامكم وجموحكم ، لكم مربين ارتقوا كل مراحل الإنسانية ليقدموا لكم كل مقومات الجمال، هنا في حضن مدرسة ابتدائية تعود إلى العام 1960، هنا في مكان ريفي يفتقر إلى كل مقومات

الترفيه والثقافة هنا أطفال حالمون عاشقون للجمال هنا حط رحال اليوم الثاني لزردة السينما ليقدموا لصغار المدرسة الابتدائية المحجوبة موعدا مع الحلم ليسافروا على مطية الإبداع.
اليوم الثاني لزردة السينما خصصته هيئة المهرجان ومنشطي دار الشباب محمد القمودي بالكاف إلى المدرسة الابتدائية المحجوبة، يوم حلم فيه الأطفال وقدمت فيه هيئة المهرجان مجموعة من الفقرات التنشيطية تماهت فيها عدة فنون منها الموسيقى والرقص والسينما فقط لضمان متعة الأطفال ورسم ضحكة صادقة على محياهم.

نحن أبناء هذا الوطن وملحه وحلمه
طريق طويلة جبلية بين الكاف المدينة ومنطقة محجوبة، الكاف المدينة، فمفترق الشهيد سقراط الشارني ثم الكاف الغربية فالكدرمي فسيدي مطيرثم قرن الحلفاية وسيدي رابح فتاجروين، فوادي السراط ثم المحجوبة.
مدرسة ابتدائية تقع على الطريق بين المنازل المترامية، شيوخ استقبلوا ضيوفهم من مدخل القرية، امام المدرسة «جنة الصغار» كما سمتها إحدى التلميذات، أكثر من 80 تلميذا جميعهم قدموا منذ الثامنة صباحا للاستمتاع، لمشاهدة السينما والرقص والغناء.
في بهو المدرسة ارتفعت الموسيقى عاليا وكأنها تنبه الكل أن استيقظوا وتوافدوا إلى المدرسة لمعانقة كل تجليات الحلم، اسراء و خلود ونضال واريج وزهرة جميعهن لم تتجاوز اعمارهن الثلاثة اعوام جئن «لنرقص مع آنستي» على حد قولهنّ.
هنا في بهو المدرسة الموشاة بأجمل الألوان، لكل ركن زينته ولكل حائط لوحة فنية تميزه عن الاخر، الرسومات تبدوا أنها من صنع الأطفال والتلاميذ وأكد المدير انه يرسم الشكل الخارجي ويترك للاطفال فرصة التزيين، فكلما رسم طفل او زين المدرسة إلا وزاد انتماءه لمدرسته .

هنا صغار يعرفون ان مدرستهم هي فضاء الحلم الوحيد في المنطقة، هنا كل معالم الحرمان تتشكل وتتجسد في لوحة تشكيلية قبيحة تقلق العين وتضجر النفس وتجبر الاطفال على البحث عن بعض الامل وسط ظلام حالك وسواد قاتم مخيف كوادي السراط، لتكون المدرسة فضاء الصغار وقبلتهم يحجون اليها للدروس ويعتمرون فيها للمتعة ونسيان واقع مجحف.
في المدرسة الابتدائية المحجوبة أينما وليت وجدت صغارا يبدو الفقر على محياهم و الحاجة على ملابسهم ورغم ذلك هناك بريق أمل وضحكة تنتشي لها الروح، صغار يحلموا ليكونوا أفضل، متمسكون بارضهم وحلمهم وان جارت الظروف وكاننا أمام قولة توفيق زياد:

بأسناني ، سأحمي كلّ شبر
من ثرى وطني

بأسناني .. ولن أرضى بديلاً عنه
لو علقت من شريان شرياني ..

أنا باقٍ .. أسير محبتي لسياج داري

للندى .. للزنبق الحاني
أنا باقٍ .. ولن تقوى عليّ جميع صلباني

هنا في المدرسة الابتدائية المحجوبة صغار حلمهم أن يصبحوا معلمين واساتذة وقادة في الجيش وصحفيين وأطباء وطيارين وبالفعل «أنجبت المدرسة طبيبا عالجني لما مرضت» كما قال مدير المدرسة عبد السلام الوالي.

حين تنطق الطفولة وتتحدث عن وجيعة الاخرين
تحلقوا حول المنشطين، الكل يريد ان يشارك، الكل يريد ان يغني، الكل يريد ان يكون له دوره في تأثيث يوم مميز تعيشه المدرسة.
جلست على حافة العلم منهكة، نظرت الى الكاميرا بعيون ثابتة وجرأة منقطعة النظير، صوتها رقيق كملاك، غنّت بثقة في النفس للوطن لتونس الام، تحدثت عن مدرستها وقالت «هنا نجتمع كلنا لندرس، ونستمتع، في قريتنا البعيدة لا وجود لفضاء لنلتقي فيه، ولكن المعلمين يأتوننا بعروض مسرحية وسينمائية احيانا»، فمنذ اسبوعين كان للصغار موعد مع عرض مسرحي ضمن فعاليات ايام قرطاج المسرحية.

هديل فتاة العشرة اعوام ابنة المنطقة تقطن غير بعيد عن المدرسة، لما سُئلت عن النقائص تحدثت والعَبراتُ تخنقها «لن اتحدث عني فانا اقطن قرب المدرسة ولكن سأوجه ندائي إلى من يسمعنا ليلتفتوا إلى أبناء بير العفو، «أبناء خالي وأبناء عمومتي مساكن يفيقو من نومهم في الاربعة متاع الصباح ويجيو في كميونة ليصلوا الى المحجوبة» بحنكة الكبار ودموع طفلة موجوعة تحدثت عن وجيعة زملائها البعيدين عن المدرسة، تحدثت عمن يخافون من «فيضان الواد»، فوادي السراط غول يخيف الصغار حين تمطر، فالطريق يمر من وسط الوادي وكل مار من هناك سيطرح السؤال «كيف يعبرون الطريق عند المطر؟» سؤال اجابت عنه الطفلة الصغيرة بالقول « حين يفيض الوادي يضطر الأطفال للسباحة، ابناء بير العفو يصلون مبللين يحتملون المطر والوجيعة أثناء هطول المطر» بعبراتها ودموعها

توجهت التلميذة الى المسؤولين فهل ستستمع وزارة التجهيز الى نداء طفلة صغيرة تونسية الجنسية تقطن في احدى القرى البعيدة عن المدينة، تونسية ناشدت السلط للتدخل لحماية أترابها من خطر الغرق والبلل فهل من مجيب لبناء جسر ولو من خشب؟
باب ازرق كبير، الى يمينك قاعات الدرس، ثم باحة كبيرة يتوسطها مكتب المدير مكتب هدية من أستاذة التربية التقنية ابنة المنطقة، فبناء قديم جدا سكنه الحمام الان كان فيما مضى فضاء المدرسة الاول، المدرسة التي تعود الى عام 1960 واول المتعلمين درسوا في تلك

«البناية التابعة للسكك الحديدية» بناء كان محطة للقطار اثناء الاستعمار لازال يقاوم الى اليوم ربما تغيرت وظيفته وعوض البشر سكنه الحمام ولكنه ظل شاهدا على من مروا من تلك القرية ولازالت شاهدة على عراقة القرية.
تفرق الاطفال بعد سويعات من المتعة انتشوا فيها ، رقصوا وغنوا وشاهدوا السينما، عاشوا لحظات من السعادة تجسدت على وجوههم، اطفال كانوا كفراشات ترقص وتنشر الحبور وتغني على لسان ادم فتحي
«نحن نرعى الزهور وتحب الجمال ونريد الطيور حرة في الاعالي، فاذا ما الربيع لم يكن للجميع لن نطيع غير صوت الحمم» وغضب الطفولة اشد قسوة من حمم البراكين الغاضبة.

بسبب مماطلة الادارة الجهوية للتربية بالكاف
مختبر الاعلامية دون اعلامية
قاعة كبيرة، كتب على بابها مختبر الإعلامية، في الداخل قرابة العشرة حواسيب جميعها مغلقة، سالنا المدير هل تعمل قاعة الاعلامية فأجاب بالنفي وعن الاسباب اشار انها معطلة منذ فترة وراسل كثيرا الادارة الجهوية للتربية بالكاف دون مجيب، وفي تصريحه اشار المدير ان مدرسته تتمتع بالاعلامية منذ سنوات قبل الثورة عبر الأقمار الصناعية وكانت المدرسة فضاء لإقبال التلاميذ لانجاز بحوثهم في قاعة الانترنات ولكن منذ تعطلت الحواسيب وهم يراسلون الإدارة الجهوية بالتربية.
وهنا يمكن السؤال، قرية ريفية تفتقر لأبسط المقومات اليس من حق ابنائها تدخل السلط لإصلاح الحواسيب؟ الم يعد الوزير في برنامجه بلوحة رقمية (تابلات) لكل تلميذ؟.. أطفال المحجوبة لم يطلبوا (تابلات) بل يريدون حقهم في الحواسيب القارة يريدون فقط أن يتم إصلاحها لتعود قاعة الإعلامية الى النشاط.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115